خبراء: الحد من الفساد والقضاء على العشوائيات.. أبرز الإيجابيات 2.8 مليون مبنى و396 ألف دور و1.7 مليون وحدة.. حصيلة المخالفات 2 مليون و500 ألف.. عدد طلبات التصالح 90٪ من مخالفات البناء.. السبب الرئيسى فيها موظفو المحليات، هذا ما قاله النائب العام المستشار حمادة الصاوى، مؤخرًا خلال ندوه نقاشية مع خريجى الدفعة الثالثة للبرنامج الرئاسى لتأهيل التنفيذيين للقيادة. وقبلها كشف الدكتور خالد قاسم، مساعد وزير التنمية المحلية والمتحدث الرسمى باسم وزارة التنمية المحلية، عن أن الوزارة أحالت 521 قيادة محلية للتحقيق والنيابة العامة فى عدد من المخالفات الإدارية فى الديوان العام والمحافظات. ووفقًا لآخر تقرير قدمته الحكومة لمجلس النواب، بلغ عدد المبانى المخالفة 2.8 مليون مبنى على مستوى الجمهورية، وعدد الأدوار المخالفة 396 ألفًا و87 دورًا، وعدد الوحدات المخالفة 1.7 مليون وحدة. كل هذه الأرقام تعنى أن الفساد فى المحليات تسبب فى ملايين المخالفات الخاصة بالبناء والتشوه العمرانى الذى أصبح يعانى منه معظم محافظات الجمهورية، ومن أجل ذلك، كان لابد من البحث عن حل لهذه المشكلة المزمنة منذ سبعينيات القرن الماضى، وكان الحل فى تكليف مجلس الوزراء للجامعات بإصدار تراخيص البناء بدلًا من المحليات. وتختلف أنوع مخالفات البناء، ما بين بناء بدون ترخيص، وتغيير الاستخدام مثل التغيير من سكنى لتجارى أو لإدارى، ومخالفة عدم المطابقة للاشتراطات التخطيطية والبنائية السارية، والرسومات المعمارية والإنشائية للترخيص الصادر، فضلًا عن تعلية أدوار مخالفة بعقار مرخص بالمخالفة لرخصة البناء، والبروز والتعدى على خطوط التنظيم، إضافة إلى مخالفات البناء على أملاك الدولة. وطبقًا لتقرير صادر عن وزارة التنمية المحلية، بلغ عدد قرارات الإزالة الصادرة 2 مليون و644 ألفًا و222 قرارًا، تم تنفيذ 633.406 ألف قرار، ويتبقى مليون و923 ألفًا و766، فيما تبلغ عدد المبانى التى تشكل خطورة ولم تنفذ قرارات إزالتها 43 ألفًا و797 حالة، وتعتبر الدقهلية فى صدارة المحافظات التى بها مبان تشكل خطورة وعددها 6272 مبنى. وتتنوع أسباب عدم تنفيذ قرارات الإزالة ما بين الدراسات الأمنية، التى كانت وراء عدم تنفيذ 809 آلاف و989 قرار إزالة، ونزاع قضائى تبلغ 115 ألفًا و35 حالة، ومشغول بالسكان تبلغ 687 ألفًا و856 حالة. وعقب إقرار قانون التصالح فى مخالفات البناء، صدر قرار وقف البناء لمدة 6 أشهر، وشهدت الجهات الحكومية إقبالًا كبيرًا من المواطنين على التصالح وتقنين أوضاعهم، وبلغ عدد طلبات جدية التصالح نحو 2 مليون و500 ألف طلب. ومؤخرًا، عقد الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، اجتماعًا بشأن استعراض الضوابط والاشتراطات التخطيطية والبنائية لمحافظاتالقاهرة والجيزة والإسكندرية، طالب خلاله الجهات المعنية، بسرعة الانتهاء من وضع الضوابط والاشتراطات البنائية فى كافة المحافظات. وكلف رئيس الوزراء، وزارة التعليم العالى والبحث العلمى بأن يكون هناك تعاون كامل بين الجامعات المصرية والمحافظات؛ من أجل الانتهاء من وضع اشتراطات بنائية على مستوى الجمهورية، كما كلف الجامعات فى شتى المحافظات بتولى إصدار التراخيص بدلًا من المحليات، قائلًا، «الجامعات فى المحافظات ستكون بمثابة المكتب الاستشارى لكل محافظة لإصدار التراخيص وضبط العمران فى كل مدينة». واستعرض أهداف الدليل الإرشادى لضبط العمران، وصياغة الضوابط، والاشتراطات التخطيطية للمدن المصرية، حيث تمت الإشارة إلى أن هدف الدليل يتمثل فى وضع معايير ضبط العمران، ووضع أسس صياغة الضوابط والاشتراطات التخطيطية للمدن، وإعادة صياغة برامج الخدمات الأساسية، بالمدن المعتمد بها المخططات الاستراتيجية، طبقًا لتوجهات ضبط العمران. كما تم عرض منهجية العمل بالدليل التى تعتمد على تحديد أو تقسيم المدينة إلى وحدات إدارية أو مناطق ذات خصائص متجانسة؛ لدراسة حالة العمران بها، ورصد مؤشرات حالة العمران من حيث الكثافة البنائية ونسب توزيع الاستعمالات السكنية وغير السكنية ونسبة مساحة الطرق، ونسبة الإشغال، ورصد مؤشرات الوضع السكانى بالوحدات من حيث عدد السكان والكثافة السكانية واتجاهات النمو السكانى، فضلًا عن تقييم حالة العمران طبقًا لأهداف ومعايير ضبط العمران، التى تشمل ضبط العمران والحد من المشكلات الناتجة من التكثيف السكانى والعمرانى، والحد من التكدس والازدحام المرورى ورفع كفاءة شبكات الطرق الحالية، ورفع كفاءة العمران القائم وزيادة مؤشرات الجودة البيئية العمرانية. كما استعرض رئيس مجلس الوزراء نتائج الدراسات التخطيطية التى قام بها أساتذة الجامعات، بهدف وضع الاشتراطات البنائية فى القاهرة والجيزة والإسكندرية، وتم التوافق على عرضها على المجلس الأعلى للتخطيط والتنمية العمرانية لاعتمادها. ووفقًا لمسودة الاشتراطات البنائية المقترحة للبناء فى القاهرة، سيتم وقف البناء بعدة مناطق بالقاهرة مع تغيير الارتفاعات وعدد الأدوار ونسب البناء على مسطح الأرض. وتضمنت الاشتراطات الجديدة عدم تغيير نشاط الأبنية السكنية وإلزام الجميع بتوفير جراجات للسيارات بأى طابق فى المبنى ولا يشترط توفيرها بالبدروم، مع إمكانية إنشاء جراجات حديثة وإلكترونية حسب الكود المصرى. واختصت الاشتراطات الجيدة المناطق التراثية والأثرىة بشروط خاصة، طبقًا لما يحدده جهاز التنسيق الحضارى والآثار. وأوضحت المسودة أنه تمت دراسة الكثافات السكانية والبنائية وأنماط العمران وكذلك الوحدات العمرانية المتجانسة بالمدينة من خلال مجموعة معايير وهى: دراسة الكثافات السكانية على مستوى الأحياء والشياخات بعد استغلال الوحدات، والأنماط العمرانية السائدة بالمناطق المختلفة وارتباطها بالنسب البنائية ومسطحات قطع الأراضى السائدة، وإعادة تعريف الاستعمالات السائدة وفقًا لتعريف دليل الخدمات المعد من قبل الهيئة، وتوقيع الاشتراطات الخاصة للمناطق ذات القيمة أو الصادر لها قرارات خاصة، وأنه تم تصنيف القطاعات وفقًا لدليل توزيع الأنشطة واستعمالات الأراضى داخل المدن المصرية لسنة 2019. من جانبه، قال الدكتور صبرى الجندى، مستشار وزير التنمية المحلية الأسبق، إن إصدار الجامعات لتراخيص البناء له عدة إيجابيات ستعود بالنفع على المجتمع. وأضاف «الجندى»، أن أبرز هذه الإيجابيات تتمثل فى ضمان تقليل حجم الفساد الذى يصاحب عملية إصدار تراخيص البناء من المحليات سواء أحياء أو مراكز مدن، كما سيضمن صدور الترخيص من جهة هندسية محايدة ومحترمة وهى كليات الهندسة والتخطيط العمرانى، ما يضمن تنفيذ شبه كامل للترخيص، والحد من البناء المخالف للترخيص. وأوضح مستشار وزير التنمية المحلية الأسبق، أن الإشراف الهندسى من الجامعات لعملية التنفيذ سوف تؤدى إلى التزام صاحب الترخيص بما جاء فيه، مشيرًا إلى أن آلية إصدار الجامعات للتراخيص لم تحدد بعد من جانب الحكومة، ولكن الجامعات سيكون دورها فنيًا استشاريًا وليس إداريًا. ولفت «الجندى»، إلى أن الجامعة ستصدر الترخيص، ولكن الإجراءات الإدارية الأخرى مثل تقديم الطلبات واستلام الأوراق وغيرها ستكون من اختصاص المحليات كما هى، قائلًا: «المواطن هيروح للمحليات يقدم الطلب وبعدها المحليات تبعته للجامعة الموجودة فى المحافظة للموافقة عليه ووضع اشتراطات البناء له، أى أن المحليات ستكون وسيط بين مقدم الطلب والاستشارى الهندسى اللى هو الجامعة». وحول إمكانية تكرار الفساد فى الجامعات مثل المحليات، أكد الجندى صعوبة هذا الأمر، لأن أساتذة الجامعات هم من سيصدرون التراخيص، وغالبًا لن تكون لهم مصلحة شخصية من وراء ذلك، فليست لهم مكاتب استشارية خارجية مثلًا يذهب إليها المواطن، ولذلك سيقل الفساد بدرجة كبيرة. وتابع: «طبيعة دور الجامعات الاستشارى سوف يحد من الفساد، لأن أستاذ الجامعة لن يتعامل مع المواطن بشكل مباشر ولكن سيكون الأمر من خلال المحليات كوسيط، وبالتالى المصالح ستختفى ومعها الفساد أيضاً». وقال الدكتور الحسين حسان، خبير التطوير الحضارى واستشارى المناطق العشوائية، إنه منذ سبعينيات القرن الماضى بدأت مظاهر التشوه العمرانى فى الحيز العمرانى الموجودين فيه، بسبب فشل الإدارات المحلية. وأضاف «حسان»، أن هذا الفشل أفرز 1221 منطقة عشوائية سواء خطرة أو آمنة، ونحو 3 ملايين مبنى مخالف، و396 ألف دور مخالف، وخسارة 90 ألف فدان من أجود الأراضى الزراعية منذ2011 بسبب مخالفات البناء والتشوه العمرانى، مشيرًا إلى أننا نعانى من تشوه عمرانى كبير، متابعًا، «عدد المبانى فى مصر حوالى 18 مليون مبنى أغلبها فى الريف وعدد القرى 4740 قرية و32 ألف كفر وعزبة مليئة بالمخالفات البنائية». وأوضح خبير التطوير الحضارى واستشارى المناطق العشوائية، أن أهم أسباب فشل المحليات فى إدارة ملف تراخيص البناء هو عجز الإدارات الهندسية، لأن أغلب الموجودين فيها مؤهلات متوسطة، والدليل على ذلك أنه عندما أصدرت الحكومة قانون التصالح فى مخالفات البناء تمت إحالة الملفات نفسها إلى المكاتب الاستشارية الخارجية نتيجة العجز فى الإدارات الهندسية بالمحليات. وتابع: «ولذلك تمت إحالة ملف التراخيص للجامعات وسيكون فى اتجاهين داخلها وهما كليات الهندسة والتخطيط العمراني»، مشيرًا إلى أنه عند ذهاب المواطن للإدارات الهندسية فى الأحياء لإصدار ترخيص بناء سيجد أن أغلب أعضائها مؤهلات متوسطة غير مؤهلين لمعرفة إمكانية هذا العقار من حيث السلامة الإنشائية أو غيره، وبالتالى أصدرت الدولة قرارها بالاستعانة بخبرائها وهم أساتذة الجامعات المتخصصين داخل كل محافظة، وبذلك أصبحت الجامعة بمثابة المكتب الاستشارى الخاص بكل محافظة من حيث السلامة الإنشائية والتخطيط العمرانى. وأكد «حسان»، أن كليات التخطيط العمرانى وكليات الهندسة هى الجهات الوحيدة التى تستطيع تطبيق وتنفيذ مخطط الدولة لاشتراطات البناء الجديدة، سواء منع البناء فى بعض الأحياء ذات الكثافات العالية أو تحديد اشتراطات معينة لبعض الأحياء الأخرى حتى يكون البناء على أساس علمى فيما بعد. ولفت إلى أنه فى الماضى عندما كان المواطن يريد الحصول على ترخيص بناء يقوم بعدد كبير من الإجراءات فى الإدارات المحلية، ولكن حاليا لو أردت التقديم للحصول على ترخيص بناء فإنك تذهب إلى أحد المكاتب الهندسية الاستشارية ويكون وكيل المواطن أمام الجهة الحكومية سواء محليات أو جامعات ويقدم الرسومات الهندسية للجهة الحكومية، وحتى الآن الحكومة لم تحدد هذه الجهة ولكن غالبًا ستكون كليات الهندسة والتخطيط العمرانى. واقترح خبير التطوير الحضارى واستشارى المناطق العشوائية، إنشاء مركز مستقل تابع لكل جامعة يتخصص فى هذا الشأن، كما يجب تعديل قانون البناء الموحد لإضافة الجامعات بدلًا من الإدارات المحلية فى إصدار تراخيص البناء، مؤكدًا أن القرار يصب فى مصلحة المواطن المصرى والتخطيط العمرانى والحفاظ على الثروة العقارية المتبقية فى مصر. فيما قالت الدكتورة راندا جلال، وكيل كلية التخطيط الإقليمى والعمرانى بجامعة القاهرة، إن تكليف الجامعات بإصدار تراخيص البناء، يعنى أنها ستكون بمثابة منارة علمية ومكتب استشارى للمحافظات. وأضافت أن الجامعات لن تعطى ترخيص البناء، ولكن ستكون استشاريًا هدفها دراسة الحالة البنائية فى كل منطقة وتحديث المخططات العمرانية فى مختلف المناطق، لأن الوضع الحالى لمنطقة ما من الممكن أن يكون قد تغير عما كان موضوعًا فى المخطط وقت إعلانه فى الماضى. وأوضحت وكيل كلية التخطيط الإقليمى والعمرانى بجامعة القاهرة، أن الجامعات سوف تصدر خريطة للمحليات بالاشتراطات الخاصة بكل محافظة ومنطقة، مع تحديد خصائصها وحجم الارتفاعات، والكثافة البنائية وحجم المساحة التى سيتم البناء عليها من مساحة الأرض الكلية، وعدم تغيير نوع الاستعمال للعقارات، لما يسببه ذلك من أزمات، فمثلًا منطقة جاردن سيتى لو تغير نوع الاستعمال للإدارى بدلًا من السكنى سوف تحدث بعض المشكلات بسبب كثرة التنقل والتردد عليها من المواطنين، وسنحتاج إلى أماكن جديدة لبناء جراجات لاستيعاب السيارات المترددة على المنطقة وهكذا». وأشارت إلى أن الجامعات سيكون دورها إعطاء المحافظات توجيهات وتعليمات بالاشتراطات الخاصة بالبناء فى المناطق الخاصة بها قبل إصدار الترخيص لأى عقار، وعلى ضوئها يصدر الترخيص أو لا يصدر. ولفتت إلى أن القرار سيسهم فى عدم ظهور مناطق عشوائية جديدة، التى ظهرت لأن المجتمع يتحرك أسرع من التخطيط الحكومى، ولذلك يجب أن تكون الدولة أسرع من تحرك المجتمع، فمن يهاجر من المحافظات ويأتى للقاهرة مثلًا جاء بسبب عدم توافر الخدمات وفرص العمل والإسكان فى محافظته الأصلية، وبالتالى يأتى إلى أطراف المدن الكبرى نتيجة انخفاض أسعار المساكن فيها، ومن ثم ظهرت الحاجة إلى الوحدات السكنية وبدأ البناء العشوائى وظهور العشوائيات بشكل كبير منذ فترات طويلة.