د عبده مع تزايد المشروعات الصناعية والتنموية في الدول الخليجية وتعاظم احتياجات المواطنين من الكهرباء، ومن ثم احتياج البلاد بشكل كبير وضخم لمصادر الطاقة كمحرك أساس لعمليات التنمية بالبلاد. وفي ظل قناعات المسؤولين بهذه الدول الخليجية باحتمالية تناقص ونضوب كل من النفط والغاز خلال القرن الحالي، فقد بدأ العديد من هذه الدول في استثمار جزء من إيرادات مصادر الطاقة الراهنة لإنتاج الكهرباء من مصادر الطاقات الجديدة والمتجددة وفي مقدمتها الطاقة الشمسية، لما تتمتع به دول المنطقة من سطوع للشمس لساعات طويلة على مدار العام. وصرح بعض المسؤولين السعوديين بأن لديهم برنامجاً طموحاً لجعل بلادهم منتجاً رئيساً للكهرباء من مصادر الطاقات المتجددة خاصة الطاقة الشمسية على مستوى العالم، وأن تنفيذها هذا البرنامج سوف يتكلف أكثر من مائة مليار دولار أمريكي ويتطلب سنوات عديدة قد تصل إلى عشرين عاماً، وأنها بدأت في تملك المعدات المتطورة المعقدة التي تسمح لها بالتغلب على أكبر مشكلة تواجهها في هذا الصدد "وكذا بقية الدول الخليجية" وهي مشكلة تعقب الغبار والرطوبة بما يمكنها من اختيار أفضل المواقع لإنشاء المحطات المستهدفة، خاصة أن الكهرباء المتولدة بالبلاد حالياً والمنتجة من المحطات التي تعمل بالنفط تحصل عليه بأسعار مخفضة لا تتعدى 5% من سعرها السائد بالأسواق العالمية. وإذا كانت السعودية تنتج اليوم حوالي عشرة ملايين برميل نفط فإن استهلاكها المحلي الداخلي يصل إلى أربعة ملايين برميل يستخدم نصفها تقريباً في محطات توليد الطاقة الكهربائية، وهو ما دفع المسؤولين بالمملكة إلى إطلاق مشروع الملك عبد الله للطاقة النووية والمتجددة لإجراء أبحاث متطورة حول أهمية وجدوى الطاقات البديلة، وفي ظل زيادة الاستهلاك السنوي للطاقة بالبلاد بمعدلات تقدر ب 12%، ومن ثم ارتفاع إجمالي أحمال الذروة المتوقع بعد عشر سنوات أي في عام 2022 إلى نحو 90 ألف ميجاوات. لذا فقد وضعت المملكة خطة طموحة خلال العشرين عاماً المقبلة لإنتاج 41 ألف ميجاوات من الطاقة الشمسية منها 25 ميجاوات من الطاقة الشمسية الحرارية و16 ميجاوات من الطاقة الشمسية الكهروضوئية، بالإضافة إلى 18 ألف ميجاوات من الطاقة الذرية وتسعة آلاف ميجاوات من طاقة الرياح، وثلاثة آلاف ميجاوات من النفايات، وألف ميجاوات من الطاقة الجيوحرارية لتكون جزءاً أصيلاً من مزيج الطاقة المتجددة للبلاد.... خاصة أن هذه الطاقة الكهربائية المتولدة من الطاقات الجديدة والمتجددة لا تتأثر بتقلبات الأسعار العالمية لأن معظم تكاليفها يتم سداده عند إنشاء المحطات وتشغيلها. ومن جانبها أكدت قطر على أنها تتطلع إلى مشروع مشترك لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية يضم جميع الدول الخليجية للاستفادة من سطوع الشمس بدول مجلس التعاون الخليجي بهدف تأمين احتياجات البلاد المتنامية والمتزايدة من الطاقة سواء لشعوبها أو لإحداث التنمية المنشودة لدول المنطقة كأولوية أساسية، على أن تقوم بتصدير الكهرباء الزائدة إلى الخارج خاصة للدول الأوروبية عبر تركيا ومنها إلى دول شرق أوروبا، أو من خلال شبكة اتصال بجمهورية مصر العربية لربط الشبكة الكهربائية الخليجية بمشروع ديزرتك الذي يهدف إلى توليد الطاقة الشمسية من صحراء المغرب وربطها بكل من إسبانيا وإيطاليا وفرنسا وألمانيا، مما يوفر وييسر طريقاً عربياً لنقل الطاقة الشمسية إلى أوروبا التي طالما تحدثت عن حاجتها إلى طاقة نظيفة تعمل على خفض الانبعاثات الكربونية. وتهتم الدول الخليجية عند استثمارها لمليارات الدولارات خلال السنوات العشر المقبلة لإنتاج الكهرباء من الطاقات الجديدة والمتجددة، بالجدوى الاقتصادية لعملية الإنتاج والتصدير إلى أوروبا وبصفة خاصة خلال فصل الشتاء،... كما أنها سوف توفر للدول الخليجية بعد عشرين عاماً من الآن استهلاك ملايين البراميل من النفط يومياً، مع استهداف توليد %50 من الكهرباء من الطاقات الجديدة والمتجددة ضمن مزيج طاقتها المحلية. وإذا كانت أبسط تعاريف الاقتصاد يتمثل في أنه الاستثمار الأمثل للموارد المتاحة بالمجتمع أو الدولة، فإن الطاقة الشمسية التي حبانا بها الله وحبا بها بلادنا العربية يجب أن نستثمرها بالطريقة المثلى كي نعظم من مكاسبنا ومنافعنا بما يتيح لنا تحقيق أكبر ميزة تنافسية ممكنة، وهي الفلسفة التي قامت عليها منظمة التجارة العالمية، ولكي تستمر ميزة تفوق بلادنا العربية في تملك مصادر الطاقة على المستوى العالمي. نقلا عن صحيفة الشرق القطرية