إدراج منطقة دير جبل الطير ضمن المسار إذا أردت أن ترى كف المسيح عليه السلام.. وتلمس بيديك أشجارًا وجبالًا انحنت له إجلالًا وترحيبًا.. فاذهب إلى المنيا، وإذا أردت أن تزور حفيد النبى محمد صلى الله عليه وسلم وتستأنس بالجلوس إلى عدد من صحابة النبى.. فاذهب إلى المنيا، وإذا حدثت نفسك برؤية أساطير فرعونية صوتًا وصورة فما عليك إلا أن تذهب إلى المنيا. هنا عاش السيد المسيح.... عليه السلام والسيدة العذراء، هنا ينبت السلام ترعاه الأيادى والقلوب، ويهطل الحب مدرارا، لا حدود ولا أحقاد تفرّق هذا عن ذلك، وهنا يتنامى إلى أسماعنا صوت كل الحضارات التى مرّت من هنا، وهنا أيضا وشم التاريخ أكثر ما أمكن من الرموز والنقوش، لتكون قرائن وشواهد وأدلّة على أن الإنسانية بمختلف اعراقها ومشاربها وهوياتها مرّت من هنا وحطّت الرحال، وجعلت من المكان مستقرّا وجنّة مقدّسة، إنك وأنت تطأ المكان لابد أن تشعر بتلك الرهبة والخشوع اللذين يغزوان داخلك احتراما لكلّ ذلك الزخم من المعالم التاريخية والدينية والإنسانية، قف واستقم واخشع فإنك فى المنيا! فالمنيا ليست مجرد أرض وبشر ونيل وزرع ولكنها سجل تاريخى ليس له مثيل.. ففيها أقام الفراعنة حينا من الدهر وتركوا آثارًا ونقوشًا تحكى أساطير مثيرة.. وفيها عاش المسيح والقديسة العذراء «عليهما السلام» وتركوا آثارًا تهفو لها القلوب.. حتى أن الكف الشريفة للسيد المسيح انطبعت على أحد جبال المنيا ومازال أثرها باقيًا، وفى المنيا أيضًا آثار إسلامية نادرة. «الوفد» تلقى الضوء على المنطقة الأثرية الدينية الهامة، وما تحويه من مزارات سياحية، جعلتها تستقبل نحو 2 مليون زائر سنويًا، قبل أن يُدرجها بابا الفاتيكان ضمن مسار العائلة المُقدسة، وأعمال التطوير التى من شأنها أن تُزيد من أعداد الزائرين والسائحين. توضح الدراسات الموثقة عن مباركة العائلة المقدسة لمحافظة المنيا، حيث مرت على البهنسا، وجبل الطير، والذى يقع على بعد 5 كيلو مترات من الضفة الشرقية لنهر النيل بمركز سمالوط، شمال محافظة المنيا والذى شهد رحلة العائلة المقدسة ل«مصر»، واختبأت فيه ثلاثة أيام وتركت تراثًا فى ذلك المكان، ما جعل المكان ذا قيمة تراثية استثنائية يستحق التسجيل تراثا عالميا باليونسكو. بينما يلقى القمص متى كامل، كاهن كنيسة السيدة العذراء بجبل الطير، موضحًا أن الملكة هيلانة أم الإمبراطور قسطنطين الأول جاءت إلى جبل الطير عام 328 م، وعندما علمت من الأهالى أن العائلة المقدسة زارت هذه المنطقة واختبأت فى المغارة، أمرت بنحت وتفريغ الصخرة المحيطة بالمغارة، وأطلقت عليها اسم كنيسة السيدة العذراء، وهى عبارة عن صخرة واحدة تم تفريغها إلى أربعة حوائط صخرية، وبالصحن عشرة أعمدة صخرية، وفى عام 1938 تم تجديد وبناء الطابقين الثانى والثالث بالكنيسة. وأضاف القمص متى، انه يوجد داخل كنيسة «دير جبل الطير» خمس مناطق أثرية هى «المغارة» و«المعمودية» الأثرية وهى منحوتة فى أحد أعمدة الكنيسة، ويرجع تاريخها إلى القرن الرابع الميلادى، و«اللقان الأثري» بصحن الكنيسة وهو عبارة عن تجويف تستخدمه الكنيسة، و«حامل الأيقونات»، كما توجد «أيقونة السيدة العذراء»، وأيقونة القديسة دميانة والأربعين عذراء، وأيقونة القديس العظيم مار جرجس ويرجع تاريخ هذه الأيقونات إلى عام 1554 للشهداء وقام برسم هذه الأيقونات، الفنان انسطاسى القدسى أو الرومى وأيقونة السيدة العذراء، رسمها القديس لوقا الطبيب، كما توجد أيقونة أخرى للعذراء مريم والسيد المسيح. ويشير القمص ثوفيلوس، كاهن كنيسة أبو مقار بجبل الطير، إلى أنه ومن خلال الدراسة إلى التراث اللامادى بجبل الطير، الذى أطلق عليه هذا الاسم نسبة إلى طيور البوقيرس المهاجرة، التى كانت تأتى سنويًا وتستقر على سفح الجبل وتنقر بمنقارها فى صدع الجبل، وسمى أيضا الدير بالبكارة، ويطلق أحيانًا على المنطقة دير الكف أو جبل الكف أو كنيسة الكف، تكريمًا لكف السيد المسيح التى طبعت على الصخرة، ويوجد الكثير من القصص والروايات والمعجزات. ويتابع أن هناك حوالى ثلاثة ملايين زائر من المسلمين والمسيحيين، يشاركون فى الاحتفال بالذكرى السنوية التى تستمر لمدة عشرة أيام ويقصد الجميع هذا الدير للتبرك به والدعاء بقضاء الحوائج ويحرصون على تكرار الزيارة التى يتم تحديدها فى شهر مايو من كل عام ويتوافد ما يقرب من 3 ملايين زائر من المواطنين من انحاء محافظات مصر المختلفة، ولذلك أصبحت منطقة تراث عالمى، حيث تنطبق عليها شروط الإدراج فى قائمة اليونسكو للتراث العالمى، الذى يستلزم مجموعة من الشروط والضوابط الواجب توافرها فى الأثر أو المزار أو الموقع. ومدينة البهنسا إحدى قرى مركز بنى مزار، والواقعة أقصى شمال محافظة المنيا، منذ زمن بعيد، حكمها حاكم رومانى جبار يسمى بطلميوس وكانت له فتاة ذات حسن وجمال، ومن شدة جمالها أطلق عليها بهاء النسا ومن هنا سميت المدينة ب«البهنسا»، ومن المعالم التاريخية الموجودة فيها شجرة مريم «عليها السلام»، وسميت كذلك لأنه يقال إن مريم العذراء انحنت تلك الشجرة لها وجلست تحتها ومعها المسيح عيسى بن مريم، لتستظل بها عندما كانوا فى رحلة إلى صعيد مصر. ويعد مزار شجرة مريم هو أكثر مزار يقصده الأقباط، والذى يؤكد أحد خدام هذه الشجرة أن عمرها يرجع لآلاف السنين وهى عبارة عن شجرة تقع بجوار بئر مردومة شربت منها السيدة العذراء وطفلها عيسى، وذكر أهالى البهنسا، أن شهادات الأجداد أكدت أن المسلمين حينما دخلوا البهنسا وكانت الشجرة والبئر على حالهما حافظوا عليهما وشربوا من البئر تبركا بها لأن نبى الله المسيح عيسى بن مريم شرب منها، واستظلوا بالشجرة كذلك وحافظوا عليها، وقيل إنهم عمقوها وحافظوا على آثار العائلة المقدسة بالبهنسا. قال الدكتور ثروت الأزهرى، مدير إدارة السياحة فى المنيا، إن الكنيسة المتواجدة داخل الدير، تحمل اسم السيدة العذراء أنشأتها الملكة والقديسة هيلانة 328 ميلادية وجدّدها الأنبا ساويرس مطران المنيا والأشمونين 1938 ميلادية ويوجد داخلها مغارة تُسمى السيدة العذراء اختبأت فيها العائلة المُقدسة 3 أيام، إضافة إلى هيكل من الخشب به زخارف منفذة بالحشوات المجمعة يعلوه صور ل«العذراء» و«القديسين»، كما يعلو صحن الكنيسة قبة قائمة على مناطق انتقال من جسور حجرية ويُحيط بالجدران الداخلية مصاطب منحوتة للجلوس عليها، بالإضافة إلى الأيقونات والمعمودية الأثرية. وأوضح أشرف رزق شاروبيم، احد مثقفى جبل الطير، أن العائلة المقدسة وصلت إلى منطقة جبل الطير قادمة من قرية البهنسا فى مركز بنى مزار شمال مُحافظة المنيا خلال رحلة هروبها من بطش الرومان، وتضم المنطقة أيضًا، ديرًا أثريًا يقع مدخله الرئيسى فى الناحية الغربية مواجهًا للهيكل، وجدرانه بها أعداد كبيرة من النوافذ، وفى الناحية الشمالية توجد بروز تعلوها المنارة المركب فيها جرس الكنيسة، بينما يعلو الجدار الغربى 4 نوافذ على شكل صليب ويوجد داخله ممر مستطيل أمام الباب الجنوبى ولوحة من الفسيفساء فى الجدار الشرقى وفى الجهة الغربية سلم صاعد إلى أعلى الدير، كما يوجد سلم داخل الممر المتواجد أمام الباب الغربى يصل إلى أعلى الدير، مضيفا ان البعض يطلق على الدير اسم جبل الطير، بسبب تجمع أعداد كبيرة من «طير البوقيرس» داخله، كما يطلق عليه البعض اسم جبل الكف لمنع «عيسى عليه السلام» سقوط صخرة عليه ووالدته بعد أن أشار إليها ب«كف يده» التى انطبعت على الصخرة حتى الآن ويتم عرضها داخل «المتحف البريطاني»، كما يشتهر باسم دير «البكارة» لوجود بكرة كانت تستخدم فى الصعود والنزول من الجبل. ومن ضمن محتويات المنطقة أيضا شجرة لبخ عالية تسمى «العابد» تكون جميع فروعها هابطة باتجاه الأرض ثم صاعدة بالأوراق الخضراء يُقال لأنها سجدت ل«السيد المسيح»، وشكّلت محافظة المنيا لجنة لتطوير المنطقة، من خلال إنشاء عدد من المحلات التُجارية وبعض المكاتب الإدارية ونقطة أمنية متكاملة وبها «إسعاف وإطفاء» وعدد من الأماكن المخصصة لاستراحة المواطنين ومسطحات خضراء ودورات مياه ومحطة مياه للشرب والصرف الصحى، ومحطة معالجة ثلاثية وتشجير الطرق وتطوير المرسى النيلى وتجميل القرية بأكملها. وتحمل ذكرى دخول العائلة المقدسة مصر أهمية تاريخية ودينية كبيرة لدى المصريين، كما أنها تعد من التراث الدينى العالمى والذى تنفرد به مصر عن سائر بلدان العالم، وبفضلها تبوأت الكنيسة القبطية المصرية مكانة دينية خاصة بين الكنائس المسيحية فى العالم، لارتباطها بهذه الرحلة المباركة لأرض مصر الغالية على مدار أكثر من 3 أعوام والنصف، باركت خلالها العائلة أكثر من 25 بقعة فى ربوع مصر المختلفة تحمل ذكراهم العطرة، حيث تنقلت بين جنباتها من ساحل سيناء شرقا إلى دلتا النيل حتى وصلت إلى أقاصى صعيد مصر. وعن شجرة العابد بجبل الطير يضيف أشرف رزق شاروبيم من أبناء القرية: هذه الشجرة من أشجار اللبخ ذات الأوراق الخضراء ويطلق عليها أهل المنطقة شجرة العابد وتلك الشجرة هى التى سجدت للمسيح عند مروره من أمامها وذكرت قصتها فى الروايات التى تحدثت عن مجيء العائلة المقدسة إلى أرض مصر. وكان اللواء أسامة القاضى، محافظ المنيا، قد اعلن الانتهاء من التطوير الشامل لمسار العائلة المقدسة بمنطقة دير جبل الطير، شرق النيل بمركز سمالوط، بعد أن تم إدراج الدير من قبل بابا الفاتيكان ضمن مسار العائلة المقدسة على مستوى العالم، وأكد المحافظ الانتهاء من النقاط المحددة لتنفيذ الأعمال بالتنسيق مع جهاز الخدمة الوطنية لخروج مشروع التطوير فى أفضل صورة ممكنة وبشكل يليق باسم مصر فى المنطقة والعالم، ما يحقق استراتيجية شاملة ومحكمة لرؤية مصر المستقبلية للقطاع السياحى. وأضاف «القاضى» خلال جولة بالمنطقة، أنه تم إنهاء الأعمال التى تم تنفيذها بالمدخل الرئيسى للمنطقة والاستراحة والطريق السياحى، وكذلك الانتهاء من تركيب اللوحات الإرشادية وتمهيد الطريق المودى للكنيسة الأثرية بالبازلت وأعمال التشجير، وقال المحافظ، إن هناك اهتماما كبيرا من القيادة السياسية للدولة، لتنفيذ أعمال التطوير الشامل لمسار العائلة المقدسة بجميع المحافظات، والذى يعد أهم المشروعات التراثية والحضارية والثقافية والدينية لتضاف لرصيد الانجازات التى حققتها مصر على الصعيد الثقافى والحضارى. يذكر أنه تم إدراج منطقة دير جبل الطير، ضمن رحلة العائلة المقدسة، بعدد من محافظات الجمهورية، لتضع المحافظة على خريطة السياحة العالمية، وبما يسهم فى تحقيق التنمية الشاملة، وتوفير فرص عمل لأبناء المحافظة.