الدولة تصدر قانونًا للاستثمار وحماية كنوز المناجم والمحاجر والملاحات مصر دائمًا زاخرة بخيراتها، بداية من نهر النيل، الذى يشقها ويشطر أرضها من الجنوب إلى الشمال، وتليه الصحراء الفسيحة، العامرة التى تعج بالثروات الضخمة، والخيرات المدفونة، التى طالما لمعت أمام المصريين القدماء، فعملوا على استخراج ما بها من معادن وصخور مختلفة، لبناء المعابد وصناعة التماثيل الحجرية والذهبية، وصناعة أغراضهم الحربية، ورغم مرور آلاف السنين على استخراج المعادن من أرض مصر، فإننا لا نزال ننبش القشور الأولى، فلا يزال فى الباطن ما هو أكثر وأنقى وأثمن، وخير مثال هو أنه لا تزال اكتشافات الغاز، تجرى أسفل دلتا مصر وفى امتدادها بالبحر المتوسط. ولذلك دعت الحكومة بتوجيهات من الرئيس عبدالفتاح السيسى، للبدء فى بحث أفضل الخطط الاستراتيجية للاستفادة من الثروات التعدينية وإدارتها، حيث طالب الرئيس بالتدخل وإنقاذ الثروات التعدينية من الضياع، والاهتمام بالتصنيع والتصدير من خلال جذب الشركاء الأجانب للعمل فى القطاع، بعدما تسببت فترات الفوضى التى كانت تسود القطاع، فى مخاوف لدى المستثمرين من الإقدام على العمل فى مصر وأخذ المخاطرة والمغامرة، لذا وجه الرئيس عبدالفتاح السيسى بالتطوير المنظم الشامل لمنظومة المحاجر على مستوى الجمهورية، وفق آلية مركزية موحدة تحقق الحوكمة، وترسى مبادئ واضحة للعلاقة ما بين المستثمرين والدولة بهدف حسن إدارة الموارد الطبيعية للدولة. وبدأت الحكومة خطوات جادة للانطلاق فى قطاع التعدين وتحقيق الاستغلال الأمثل لثرواته ليصبح ضمن أكبر القطاعات الاقتصادية،التى تدر عوائد وإيرادات لخزانة الدولة خلال السنوات المقبلة، وجذب استثمارات جديدة لزيادة إنتاجه، ورفع مساهمته فى الناتج القومى إلى 7 مليارات دولار بحلول عام 2030. وعرض الخبراء روشتة التطوير الصحيحة للخروج بذخائر مصر الثمينة للنور. طرق التغلب على سلبيات خطط التطوير قال الدكتور حسن بخيت، رئيس المجلس العربى الاستشارى للتعدين ورئيس رابطة المساحة الجيولوجية المصرية، إن المناجم والمحاجر المتواجدة فى مصر تتواجد داخل الصحراء المصرية التى تمثل ما يقرب من 95% من مساحة مصر، لافتًا إلى أنه بتطوير القطاع، سوف تتم الاستفادة من هذه الخامات، وسيكون هناك عائد على الشعب المصرى، من ناحية الدخل وتشغيل العمالة، وتوفير فرص عمل للشباب، وتوفير قيمة مضافة للمواد الخام المستخرجة من المناجم والمحاجر وأضاف «بخيت»، أن القيمة المضافة لهذه الخامات ستساعد على تلبية احتياجات الصناعات الوطنية، وتقليل فاتورة الواردات من هذه الخامات، مما يقلل من استنزاف العملة الصعبة وتصدير الفائض للخارج، لافتًا إلى أن كثيرًا من الصناعات المتواجدة على أرض مصر فى حاجة لتأمين خطوط إنتاجها من خامات المناجم والمحاجر، لافتًا إلى أن المناجم والمحاجر ليست رملًا وزلطًا فقط كما يتبادر لذهن المواطن، بل إن المحاجر عبارة عن خامات متنوعة وتشكيلة كبيرة جدًا، وتدخل فى العديد من الصناعات، لافتًا إلى أن تطويرها هو أمر مهم ومطلوب وعاجل للاستفادة من ثرواتنا، ودعم الاقتصاد الوطنى. وأكد رئيس المجلس العربى الاستشارى للتعدين، أن المناجم يقف على قمتها خام الذهب، فمنجم السكرى المتواجد فى مرسى علم، ينتج ما لا يقل عن 12 طنًا فى السنة، لذا فمصر غنية بالذهب، كما تنتج مناجمنا 6 ملايين طن فوسفات كل عام، يتم تصدير 4 ملايين منها، بالإضافة للرخام الذى يستخدم فى معظم الأنشطة الإنشائية خاصة فى المدن الجديدة، كما تصدر أنواع منه للخارج، وهو يعد من الروافد الكبيرة للدخل القومى، بالإضافة إلى الرمال البيضاء، والطفلات وخامات صناعة الأسمنت، والخامات الصناعية الأخرى، مثل الكوارتز والفلسبار والكاولين والحجر الجيرى النقى والدولوميت وأكاسيد الحديد والجبس والعديد من الخامات الأخرى. وأشار رئيس رابطة المساحة الجيولوجيه المصرية، إلى أنه لتطوير هذا القطاع، يجب فهم ودراسة طبيعته وخصوصيته التى تتمثل فى وجوده بأماكن نائية بعيدة عن البنية الأساسية، التى تكبد المستثمر مصاريف وجهدًا ومشقة، بالإضافة إلى المخاطر المعيشية من أمطار وسيول ودرجات حرارة وحشرات يمكن أن يتعرض لها العمال، وكذلك تقلبات السوق ومشكلات جودة الخام واستخراجه، لذلك لابد من وجود تشريعات محفزة للاستثمار فى هذا القطاع تتناسب مع طبيعته، لافتًا إلى أنه لتطويرها يجب إزالة العوائق التى تواجه القطاع، وهى توفير بنية أساسية فى الصحراء كونها مناطق نائية، بالإضافة إلى وجود حزمة حوافز لمن يريد العمل فى هذا القطاع. وتابع لا بد من وجود كوادر بشرية مدربة بأحدث الطرق العالمية لاستخراج تلك الخامات، واستكشافها وتقييمها وتصنيعها لخروجها فى أحسن صورها، وذلك عن طريق التدريب السليم، بالإضافة إلى وجود إدارة طموحة تدير هذا المرفق كشركة أو جهة، تتسلح بأسلوب الإدارة الحديثة المتطورة، كما يجب توفير حزم معلومات للمستثمر «كمًا وكيفًا» أى أن تكون حزم المعلومات متنوعة وسليمة ومتيسرة ودقيقة، ويتم تنقيح وفرز وتنقية المعلومات بحيث تخرج للمستثمر بشئ من الثقة، ويجب أن نتبع التجارب الخارجية فى تطوير المناجم والمحاجر، سواء على المستوى الإقليمى أو العالمى، ونقل التجارب الناجحة إلى مصر. وأختتم الدكتور حسن حديثه قائلًا: هناك بعض السلبيات فى عمليات التنقيب عن الذهب المنتشرة حاليًا فى جنوب مصر، الذى يجب دراستها دراسة واعية والوقوف على السلبيات لتلافيها، ولابد من تقنيين هذا النوع من التعدين نظرًا لخطورته على البيئة المحيطة، نظرًا لاستخدام الكيماويات المضرة لاستخلاص الذهب. وبالفعل توجد تجربة لتقنين التنقيب العشوائى عن الذهب، حينما تم تأسيس شركة حكومية، ومنحها رخصة مساحات كبيرة، حيث قامت الشركة بإبرام عقود بحث وتشغيل واستخراج الذهب بمساحات محددة لأهالى المناطق وغيرهم، ولكن للأسف لم يمنع ذلك البعض من التنقيب بصورة غير قانونية. الشعب المصرى المستفيد الأول قال على حسن الخبير الاقتصادى فى السواق المالية العربية والعالمية، إن المناجم والمحاجر والملاحات، هى ملكية عامة تخضع للدولة، وفى عصر مبارك كانت المناجم تحت تصرف مواطنين بعينهم دون رقيب أو حكيم، إنما فى عصر الرئيس عبدالفتاح السيسى، تغيرت النظرة إلى المناجم، حيث بحث الرئيس طرق الانتفاع منها وتوفير العائد للشعب المصرى. وأوضح «حسن»، أن تلك الطريقة وفرت على الشعب المصرى الديون الخارجية التى كانت تستدان بها، بالإضافة إلى أنها جعلتها تعتمد على المورد الطبيعى والثروات الطبيعية المتواجدة فى الأراضى المصرية، بدلًا من إهدارها فى المحليات التى كانت مسئولة عنها. وأشار الخبير الاقتصادى، إلى أن قرار الرئيس عبدالفتاح السيسى، إذا طُبق على أرض الواقع، سيغير من المستوى المعيشى للمواطنين، لافتًا إلى أن الطريق بدأ من تحويل المناجم من المحليات لوزارة البترول والثروة المعدنية، والمحاجر تتبع شركة تختص بالمحاجر والملاحات، مؤكدًا أن هذه الخطوة هى خطوة الإدارة والرقابة التى اختفت فى العهود السياسية الماضية. وتابع أن الوزارة والشركة، ستقومان بتوفير الربح، وحساب الخسارة، ووضع نظام يفتح مجال للتطوير، الذى يبدأ من شقين، شق قانونى لوضع قوانين العمل والمخالفات والتنظيم، وشق اقتصادى محاسبى، ووضع طرق للمحاسبة والأرباح والخسائر، مشيرًا إلى أنه بتلك الطريقة ستعود الثروة المعدنية إلى ملاكها الأساسيين وهم الشعب المصرى. فوائد لمصر والمصريين أشار الدكتور حسين سيد الخبير المالى والضريبى والمحاضر الدولى، إلى أن مصر تتجه بكل قوة نحو تطوير منظومة المحاجر والملاحات فى كل المحافظات، بهدف تعظيم الاستفادة من مواردها الطبيعية، من خلال حصر كامل لبيانات المحاجر والملاحات، وإنشاء منصة جغرافية إلكترونية موحدة لكافة محاجر الجمهورية، وفق آلية مركزية موحدة تحقق الحوكمة، لضمان الرقابة والمساءلة والشفافية بشأن إدارة واستغلال المحاجر فى مصر، ووضع مبادئ واضحة للعلاقة ما بين المستثمرين والدولة، بهدف حسن إدارة الموارد الطبيعية للدولة، وميكنة بيانات المحاجر، والتنظيم الإدارى الحديث للموارد الطبيعية، وتضمنت عملية تطوير منظومة المحاجرإدارة وسير شاحنات نقل المواد الخام المستخرجة من المحاجر، لضمان التزامها بمعايير السلامة والأمان ومنع التلوث، والفاقد من هذه المواد، والحوادث المرورية. وتضمنت خطة تطوير منظومة المحاجر العديد من الآليات القانونية والإدارية، حيث تم تأسيس شركة جديدة لإدارة واستغلال المحاجر والملاحات فى مصر، وهى الشركة المصرية للتعدين وإدارة واستغلال المحاجر والملاحات، وقد أصبحت هذه الشركة مسئولة عن عمليات استغلال المحاجر والملاحات على مستوى الجمهورية، اعتبارًا من أول أكتوبر 2020، وإنشاء فروع لها فى مختلف المحافظات، بالإضافة لحصر كامل لبيانات المحاجر والملاحات، وإنشاء منصة جغرافية إلكترونية موحدة لكافة محاجر الجمهورية، ولذلك فقد انتهت مسئولية المحليات عن إدارة المحاجر فى نهاية سبتمبر 2020. ولقد صدر القانون رقم (193) لسنة 2020 بالترخيص لوزراء البترول والثروة المعدنية، والتنمية المحلية، والإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، فى التعاقد مع الشركة المصرية للتعدين وإدارة واستغلال المحاجر والملاحات، بشأن استغلال المحاجر والملاحات فى الأراضى التى تقع فى دائرة اختصاص كل من المحافظات وهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، واتفاقية الالتزام المرفقة بالقانون. وتحقق الاتفاقية عددًا من المكاسب منها: تعظيم القيمة المضافة للثروة التعدينية من خلال التصنيع والتصدير للأسواق العالمية، وتحقيق الجدوى الاقتصادية والمتمثلة فى سداد الشركة المستحقات المالية المقررة لكل من وزارة المالية، والمحافظة المختصة، وهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، وتغطية احتياجات السوق داخلياً وخارجياً من المواد الخام المستخرجة من المحاجردعماً للاقتصاد الوطنى، وخلق فرص عمل جديدة للمصريين، وتتحمل الشركة لكافة النفقات اللازمة لإدارة واستغلال المحاجر والملاحات، مع قيام الشركة بتدريب وتوظيف العمالة الفنية بما يمكنها من خلق قاعدة عمالية تنفيذية وإدارية ذات خبرة عالية، وإحكام السيطرة على مرفق المحاجر والملاحات بالدولة المصرية مما يقضى على التنقيب والاستخراج العشوائى للمعادن، والإضرار بموارد الدولة الطبيعية. ويرى الخبير الاقتصادى، أن مصر تعتبر من الدول الغنية بالثروات الطبيعية، التى يعد من أهمها المحاجر والملاحات، ويمكن أن تسهم بشكل كبير فى الناتج القومى لمصر إذا تم استغلالها الاستغلال الأمثل، ويتطلب الأمر ضرورة الحفاظ على ثروات مصر الطبيعية واستخراجها لتنمية موارد الدولة، وتشجيع المستثمرين على الاستثمار بالمحاجر والملاحات، ووضع سياسة سعرية موحدة للمواد المستخرجة من المحاجر، للحفاظ على المال العام، وبذلك تستقيد الدولة بسبب زيادة الناتج القومى لمصر، ودعم الصناعات الوطنية من خلال توفير المواد الخام بدلاً من استيرادها، وتوفير سيولة من العملات الأجنبية، والحفاظ على حقوق الدولة وحماية وحسن استغلال ثرواتها الطبيعية، والقضاء على الفساد فى قطاع المحاجر، وتحقيق الرقابة على الموارد الطبيعية، وتنمية الصادرات المصرية من المواد الخام المستخرجة من المحاجر، لذلك يجب تغليظ العقوبات لردع المخالفين، والالتزام بترخيص المحاجر، ومنع وردع سرقة المواد المستخرجة من المحاجر، وإحكام السيطرة والرقابة على عملية تداول المواد المستخرجة من المحاجر. التصنيع هو الحل قال محمد سمارة رئيس النقابة العامه للمحاجر والمناجم، إن هناك عدة طرق للتطوير، بداية من تحسين الإدارة، التى نتج عنها تشتت الشركات العامة العاملة فى القطاع، بالإضافة إلى وضع استراتيجية تنموية لإدارة هذه الثروات، وإدخالها فى آليات التصنيع وبناء المشروعات الكبرى، بالإضافة إلى الالتزام بالقوانين المنظمة للبحث والتراخيص، والبعد عن العشوائية والتضارب فى استغلال الثروة المعدنية، ومنع سيطرة غير المختصين على هذه الصناعة الرئيسية، لافتًا إلى أن قطاع التعدين به مخاطرة كبيرة، خاصة أن المستثمر يقوم بإنفاق الملايين من الدولارات على البحث والتنقيب، وفى النهاية لن يجد العائد المنتظر. وتابع «سمارة»، أن قرار رئيس الجمهورية بإسناد أعمال المحاجر والملاحات للشركة المصرية للتعدين، قرار صائب، خاصة أن المحاجر والملاحات كانت فى حوذة المحليات منذ سنوات طويلة وكانت تدار بطريقة عشوائية، مما أدى إلى تفشى الفساد فيها، وعدم الالتزام بالاشتراطات الفنية، لافتًا إلى أن الحكومة بدأت خطوات جادة لتطوير القطاع، من أبرزها اللائحة التنفيذية الأخيرة التى تضمن تهيئة مناخ استثمارى جيد يجذب الشركات المتخصصة العملاقة فى قطاع التعدين، ومن أهم المناطق الغنية بالثروات التعدينية الصحراء الغربية والصحراء الشرقية وسيناء، وبها ثروات مثل: الذهب والنحاس والرمال والحديد والزنك، وتمتلك كميات هائلة من الرمال السوداء التى تحتوى على مجموعة من المعادن المهمة مثل الروتيل والألمينيت وهى معادن تدخل فى صناعة البويات، بجانب معدن الزركون الذى يدخل فى صناعة السيراميك والعوازل والخزف والأجهزة التعويضية، كذلك يوجد الجرانيت فى الرمال السوداء وهو يستخدم فى صناعة فلاتر المياه، كما أنه مصدر للحصول على اليورانيوم المستخدم كوقود نووى، وغيرها من الخامات التعدينية التى يصل عددها لأكثر من 45 خامة تعدينية، متوافرًا لها خرائط، تتضمن أماكن كل خامة منها واحتياطاتها من خلال مسح جبال مصر وصحاريها، لافتًا إلى أن السبيل للانتفاع بها، هو الاتجاه للتصنيع بدلًا من بيع المواد الخام بأسعار بخسة، حيث إن لدينا من المصانع ما يكفى لتصنيع الخامات المتوفرة، ولا نحتاج سوى لقرار حاسم يوجه دفة الثروات المدفونة فى الأراضى المصرية نحو التصنيع، لتدر ربحًا على خزينة الدولة. ارقام * معلومة 1 7 مليارات دولار عائد مستهدف من قطاع التعدين فى 2030 2 12 طنًا حجم إنتاج الذهب من منجم السكرى سنوياً 3 6 ملايين طن فوسفات حجم إنتاج مصر سنوياً 4 4 ملايين طن حجم صادرات الفوسفات سنوياً