استمرارًا لمسلسل انهيار العقارات، شهدت عزبة أبو قرن التابعة لمصر القديمة، في الساعات الأولى من صباح الأربعاء، انهيار عقار قديم مكون من طابقين نتيجة انفجار أنبوبة غاز مما أسفر عن وفاة 3 أشخاص وإصابة العشرات من السكان. انتقل الوفد لمكان الواقعة لسماع رواية أهالي المنطقة، بمجرد دخولك العزبة تحاصرك المنازل المتهالكه والقابله للسقوط في اي لحظة، وعلامات الحزن تكسو وجوه أهالي العزبة، وتنبض القلوب بصوت مرتجف تخشي من الموت أسفل الانقاض، والأصوات منبوحة من الصراخ للحكومة التي أصابها الصم والعمي حيث تجاهلت سكان العزبة، لأن اتهامهم الوحيد هو فقرهم. في أول خطواتنا على عزبة أبو قرن، استقبلنا أحد سكان المنطقة يدعى عاطف حمدي وبسؤاله عن المنزل المنهار، قال في صوت مكتوم كل البيوت آيلة للسقوط مضيفًا " صوروا واكتبوا يمكن المرة دي الحكومة تحس بينا" وأخذنا في اتجاة المنزل المنهار، وأثناء سيرنا إليه استوقفنا أكثر من منزل آيل للسقوط ومنازل تميل على أخرى وكأنهم في حفلة رقص لا يقف فيها أحد مستقيمًا، وبيوت نصفها مهدوم. وقبل وصولنا للعقار المنهار صرخ فينا عجوز قائلاً " تعالوا شوفوا العشة اللي أنا نايم فيها " مضيفًا أبنائي خائفين من سقوط المنزل عليهم، فياخذون حصيرة يفترشونها في المدافن للنوم هناك وهم مرعبون، ولكن نار النوم في المدافن أهون من الموت تحت الأنقاض. وتدخل في الحوار عم عاطف الذي كان يرشدنا للمنزل المنهار قائلا " إن الحكومة اصدرت قرار بازالة عشر بيوت فقط من العزبة وتركت الباقي، دون أن تسال فيهم " مضيفًا أن الحكومة من المفترض أن تنظف مرة واحدة وتعطي بيوتًا بديلة لأهالي العزبة، فنحن نريد ان نمشي من العزبة اليوم قبل أمس لأن البيوت بنيت علي مياه وترب، وفجأة استوقفني قائلا " خلي بالك من نفسك البيت اللي قدامك ده هيقع" وبالنظر إليه تجده يقف بزاوية حادة اتجاه الأرض وكأنه في وضع سجود لله على أنه ما زال واقفًا حتى الآن. ووصلنا للمنزل بعد سير على الأقدام ربع ساعة لعدم قدرة أي سيارة على دخول تلك الحواري لضيقها، لذلك لم تستطع سيارات الإسعاف والمطافئ من الدخول لمنطقة الواقعة ووقفت في الشارع الخارجي، وقام أهالي المنطقة بنقل المصابين إليهم في محاولة لإنقاذهم بعدما تأخرت سيارات الإسعاف لأكثر من 3 ساعات. يفترش الأهالي على الأرصفة أمام منزلهم المنهار، ويحاولون التدفئة ببطانين نجحوا في استردادها من تحت الأنقاض، وقالت طفلة تدعى ندى طه عمرها 12 سنة " والله العظيم إحنا متبهدلين " وتمسك في يدها نصف رغيف فارغ تحاول التهامه بسرعة خوفًا من أن تموت من الجوع، وأضافت " والله إحنا مش عارفين ننام خالص ودلوقتي بقينا في الشارع، ومش عارفة ألبس إيه " وأشارت إلى ملابسها الممزقة والمتسخة، وتساءلت " هو محدش بيسأل فينا ليه هو إحنا علشان مش معانا فلوس مينفعش نعيش" واجتذبت طرف الحديث احدي سكان العقار المنهار قائله ان الحي جاء للمعاينة المنزل من 3 سنوات ورحل دون ان يفعل لنا شئ، ورفض توفير منازل بديله لنا، أهالي الشارع كله تقدموا بشكاوي دون اي استجابة، حتى وقع الحادث، وراح فيه 3 مواطنين أبرياء ومنهم عزة مصابة في المستشفى وابنها وزوجها وتوفي في الحادث وهي مقطوعة من شجرة ولا تعرف كيف تسترد جثث نجلها وزوجها أو أين تعيش. وتقابل الوفد مع إحدى المصابات تدعي حلاوتهم قائلة " أنا مشوفتش أي حاجة غير التراب وصرخت للجيران الحقوني " وبدأت برواية الواقعة من البداية، قائلة فوجئت في الساعة 10 مساء الثلاثاء بانفجاز بوتجاز شعلة لأحد الجيران في الدور الأول، فخرجت ابنتي نهلة من الحمام مسرعة وانتابتها حالة فزع، فنزلت ومسكت بابنوبة البوتجاز ثم لم اشعر بنفسي الا وانا تحت الانقاض. واضافت ان نجلتها نهي كانت علي وشك الزواج فقدت جهازها كله تحت الانقاض، واصيبت بكسر في الرجل والايدي ورفضتها جميع المستشفيات بحجه عدم توافر بها شرائح ومسامير. وأضافت ان أهالي المنطقة نجحوا في إنقاذ أم علي وتدعي رضا "90 سنه" من تحت الانقاض بعدما تأخرت سيارات الإسعاف عن الوصول
وعلى الجانب الاخر أمرت نيابة مصر القديمة برئاسة محمد السمري بتشكيل لجنة هندسية من لمعاينة العقار لبيان سبب الانهيار، ومعاينة المنازل المجاورة له لتأكد من سلامتها خوفًا من وقوع كارثة أخرى، كما صرحت النيابة بدفن جثث الثلاث المتوفين عقب مناظرتهم وانتداب المعمل الجنائي لمعاينة الحريق الذي نتج عن انفجار أنبوبة الغاز في العقار. انتقل عمرو حلمي وكيل أول نيابة مصر القديمة إلى مكان العقار وتبين من المعاينة الأولية أن العقار مبنٍ على مساحة 240 مترًا مكونًا من طابقين ومقسم إلى 20 غرفة يقطن بها 9 أسر وسبب انهيار العقار هو انفجار أنبوبة غاز أثناء إعداد الطعام مما أسفر عن وفاة كل من "جمال محمد إبراهيم "40 سنة عامل ونجله "أحمد جمال إبراهيم "13 سنة و"رضا محمد أحمد" 70 سنة ربة منزل وإصابة كل من "خالد محمد علي "31 سنة و"أحمد صابر علي"56 سنة عامل و"حلاوتهم محفوظ عثمان" و"نهى محمد مختار" 22 سنة ربة منزل.