السيد أعلن الرئيس المصري الدكتور محمد مرسي يوم الأحد الماضي حالة الطوارئ لمدة شهر في كل من بورسعيد والإسماعيليةوالسويس، وتأتي قرارات مرسي بعد حالة الفوضى التي شهدتها مصر من اضطرابات وأعمال عنف في مناطق عدة سقط فيها 46 قتيلا، منهم 37 قتيلا سقطوا في مدينة بورسعيد، وثمانية في السويس وواحد في الإسماعيلية. كما أعلن الرئيس المصري فرض حظر التجوال ليلاً في المحافظات الثلاث من الساعة التاسعة مساء إلى السادسة صباحا طوال مدة سريان حالة الطوارئ. ووفقا للدستور الجديد، فإنه يجب على رئيس الجمهورية عرض إعلان حالة الطوارئ على مجلس النواب خلال سبعة أيام من لحظة الإعلان وذلك حسب المادة (148) من الدستور الجديد، والمقروءة: "يعلن رئيس الجمهورية، بعد أخذ رأي الحكومة، حالة الطوارئ، على النحو الذي ينظمه القانون، ويجب عرض هذا الإعلان على مجلس النواب خلال الأيام السبعة التالية، وإذا حدث الإعلان في غير دور الانعقاد وجبت دعوة المجلس للانعقاد فوراً للعرض عليه، وفي حالة حل المجلس يعرض الأمر على مجلس الشورى، وذلك كله بمراعاة المدة المنصوص عليها في الفقرة السابقة". واشترطت المادة (148) لإعلان حالة الطوارئ "موافقة أغلبية عدد أعضاء كل من المجلسين على إعلان حالة الطوارئ، ويكون إعلانها لمدة محددة لا تتجاوز ستة أشهر، لا تمد إلا لمدة أخرى مماثلة بعد موافقة الشعب في استفتاء عام، ولا يجوز حل مجلس النواب أثناء سريان حالة الطوارئ". في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، صادق البرلمان المصري على تمديد قانون الطوارئ لمدة عامين آخرين، وفي 10 سبتمبر 2011 قرر المجلس العسكري الذي كان يقوم بأعباء رئيس الجمهورية في مصر بإعلان حالة الطوارئ بعد أحداث السفارة الإسرائيلية في مصر، ولكن بعد اندلاع الربيع العربي في مصر في 25 يناير 2011 وسقوط حسني مبارك، أعلن الدكتور محمد مرسي في مؤتمر صحافي قبل الانتخابات الرئاسية أن: "حالة الطوارئ إلى غير رجعة، لا حاجة لنا إلى حالة الطوارئ، وليس هناك حاجة لها. لن تكون هناك طوارئ في المستقبل منذ الآن". ولم تكن تلك هي المرة الأولى - ويسود الاعتقاد بأنها لن تكون الأخيرة - التي يتراجع فيها الرئيس مرسي عن قراراته. ورغم إعلان حظر التجوال، إلا أن المواطنين في المدن المشمولة بالحظر لم يلتزموا بالقرار، مما أسقط هيبة الحكومة، وعلى ضوء ذلك قام مرسي في خطوة مفاجئة بتفويض المحافظين في مدن القناة بتحديد إمكانية تخفيف أو إلغاء حظر التجول. ولكن هذه المرة تعود حالة الطوارئ إلى الحياة مرة أخرى من تحت جلباب الإخوان المسلمين وهم في السلطة، حيث كانوا يرفضون حالة الطوارئ في زمن الرئيس المخلوع حسني مبارك كما كان يرفضها جميع فئات الشعب المصري والمنظمات الحقوقية والمدنية. ونحن عندما نرفض ونستنكر كشعوب عربية ما يحدث في مصر من اضطرابات وإعلان لحالة الطوارئ، فإن استنكارنا ينبع من حقيقة أننا نرى في مصر القوة الحقيقية لوجودنا كأمة عربية متماسكة وشعوب تتمنى أن ترى كل أسباب دعائم الحكم الرشيد في عاصمة المعز حتى تعم أرجاء الوطن العربي. نتمنى هذه المرة ألا يخرج بعض العلماء بفتاوى ومبررات دينية تسمح بإعلان حالة الطوارئ لتعطي الشرعية لأي حاكم بأن يستخدمها معولاً لهدم إرادة الشعب، فالإسلام أنقى من أن يدنس ببعض قرارات السلطة والسياسة الطارئة التي تأتي على حين غرة، وهنا نردد ما قاله فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي (رحمه الله): "أتمنى أن يصل الدين إلى أهل السياسة وألا يصل أهل الدين إلى السياسة". نقلا عن صحيفة الشرق القطرية