11 وزيراً ودستور إخوانى ومجلس شورى وقانون انتخابات ردىء.. أدوات الرئيس لدعم الجماعة «أهلى وعشيرتى» هكذا بدأ الدكتور محمد مرسي رئيس الجمهورية حديثه لمؤيديه بعد إعلان الدستورى الشهير، هذه العبارة ورغم بساطتها كان لها معنى خطير، فقد كشفت حجم ولاء الرئيس لجماعته وعشيرته، وهو أيضا ما كشفت عنه الأحداث خلال المائتى يوم الماضية من حكم الرئيس الذى انتخبته جموع المصريين، فى حين تبين أنه لا يعمل إلا لمصلحة العشيرة، فقد عمد الرئيس إلى تمكين جماعة الإخوان المسلمين من السيطرة على كافة مقاليد الحكم فى البلاد، ورغم وعوده السابقة بأن حكومته ستكون مشكلة من كافة القوى الوطنية، إلا أن تشكيلها جاء مزيجا من الجماعة والفلول، والتعديل الوزارى الأخير خير دليل على ذلك، هذا بالإضافة إلى إصراره على تمرير الدستور رغم عدم توافق القوى الوطنية عليه، ثم جاء قانون الانتخابات الذى تصر الحكومة على تمريره ليؤكد أن الرئيس وحكومته يعملان لهدف واحد وهو إحكام سيطرة الجماعة على حكم مصر تشريعيا وتنفيذيا. أثناء حملته الانتخابية وعد الدكتور محمد مرسى بأنه سيكون رئيسا لكل المصريين، ولكن خلال مدة حكمه التى بلغت 200 يوم كشف الواقع أن الأقوال عكس الأفعال، فالرئيس لا يعمل من أجل مصر بل من أجل جماعته، شغله الشاغل تحقيق أهداف الجماعة فى الانفراد بحكم مصر، ورغم إبقاء الرئيس على حكومة الجنزورى لمدة شهرين تقريبا بعد توليه المسئولية لم يكن سوى مراوغة لإثبات أن البديل الأفضل هو الجماعة، وفى ظل حكومة الدكتور هشام قنديل الذى زعم أنها حكومة تكنوقراط، استفحلت مشكلات مصر ليطرح اسم خيرت الشاطر كرئيس وزراء منتظر ينقذ مصر من كبوتها، ثم جاء التعديل الوزارى الأخير بحكومة الدكتور قنديل متضمنا أسماء ثلاثة وزراء منتمين فعليا لجماعة الإخوان المسلمين، وهم الدكتور محمد على بشر وزير التنمية المحلية وعضو مكتب الإرشاد بالجماعة ، وحاتم عبد اللطيف وزير النقل، وباسم كامل وزير التموين، وبذلك يصبح عدد الوزراء المنتمين للجماعة رسميا بحكومة قنديل 11 وزيرا، بالإضافة للوزراء الموالين للجماعة وغير منتمين لها وعلى رأسهم رئيس الحكومة نفسه، مما أدى إلى وصف المراقبين لهذا التعديل الوزارى بأنه خطوة فى سبيل سيطرة الجماعة على الحكم، وهو ما ذهب إليه حسين عبد الرازق القيادى بحزب التجمع، مشيرا إلى أن الرئيس وجماعته قاموا بعدد من الإجراءات للسيطرة على مفاصل الدولة أهمها الدستور السلفى الإخوانى الذى يعكس وجهة نظر الجماعة، ويؤسس لدولة دينية أو شبه دينية استبدادية، وينتهك استقلال القضاء وحرية الصحافة والإعلام، وبعدها جاءت التعديلات التى تم إدخالها على قانون الانتخابات البرلمانية، والتى ستؤدى إلى إعادة إنتاج مجلس نواب يحمل كل سوءات مجلس الشعب السابق، الذى تمتع فيه الإخوان وأنصارهم من السلفيين بالأغلبية، كما منح الرئيس السلطة التشريعية لمجلس الشورى لفرض الهيمنة الإخوانية على البلاد، فمن خلاله سيتم إصدار القوانين التى تسمح بفرض المزيد من السيطرة الإخوانية على مصر، وعلى كافة مفاصل الدولة، كذلك فالتعديل الوزارى الأخير خطوة أخرى فى هذا الاتجاه، وسيقوم الرئيس فى الفترة المقبلة بتعيين عدد من المحافظين المنتمين للجماعة لضمان السيطرة التامة على المحليات. وأضاف عبد الرازق لقد عمل الرئيس وجماعته طوال الفترة الماضية للسيطرة على الصحافة القومية من خلال تغيير 50 قيادة صحفية، بعد أن نجحوا فى السيطرة على الإعلام الرسمى بتعيين وزير موال لهم، ثم سعوا للسيطرة على بعض القنوات التليفزيونية الخاصة، ولكن هذه المحاولات اصطدمت بمقاومة داخل التليفزيون الرسمى وبعض المؤسسات الصحفية القومية وبعض القنوات الخاصة، ومن ثم لم يفلحوا فى إحكام قبضتهم تماما على هذه المنافذ، وما زالت محاولاتهم مستمرة، كذلك فقد حاولوا مرارا السيطرة على القضاء ولم تفلح إجراءاتهم القمعية ضد السلطة القضائية فى إخضاعها رغم العدوان عليها بالنصوص الدستورية القمعية، وبذلك يمكننا القول بأنهم نجحوا جزئيا فى السيطرة على عدد من مفاصل الدولة ولكنهم لم يفلحوا فى السيطرة عليها كاملة. ويتفق مع هذا الرأى الدكتور نبيل عبد الفتاح الخبير بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام مؤكدا أن الرئيس مرسى عمل طوال الفترة الماضية على ترسيخ تواجد جماعة الإخوان المسلمين فى الحكم، إلا أنه لم يفلح تماما فى ذلك، خاصة فيما يخص المؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية والاستخباراتية، فقد حاولت الجماعة السيطرة على هذه الجهات إلا أن تركيبة هذه المؤسسات البعيدة عن التحزب أدت إلى فشل هذه المحاولات، فهذه المؤسسات تعد جزءا من الحركة الوطنية المصرية، وهى جزء من مؤسسات بناء الدولة الحديثة ودورها هو حماية الأمن القومى المصرى والدفاع عن الدولة، ومن هنا فهذه المؤسسات بحكم وظيفتها وتركيبتها فهى بعيدة عن الانتماءات السياسية، ولا يمكنها الانحياز لطرف سياسى، فلا يمكن لهذه المؤسسات الانحياز للطرف الذى يأتى به الصندوق الانتخابى لأنه قد يتغير، فهل سيتغير ولاء هذه الجهات للطرف الآخر الذى قد يأتى به الصندوق، ومن هنا فشلت المساعى الإخوانية للسيطرة على هذه الجهات، وأضاف عبدالفتاح على الجانب الآخر هناك محاولات إخوانية للسيطرة على باقى مؤسسات الدولة، ونجاحها يتوقف على مدى المقاومة التى تلقاها هذه المحاولات داخل المؤسسات المختلفة، خاصة أن أخونة كل أجهزة الدولة ستلقى مقاومة من القائمين عليها ومعظمهم غير منتمين للجماعة، ومن هنا تصبح السيطرة عليها صعبة، إنما ما قد تتمكن الجماعة من السيطرة عليه حقا هو التشريعات والسياسات من خلال السيطرة على صناديق الانتخاب، ومن ثم الحصول على الأغلبية وإصدار تشريعات تتوافق مع ميول الجماعة. والوقائع التى حدثت منذ تولى الرئيس مرسى السلطة تؤكد أنه يسعى وجماعته للسيطرة على كل مفاصل الدولة، بدءا من تشكيل حكومة قنديل التى جمعت بين عدد كبير من رموز تيار الاسلام السياسى وفلول الحزب الوطنى، ثم جاء عزل المشير طنطاوى والفريق سامى عنان مؤكدا أن الرئيس يسعى للانفراد بالحكم، ثم الإعلان الدستورى والذى حصن التأسيسية التى سيطرت عليها الجماعة والسلفيون، وتحصينه لمجلس الشورى ضد الحل، وحتى التعديل الوزارى الأخير، واختيار الحقائب الوزارية التى تمس حياة المصريين اليومية ليسيطر عليها الإخوان، بدءا من التعليم والإسكان والتموين والمواصلات والشباب والإعلام والقوى العاملة والحكم المحلى، كلها إجراءات أكدت أن الرئيس لا يعمل لشيء سوى تثبيت أواصر جماعته فى الحكم، وهو ما يؤكده الدكتور أيمن عبد الوهاب الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية، لافتا إلى أن المؤشرات كلها تؤكد أن هناك رغبة لدى الرئيس وجماعته لتنفيذ مخطط إحكام السيطرة على كل مفاصل الدولة، وبالفعل تم تعيين كوادر إخوانية أو موالية أو مؤيدة لهم فى المواقع القيادية، ومع وجود جهاز بيروقراطى كبير يدير دواليب العمل اليومية وهو أداة طيعة فى يد القيادة، أصبحت إمكانية السيطرة عليه أمرا سهلا، خاصة مع انتماء الرئيس المعلن لهذا التيار مما سيسهل من استيلاء الإخوان على الدولة، لذلك فقد كان للرسالة التى قدمتها مؤسسة الرئاسة عظيم الأثر فى السيطرة الإخوانية على الدولة، ورغم أن هذه السيطرة لم تتم بشكل كامل على كافة المؤسسات حتى الآن إلا أن استمرار مؤسسة الرئاسة فى تقديم هذه الرسالة التى تؤكد انتماءها لفصيل بعينه تجعل كافة مؤسسات الدوله خاضعة لهذا الفصيل، وهذا يعنى تحول هذه المؤسسات لخدمة حزب الحرية والعدالة وجماعة الإخوان المسلمين، كما كانت تخدم الحزب الوطنى من قبل.