انطلاق تكبيرات صلاة عيد الأضحي بمسجد مصر بالعاصمة الجديدة    بحضور السيسي.. مدبولي والطيب ووزيري الدفاع والداخلية يؤدون صلاة العيد بالعاصمة الجديدة    متحدث الأمين العام للأمم المتحدة: نحتاج إلى المحاسبة على كل الجرائم التي ارتكبت في غزة    كأس العالم للأندية| الأهلي يغادر فندق الإقامة لخوض المران الأول    الونش: الفوز بالكأس أبلغ رد على الانتقادات    بالسجاد.. ساحات دمياط تستعد لاستقبال المصلين في عيد الأضحى    مصرع 3 أشخاص إثر انقلاب سيارة فى الإسماعيلية    «علي صوتك بالغنا».. مها الصغير تغني على الهواء (فيديو)    خليل الحية: حماس لم ترفض مقترح ستيف ويتكوف الأخير بل قدمنا تعديلات عليه    محافظ القليوبية يتابع استعدادات وجاهزيه الساحات لاستقبال المصلين    أسعار الخضروات والأسماك والدواجن اليوم 6 يونيو بسوق العبور للجملة    ناصر منسي: كنت على يقين بتسجيلي هدفاً في نهائي الكأس    خاص| الدبيكي: مصر تدعم بيئة العمل الآمنة وتعزز حماية العاملين من المخاطر    توقف الرحلات الجوية في مطاري دوموديدوفو وجوكوفسكي بموسكو وإسقاط مسيّرات أوكرانية    السيطرة على حريق ميكروباص بمحيط موقف السويس    «محور المقاومة».. صحيفة أمريكية تكشف تحركات إيران لاستعادة قوتها بمعاونة الصين    عيدالاضحى 2025 الآن.. الموعد الرسمي لصلاة العيد الكبير في جميع المحافظات (الساعة كام)    سنن وآداب صلاة عيد الأضحى المبارك للرجال والنساء في العيد (تعرف عليها)    اليوم.. وزارة الأوقاف تفتتح 8 مساجد جديدة بالمحافظات    تحرك أمني لضبط صاحب شركة مقاولات وهمية نصب على المواطنين في ملايين الجنيهات بالهرم    موعد ظهور نتائج سنوات النقل في الجيزة عبر بوابة التعليم الأساسي 2025 (تفاصيل)    أبو الغيط: الخروقات الإسرائيلية لوقف إطلاق النار بلبنان تهدد بتجدد العنف    عبارات تهنئة رومانسية لعيد الأضحى 2025.. قلها لحبيبك فى العيد    كيفية حفظ لحوم الأضاحي.. خطوات بسيطة لصحة آمنة في عيد الأضحى    «ظلمني وطلب مني هذا الطلب».. أفشة يفتح النار على كولر    محافظ الأقصر يتفقد ساحة أبو الحجاج استعدادًا لصلاة العيد (صور)    وفاة الإعلامية والكاتبة هدى العجيمي عن عمر 89 عاماً    الفرق بين صلاة عيد الأضحى والفطر .. أمين الفتوى يوضح    عمر جابر: جمهور الزمالك يستحق بطولة    مسجد نمرة.. مشعر ديني تُقام فيه الصلاة مرة واحدة في العالم    مصرع شابين وإصابة 4 آخرين أثناء سباق موتوسيكلات بكفر الشيخ    محمد أسامة: ثلاثي الزمالك استكمل المباراة مُصابين ونهدي اللقب لجمهورنا    4 قضاة في مرمى النيران، الجنائية الدولية تصف عقوبات واشنطن بمحاولة تقويض استقلاليتها    عقوبات أمريكية على 4 قضاة بالجنائية الدولية لإصدارهم مذكرات ضد نتنياهو    طرح البرومو الرسمي لفيلم the seven dogs    عيار 21 يقفز أكثر من 100 جنيها.. مفاجأة في أسعار الذهب محليا وعالميا أول أيام عيد الأضحى    بيراميدز يهنئ الزمالك بالفوز بكأس مصر    بالفيديو.. استقبال خاص من لاعبي الأهلي للصفقات الجديدة    محافظ قنا يستقبل ممثلي الأحزاب ونواب البرلمان للتهنئة بعيد الأضحى    كيرلي وقصات شعر جديدة.. زحام شديدة داخل صالونات الحلاقة في ليلة العيد    بعد طرحها.. "سوء اختيار" ل مسلم تتصدر تريند " يوتيوب" في مصر والسعودية    المايسترو تامر غنيم مديرًا للدورة 33 من مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية 2025    وفاة الإذاعية القديرة هدى العجيمي صاحبة برنامج «مع الآباء الشبان»    عاجل.. "الشهر العقاري" تواصل تقديم خدماتها خلال إجازة عيد الأضحى    رسميا بعد الانخفاض.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري الجمعة في أول أيام عيد الأضحى المبارك    سعر طن الحديد والاسمنت بسوق مواد البناء اليوم الجمعة 6 يونيو 2025    ما هي سُنة الإفطار يوم عيد الأضحى المبارك؟    سُنن الخروج لصلاة العيد.. احتفالات واتباع للسنة النبوية    خطوات عمل باديكير منزلي لتحصلي على قدمين جميلتين في عيد الأضحى    الإمام الأكبر يهنئ الرئيس السيسي وقادة العالم الإسلامي بعيد الأضحى المبارك    السيسي يؤدي صلاة عيد الأضحى اليوم في مسجد مصر بالعاصمة الجديدة    رئيس هيئة الرعاية الصحية يلتقي محافظ بورسعيد ويبحثان سبل تطوير الخدمات الصحية    قطر تهزم إيران بهدف نظيف وتنعش آمالها في التأهل إلى مونديال 2026    جامعة كفر الشيخ ترفع درجة الاستعداد بمستشفى كفر الشيخ الجامعى خلال العيد    في وقفة العيد.. «جميعه» يفاجئ العاملين بمستشفى القنايات ويحيل 3 للتحقيق (تفاصيل)    المهيرى: اتفاقية للحفاظ على حقوق العاملين ب «اقتصاد المنصات»    شيخ الأزهر يهنئ الرئيس السيسي والأمة الإسلامية بمناسبة عيد الأضحى    الصحة: فحص 17.8 مليون مواطن ضمن مبادرة الكشف عن الأمراض المزمنة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصطفى الغزاوي يكتب :ثورة جيل جديد
نشر في الوفد يوم 29 - 01 - 2013

كشفت وقائع الأيام الثلاثة الماضية أن هناك جيلا جديدا ولد من معانات العامين الماضيين تجاوز في أدائه وإصراره وقدراته حاله منذ عامين، وأن ظاهرة القتل لم تثنه عن الإصرار، وأنه لا يسلم أمره لأحد، وأنه لا يهاب الرصاص، وأنه صنع من موقفه اللحظي بوتقة تصهر المجتمع لينتج قياداته الطبيعية، وتجاوز كل المطروح عليه من أسماء أو أدوات أو بدائل، وكشف بإرادته عجز الجميع، سلطة أو معارضة، عن استيعاب طبيعة المرحلة وتواضع القدرات بما لا يسمح لأي منهم بثقة الجيل الجديد.
هذا الجيل لا يقبل أن يفوض أحدا للحديث باسمه، ويريد أن يمارس كامل التجربة، ويقول بأن المفاضلة بين الاختيارات هي ناتج تجربته، لأنه يمارسها بأسلوبه. ويرفض هذا الجيل القيادة الفرد، ويقول إن الاختيار لا يقوم على سمعة أو تاريخ، ولكنه يقوم على امتلاك القدرات، والاحتياج والمهام هي مصدر توصيف القدرات المطلوبة، وبالتبعية تحديد مواصفات الأشخاص الذين يوكل إليهم العمل. ولديه ثقة على نحو ما في أن الزمن لصالحه، فانفتح أمامه باب الصبر وما ينتج عن الصبر من إبداعات.
إن حجم مظاهرات يوم 25 يناير 2013 يؤكد أن العامين المنقضيين لم ينالا من عضد الشعب وإرادته، بل كانا لحظة في عمر الشعب، انقضت وأكمل الشعب نداءات الحرية، وكأنها استطراد طبيعي ليوم 11 فبراير 2011، أن شعبا يملك قدرة الاستمرار هكذا شعب يستحق الحياة، وشعب يملك قدرة التمييز بهذا الوعي بين مطالبه ونداءاته وبين واقع السلطة التي تحكمه، شعب يستحق الانتصار.
جمعني الحوار باثنين من هذا الجيل شاب وشابة العمر واحد والمهن مختلفة، والحصيلة النهائية أن الوطن هو حياتهما.
تلقيت مساء الجمعة 25 يناير اتصالا من الشاب يصرخ: "إن هناك خداعا وتقاعسا في حركة المسيرات، لا يوجد حشد مناسب أمام قصر الاتحادية، وأن المئات هناك يتعرضون لقصف شديد بقنابل الغاز المسيل للدموع، وأنه نوع جديد وشديد وكنا قد جربناه اليوم السابق على الاتصال وأنه إن لم يتم غدا شيء فإن الثورة تكون قد تعرضت لأكبر حالة من التفريط". لم أكن أملك تجاه حديثه غير مطلب الثبات، وعدم تعجل الحكم على الموقف، لأنها البداية، وأن الاستمرار هو جزء رئيسي من الرسالة، ولا يجب أن ندع تكتيك الإهمال والتجاهل الذي يتبعه النظام يؤتي ثماره.
ليعود نفس الشاب، للاتصال مساء يوم الأحد في أعقاب بيان الرئيس المنتخب والذي أعلن فيه الطوارئ وحظر التجول بمنطقة القناة، لأجد حاله قد تبدل قائلا: "أشعر أننا نجحنا في كشف عجزهم، وأن الخطاب ينم عن خوف وتردد وعجز عن الاستيعاب وعدم قدرة على مواجهة الأحداث، ليكمل: أنا متفائل وأعتقد أننا نجحنا، والمهم الاستمرار".
هكذا يقيم هذا الجيل الأحداث من واقع وجوده فيها، وفي اليوم التالي جمعني حديث مع شابة من ذات الجيل، قالت في معرض تقييمها للحالة التي تمر بها الثورة: "في 25 يناير 2011 كانت هناك صرخة الشباب الذي يرفض الظلم والتعذيب والفساد ولا يرى النظام يتيح مستقبلا لهم، وواكبت صرخة الشباب صرخة شعب من معاناته في الحياة، وحالة الغلاء وانعدام الأمل في المستقبل، والتقاء الصرختين صنع الثورة وشعار عيش حرية عدالة اجتماعية"
وتكمل: "لا تنتظر من أحد أن يتحمل المسؤولية، فالثورة لم تحدث التغيير بعد، فالتغيير يحتاج الكثير في ظل بيئة سليمة تبحث بصدق عن حلول من خلال مصادرها (وهم أهلها) حينها فقط يمكن أن يكون لأي كلام أو نقد معنى. كل يوم يؤكد أن انتظار فارس على حصان يحل لنا مشاكلنا لن يحدث، فإما أن نكون بقدر المسؤولية، التي وفقنا الله إليها حيث أصبحنا نعرف، وإلا فإن ما يحدث سيظل يحدث إلى أن نكون بقدرها".
وتغلب الطبيعة الإنسانية عليها لتبدي جزعها الشديد من حالة الحرق والقتل والعنف المصاحبة ليوم الجمعة الماضي.
وأرد عليها متفقا في أن كل المطروح لا يمكن القبول به بديلا للنظام القائم، ولكن الأحداث التي تشارك فيها كل هذه التجمعات وبامتداد محافظات مصر، تجعل كل المواجهات الجارية فرن انصهار بين الشعب بقواه صاحبة الحق في الغد، وحالة الانصهار هذه ستنتج قياداتها الطبيعية، التي تملك القدرة بوعيها وانحيازها على التعبير عن الثورة وتحمل مسؤولية التصدي لمهامها، وأن التعامل مع المجتمعات والبشر تعامل مع أخصب مكونات البشرية وأكثرها تعقيدا، وأن ما استوعبه الشعب والتحديات التي واجهها، تماثل قراءة آلاف الكتب، وكتابة آلاف المقالات، ولولا هذه التحديات والمعاناة، وانكشاف الحقائق ما كان يمكن لشعب أن يضع جميع المراقبين في حالة من الحيرة وعدم القدرة على توقع خطوته التالية، بل إن التساؤل الدائم على الألسن: من هم المتظاهرون؟ وماذا بالضبط يريدون؟ ومتى يتوقفون عن أفعال العنف هذه؟ يؤكد أن ما يفعله المتظاهرون يتجاوز القدرة على التخمين والتوقع، وهنا تكمن عبقرية هذا الشعب، أنه يصنع قياداته الجديدة ويستكشفها ويكمل تعرية القائم من نخبة وأحزاب.
ثورة هذا الجيل الجديد، والمنهج الذي يتبعه، يتطلب من الأجيال التي سبقته أن تستوعب كيف يرى الأشياء وموقفه وقدرته على الحركة والإبداع، وليت تلك الأجيال أن تنقل إلى جيل الثورة أفضل ما امتلكت دون منّ أو محاولة سيطرة عليه وتوظيفه لمصالح أو مهام تنحرف به عن طريق الثورة.
والثورة حقيقتها معرفة تعيد صياغة الواقع، والمعرفة علم وانحياز وتجربة.
ولقاء الشباب بعلمه مع الشعب يوفر الانحياز، ولقاؤه بأجيال سبقته ولا تمن عليه يوفر له خبرة تاريخ تجارب سبقت، له أن يأخذ منها ما يشاء أو يدع، ولكن واجبه ألا يتجاهل دروس عمر أمة، هكذا تستمر الثورة لتحقق غاياتها.
وكأن القدر يأبى إلا أن يضع السلطة في حالة المقارنة لغير صالحها، وليكشف وجها مشوها للتعبير عن الثورة.
شهد يوم الجمعة استشهاد قرابة العشرة من المواطنين، وأعلنت الرئاسة أن مرسي سيلقي بيانا، ولكنه أرسل في الثانية من فجر السبت على تويتر ثلاثة تويتات تعزية، ليصبح الأمر مجال تندر، ويمضي يوم السبت ليصنع مأساة في بورسعيد بعد النطق بأحكام وصلت إلى الحكم بإعدام 21 من المتهمين في مذبحة فبراير 2012 التي راح ضحيتها 75 شهيدا في مباراة لكرة القدم ببورسعيد، والغريب أن المحكوم عليهم بالإعدام بينهم واحد ممن كانوا ضحايا، وبينهم 6 هاربين و5 أفرجت عنهم النيابة وخمسة آخرون دون الثامنة عشرة عاما، ولا تعليق على الحكم، ولكن المأساة تتكرر بعد النطق بالحكم، ويسقط 37 شهيدا بالرصاص في بورسعيد، وتشتعل المدينة، وظهر الأحد أثناء تشييع جنازة عدد من الشهداء تهاجم الشرطة الجنازة ويسقط 3 شهداء وفي الليل يصل نبأ وفاة 5 مواطنين آخرين من الإصابات الخطرة التي كانت بالمستشفى ليصل العدد إلى قرابة 45 شهيدا، وكأن هناك من يريد أن يحقق تساويا بين ضحايا فبراير 2012 وضحايا يناير 2013 في مأساة لكرة القدم، وهي بالقطع غير هذا على الإطلاق.
يتكرر التناقض، ليعلن مرسي بعد تهديد ووعيد في خطاب مساء الأحد حالة الطوارئ في مدن القناة السويس والإسماعيلية وبورسعيد، وحظر التجول من التاسعة مساء إلى السادسة صباحا، ويتضمن الخطاب ضرورة احترام أحكام القضاء ورفض العنف والاعتداء على المؤسسات والمباني، متناسيا أن أول من اعتدى على القضاء هو مرسي ذاته في إعلانه الدستوري الأخير، وهو من غض الطرف عن حصار جماعة الإخوان للمحكمة الدستورية يوم 2 ديسمبر وهو يوم الحكم في طعون على اللجنة التأسيسية للدستور وقانون انتخاب مجلس الشورى وينكشف أمام الكافة أن الكيل بمكيالين أو هو فقدان الذاكرة واستمراء التخفي خلف شعارات يستدعيها عند الحاجة، ويتجاهلها عندما لا تتوافق ورغباته.
تاريخ منطقة القناة هو تاريخ الدم والاستشهاد، سواء حين حفرها، أو أثناء الاحتلال البريطاني، ثم في الحروب المصرية ضد العدوان الثلاثي أو ضد إسرائيل على مدى سبع سنين، وأن أهالي المنطقة عانوا طوال تلك الفترات عن رضا، وقدموا أنبل صور الوطنية.
نسيان الدم المراق في القناة ليس جديدا، فهم من نسوا دم الشهداء طوال العامين الماضيين، ولكن هذه المرة الموقف يختلف، فرد الفعل كان مباشرا، حيث خرجت نداءات من أهالي القناة بالدعوة إلى زيارات للمنطقة لحضور حظر التجول ومشاهدته، وأعلنت المنطقة أن مظاهرات ستدوم طوال فترة حظر التجول.
الفرص لا تأتي إلا لمن يستحقها، وتنقلب وبالا على من يعاند الحقيقة ويعاند الشعب.
والاثنين هو ذكرى جمعة الغضب، وقبل أن تسقط الشرطة كان ضباطها يطردون وزيرهم من جنازة أحد زملائهم وتنتشر أخبار بأن الضباط يرفضون استخدام الرصاص الحي في مواجهة المتظاهرين.
جيل جديد يثور ويدفع دمه ثمنا للحرية، وسلطة تمارس إرهاب القتل، وكتل حزبية تفتقد قبول الشعب بها، ومخاطر خارجية متربصة، والأمر مازال في الميدان بلا حسم، ومهيأ لمزيد من الدم.
نقلا عن صحيفة الشرق القطرية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.