لن أحدثكم عن جريمة إحراق مقر حزب الوفد ومحاولة اغتيال صحفيي جريدة «الوفد».. ولن أحدثكم عن سلوكيات وإشارات أنصار التيار الديني باليدين والأصابع.. ولن أحدثكم عن أعمالهم الإجرامية بالسيوف والسنج في قتل وإصابة واحتجاز وتهديد كل من ليس منهم.. سواء الذي فعلوه في الثوار في ميدان التحرير أو أمام قصر الاتحادية أو في محاصرة أعلى منصة قضائية تعرفها مصر وهى المحكمة الدستورية العليا، ثالث محكمة دستورية في العالم كله، ولا عن التعدي على قضاتها ومستشاريها وهم منهم؟.. شيوخ ورموز أجلاء يحترمهم ويقدرهم العالم العربي والعالم كله وليس مصر فقط. ولن أحدثكم عن صمت الرئاسة أو كل الجهات الأمنية ..لأنه يبدو أن الذين اختشوا من الثوار وأحرار مصر ماتوا.. فماذا سيتبقى لنا؟! ولكن سأحدثكم عن المتأسلمين الذين هم ليسوا دعاة ولكنهم مدعون.. وأقول مدعون قاصدا متعمدا لماذا؟.. لأنهم سكتوا عن الحق عندما كانت الأوضاع في حاجة إلى كلمة حق، بينما القوى الوطنية المصرية التي عانت التشريد والتنكيل من نظام الحكم السابق ومن جبروت وبطش جهازه الأمني لأنها كانت تدافع لسنوات طويلة عن حرية الشعب بكل طوائفه وتياراته بدون استثناء.. في ذلك الوقت كان هؤلاء المتأسلمون في جحورهم في سبات عميق بل كانوا يكفرون من يخرج على الحاكم، ومن كان منهم يعارض في العلن كان في الحقيقة يعقد الصفقات في السر مع رموز نظام مبارك وامن دولته للحصول على مقاعد في مجلس الشعب!! الآن صار لهم صوت على المنابر ويا ليته صوت حق ومودة ومحبة بل صوت بذيئ قليل الأدب ولا يستحى في قول أى شيء أو يعبر بأي طريقة بالأيادى والأصابع، إلى درجة انك تخشى أن يسمع أو يرى أولادك هذا الكلام.. فمنذ متى كان الدعاة المصريون بهذا المستوى المتدني والبجاحة والغلظة في القول والغباوة في المعنى؟!.. لقد تعلمنا من الشيخ محمد الغزالي الأدب الجم والعقلانية في تعاليم الإسلام، ومن الشيخ جاد الحق الاحترام والوقار وأصول الدين، ومن الشيخ طنطاوي الدعة والسماحة والوسطية في الإسلام.. ومن إمام الدعاة الشيخ الشعراوى الخلق الطيب والفصاحة في تفسير القرآن الكريم.. وغيرهم المئات من شيوخ الأزهر وعلمائه الذين علموا العالم الاسلامى أصول الدين والمعرفة الإسلامية، دون أن نسمع منهم كلمة واحدة خارج حدود الأدب.. بينما الدعاة المتأسلمون وخريجو السجون والقتلة يعتلون المنابر ويتطاولون على الجميع بكلمات وأوصاف قذرة ويتلفظون بأقذع الشتائم داخل المساجد، ويتهمون النساء على شاشات التليفزيون بكلمات بذيئة وبلغة خطاب ديني «واطية» إلى درجة انه يختلط على المشاهد إذا كان يستمع إلى داعية أم إلى بلطجي.. فمتى رأينا شيوخ الأزهر يقفون على أبواب المحاكم يرفعون صورا بذيئة مزيفة وملفقة للممثلات وخلفهم للأسف رجال بلحى كثيفة ونساء منتقبات يردحن ردحا بأقذر الأوصاف والعبارات.. وعندما لا تأتى أحكام القضاء على هواهم يشتمون القضاة ويتطاولون عليهم، ورغم أننا نعذر لهؤلاء التابعين جهلهم بالدعاة الحقيقيين وبالدين الصحيح، فانه بالتأكيد لن يكون مقبولا أو مستساغا من شيخ يقف على منبر، أو داعية خلف ميكروفون يحرض الناس على قتل وضرب وحرق المخالفين معهم في الرأى أو الاتجاه السياسي بدعوى أنهم ضد الدين وضد الشريعة.. انه وضع جديد على الشعب المصري الذي علم العالم اجمع الدين والحكمة والمعرفة.. ليأتي هؤلاء المتأسلمون ويريدوا محاولين تعليم العالم البلطجة وقلة الأدب والجهل باسم الدين، ويدعون أنهم أكثر وطنية من كل المواطنين مع أنهم أول الكافرين بالوطن!!