سعت صحيفة "الجارديان" البريطانية لإظهار الدور الكبير الذي لعبته النساء في ربيع الثورات الذي أجتاح الوطن العربي مؤخرا، حيث نجحت النساء في تنظيم مسيرات الاحتجاج، والتدوين الالكتروني، والإضراب عن الطعام، بل تقديم حياتهن أيضا، إلا أنهم لم يقطعن سوى خطوة صغيرة على الطريق المؤدي لحصولهن على قدر أكبر من المساواة مع الرجال، وتتساءل الصحيفة بعد كل هذا هل سيساند الربيع العربي المرأة؟. وقالت الصحيفة في التحقيق الذي نشرته اليوم السبت إنه " خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة التي شهدت الاضطرابات التي هزت المنطقة، كانت بعض المشاهد الأكثر تأثيرا مشهد النساء اللاتي يرتدين الملابس السوداء، في عواصم بلدان المغرب العربي وشبه الجزيرة العربية، والمناطق الداخلية في سوريا، يشاركن في التظاهر من أجل تغيير النظام، وإنهاء القمع، والإفراج عن ذويهم، أو يلقين بالخطابات وسط الجموع، أو يعالجن الجرحى، ويقدمن الطعام إلى المعتصمين في القاهرة والمنامة وقوات المعارضة المسلحة في شرق ليبيا. ويضيف تحقيق الصحيفة:"ربما تكون المرأة العربية ساندت الربيع العربي، ولكن يبقى أن نرى ما إذا كان الربيع العربي سيساند المرأة". ويوضح التحقيق أنه كان من الواضح في الثورة التونسية مطلع هذا العام، أن الصورة القديمة للمرأة العربية الخاضعة، يجب أن تتغير، ومن بين النخبة التي تلقت تعليما عاليا ومن بين أوساط الطبيبات والمحاميات وأساتذة الجامعة إلى الأعداد الكبيرة من الخريجات العاطلات عن العمل، كانت النساء هن اللاعبات الرئيسيات الفاعلات في الانتفاضة التي كانت بداية الربيع العربي. وفي القاهرة، قامت المرأة بدور فعال، ليس فقط في الاحتجاجات ولكن في كثير من الأعمال المنظمة الأساسية التي حولت ميدان التحرير من لحظة إلى حركة حيث تشارك المرأة في ترتيب تسليم المواد الغذائية والبطانيات، وتقديم المساعدات الطبية. وفي اليمن،كانت امرأة شابة، هي توكل كرمان، التي قادت أولى المظاهرات في حرم الجامعة ضد حكم علي عبد الله صالح. وقد ظهرت كرمان باعتبارها واحدة من قادة ثورة لا تزال حتى الآن قائمة. وفي البحرين، كانت النساء بين الموجة الأولى التي نزلت إلى دوار اللؤلؤة في العاصمة - بعضهن مع أطفالهن - للمطالبة بالتغيير. ووجدت الحركة البحرينية شخصية رئيسية في زينب خواجة، التي اضربت عن الطعام احتجاجا على ضرب زوجها وإلقاء القبض عليه. وفي ليبيا، كانت المرأة في الطليعة، فقد تظاهرت أمهات وشقيقات وأرامل الرجال الذين قتلوا في مجزرة وقعت في أحد السجون في عام 1996 خارج مبنى محكمة في بنغازي بعد اعتقال محاميهم. ولم تفلت المرأة من دفع التكلفة البشرية لهذه الانتفاضة، فخلال قمع الشرطة للثورة التونسية، تعرضت المرأة للضرب على أيدي رجال الأمن، وفي المناطق الريفية تعرضت نساء كثيرات للاغتصاب على أيدي الشرطة بعد فض المظاهرات. وفي طرابلس بليبيا ظهرت ايمان العبيدي لكي تعلن أمام كاميرات التليفزيون أنها تعرضت للاغتصاب من قِبل حوالي 15 فردا من أفراد القوات الموالية للقذافي، ولكن لم تكن كل النساء ضمن المظاهرات المطالبة بالتغيير ففي اليمن كان هناك من تظاهرن لتأييد الرئيس علي عبد الله صالح. وفي غرب ليبيا، غابت المرأة إلى حد كبير عن الاحتجاجات التي وقعت في المدينة في البداية قبل أن تتعرض للقمع العنيف من قبل قوات النظام. وكان من المألوف مشاهدة بعض النساء يهتفن ويزغردن للعقيد معمر القذافي. وعندما ظهرت عائشة القذافي ابنة العقيد معمرالقذافي البالغة من العمر 34 عاما، في شرفة مبنى لكي تخطب في حشد من النساء قابلها الجميع بالهتافات المدوية، فهي بالنسبة لهن تعتبر رمزا بما تتمتع به من ذكاء ودهاء وجاذبية وميل لارتداء أحدث الأزياء والتصميمات، وهي أيضا شقراء، وتعتبر كلوديا شيفر ليبيا. التحقيق الطويل يتوصل إلى أن الربيع العربي لم يكن من أجل المساواة بين الجنسين كما تجمع النساء في جميع البلدان المعنية، وتشعر الكثيرات منهن بأن الرجال الذين حرصوا على وجود النساء في الشارع يتظاهرن من أجل الحرية قد لا يرحبون بوجود المرأة بعد ذلك في البرلمان والوزارات ومجالس الإدارة الحكومية والتجارية. أما اللوبي النسوي في تونس فيعتبر أن المعركة الحقيقية بدأت الآن فقط، بعد الثورة، علما بأن من بين الشباب التونسي المتعلم العاطلين عن العمل الذين كانوا وراء الثورة، الثلثان من النساء، ولا يزال هناك تفاوت صارخ في الأجور وتفضيل الذكور على الاناث في الميراث. لكن المعركة الأولى تتعلق بدور المرأة في السياسة.