«مقبرة للأحياء والأموات».. هكذا يصف أهالى كرموز غرب الإسكندرية حال منطقتهم، بعد انهيار عقارين جديدين، صباح أمس الأول، فى حلقة جديدة لانهيار العقارات بالمنطقة التى لا يمر شهر دون سقوط عقار أو أكثر بها وإصابة ومصرع عدد من سكانها. ويبعد العقاران المنهاران، رقما 9 و10 بشارع الطحاوى، مسافة لا تزيد على 200 متر عن مقابر «العمود»، التى تعد المدافن الأكبر فى الإسكندرية، حيث لا تتعدى مساحة الأول 90 متراً ومكون من طابقين، والثانى 70 متراً من طابق واحد، فى شارع لا يزيد عرضه على 2 متر فقط. ويقف سكان العقارين المنهارين أمام الأنقاض شاردى الأذهان غير مصدقين لما حدث، ويقول محمد عبدالعظيم (35 سنة)، أحد سكان العقار، ل«الوطن»: إنه يقطن المنزل مع والدته وأخته وولدها، وفى الطابق الأعلى يسكن عمه وزوجته وبنتاه الاثنتان، متعجباً من بيان مديرية الأمن، الذى يؤكد أن العقار خالٍ من السكان. وأضاف أن كافة أفراد الأسرة كانوا فى سرادق أمام العقار مباشرة لتقديم واجب العزاء فى أحد الأقارب، ففوجئوا بأصوات غير طبيعية تصدر من المبنى القديم وشعروا باهتزازة قوية تحت أرجلهم، ما أثار الذعر بين الجميع وأجبرهم على الهرولة والفرار إلى ناصية الشارع، وسط بكاء الرجال وصراخ النساء. وتابعت الحاجة شادية موسى، إحدى الساكنات بالشارع، أن قوات الأمن والحماية المدنية وصلت إلى موقع الحادث بعد ساعات من وقوعه، ولم تقم إلا بفصل التيار الكهربائى عن العقارين المنهارين، وغادرت الشارع وسط مطالب الأهالى بسرعة رفع الأنقاض لإخراج متعلقاتهم من أموال وأجهزة وأثاثات وملابس وغيرها. وقال علاء مصطفى، شاب فى الفرقة الرابعة بكلية التجارة، إن الحى اكتفى بوضع حواجز حديدية حول العقارين لتأمين المارة، وتحرير محضر فى قسم شرطة كرموز، الأمر الذى يحدث فى كل واقعة انهيار منزل بالمنطقة، ويظل الأهالى فى الشوارع دون مأوى وترفض المحافظة والحى تسليمهم مساكن بديلة. وتسود حالة من الرعب بين الأهالى بسبب الحالة «المزرية» لعقارات المنطقة القديمة، التى تحتوى على مناطق أثرية عدة؛ منها عامود السوارى وآثار كوم الشقافة، بالإضافة إلى شوارع وبيوت تم بناؤها منذ أكثر من 200 سنة، دون أن تطولها أيادى التطوير، ما ينذر بكارثة إنسانية أكبر من انهيار جبل الدويقة على رؤوس سكانه. ويعتبر الأهالى، من المحيطين بمقابر «العمود»، أن المدافن هى خير معبر عن واقعهم، ويصفون «كرموز» بمنطقة دفن الأحياء والأموات، حيث تستقبل الأموات من كافة أنحاء المحافظة وتقتل الأحياء من ساكنيها فى حوادث مروعة. ويرى مدبولى أبوالشيخ، أحد أكبر قاطنى المنطقة «87 سنة»، أن الحكومة تُهمل غرب الإسكندرية منذ عهد الملك فاروق، وترفض مد مناطقها بأى خدمات وتكتفى بتصريحات إعلامية ببدء الاهتمام بها بعد كل حادث يصيب ويقتل المواطنين.