انطلقت فعاليات الدورة ال78 من مهرجان كان السينمائي الدولي بعرض افتتاحي مميز للفيلم الفرنسي "الرحيل يومًا ما" (Partir Un Jour)، أولى التجارب الروائية الطويلة للمخرجة أميلي بونين، التي تدخل عالم السينما العالمية بثقة وإحساس عالٍ بالهوية الفنية والإنسانية. يحمل الفيلم، المقتبس عن نسخة قصيرة حصدت جائزة سيزار لأفضل فيلم قصير عام 2023، حكاية مؤثرة عن سيسيل، شابة طموحة على وشك افتتاح مطعمها الخاص، لكن إصابة والدها بنوبة قلبية تدفعها للعودة إلى قريتها، حيث تصطدم بماضٍ لم يُغلق بعد، حين تلتقي بحبيبها السابق، في رحلة وجدانية تعيد فتح الأسئلة القديمة. إحساس موسيقي وعودة لروح التسعينيات تميز الفيلم بطابعه الموسيقي الحالم، بفضل الأداء المميز للنجمة جولييت أرمانيه، التي شاركت في البطولة إلى جانب باستيان بويون، مقدّمين ثنائية درامية وصوتية تنبض بروح التسعينيات وتُضفي على العمل بُعدًا نوستالجيًا حميميًا. وقد ظهرت أرمانيه على السجادة الحمراء برفقة مخرجة العمل أميلي بونين، والممثلَين فرانسوا رولان وتوفيق جلاب، في حضور لفت أنظار الإعلام منذ اللحظة الأولى. أناقة محسوبة وتكريم أسطوري حفل الافتتاح هذا العام حمل طابعًا كلاسيكيًا رصينًا، حيث طغى اللون الأسود والإطلالات الراقية على السجادة الحمراء، تماشيًا مع قواعد المهرجان الجديدة التي تحظر الملابس الخارجة عن المألوف. خطوة لاقت ترحيبًا واسعًا من المتابعين، في ظل سعي المنظمين لإعادة الرصانة الفنية للمهرجان بعد موجات انتقاد سابقة. كما شهدت الأمسية لحظة استثنائية بتكريم أسطورة السينما العالمية روبرت دي نيرو، الذي تسلم السعفة الذهبية الفخرية من النجم ليوناردو دي كابريو، تقديرًا لمسيرته الطويلة والمليئة بالنجاحات. وشاركت المغنية الفرنسية ميلين فارمر في إحياء الحفل بعرض غنائي ساحر أضفى لمسة فنية راقية على أجواء الافتتاح. فرنسا تؤكد ريادتها السينمائية يستمر مهرجان كان في جذب أنظار العالم نحو الريفييرا الفرنسية، مع مشاركة واسعة من نجوم وصنّاع السينما الدوليين. ويؤكد المهرجان هذا العام، من خلال فيلم افتتاحه وأجوائه العامة، أن السينما الفرنسية ما زالت تمتلك صوتًا فنيًا عميقًا، قادرًا على الجمع بين الحنين والرؤية المعاصرة، والاحتفاء بالفن السابع بروح راقية وناضجة.