«الرحبى» سفير عُمان الجديد لدى القاهرة يصل قريباً لتسلّم مهام عمله الإعداد للدورة الجديدة للجنة المشتركة العُمانية المصرية.. وإعفاء المصريين من تأشيرات دخول السلطنة 10 أيام تشهد العلاقات العُمانية المصرية دوماً دفعات قوية للأمام، بفضل الانسجام والتشاور والتفاهم والتنسيق السياسى المشترك والتعاون إزاء مختلف القضايا الثنائية والإقليمية والدولية، وتستمد هذه العلاقات قوتها من عمقها التاريخى والحضارى المتجذر، ومن تعدد جوانب التعاون بين البلدين وتشعبها وعدم اقتصارها على جانب واحد، فتمثل العلاقات بين البلدين محور ارتكاز هام على الساحة السياسية العربية. سفير جديد.. وإعفاء من تأشيرات الدخول تمثلت الدفعات الجديدة للعلاقات التاريخية والمتميزة بين البلدين فى مجموعة من المؤشرات، أولها: تعيين سفير عُمانى جديد لدى مصر، فمن المتوقع أن يصل بعد أيام السفير عبدالله بن ناصر بن مسلم الرحبى سفير سلطنة عُمان الجديد لدى مصر والمندوب الدائم لدى الجامعة العربية، إلى القاهرة لاستلام مهام منصبه الجديد، وذلك بعد إصدار السلطان هيثم بن طارق سلطان عُمان مرسوماً سلطانياً منذ أيام بإجراء تنقلات وتعيينات فى السلك الدبلوماسى، بينها تعيين «الرحبي» فى مصر. ويُعد «الرحبي» دبلوماسياً وإعلامياً من الدرجة الأولى، حيث كان سفيراً للسلطنة فوق العادة ومفوضاً لدى دولة الإمارات فى شهر مارس الماضى، وشغل وظيفة مندوب عُمان الدائم لدى مكتب الأممالمتحدة فى جنيف فى يونيو 2012م، والمندوب الدائم للسلطنة لدى منظمة التجارة العالمية، كما كان يشغل من قبل منصب المُلحق الثقافى بسفارة السلطنة فى الأردن، ورئيساً لمجلس إدارة مؤسسة عُمان للصحافة والأنباء والنشر والإعلان فى مارس 2005م، ورئيساً تنفيذياً لمؤسسة عُمان للصحافة والنشر والإعلان فى يوليو 2006م، ورئيس تحرير صحيفة عُمان اليومية، كما منحه الدكتور تيدروس مدير عام منظمة الصحة العالمية شهادة المنظمة تقديراً لدوره فى تعزيز العلاقة والتعاون مع المنظمة. والمؤشر الثانى الذى يجسد استمرارية تطور العلاقات المتميزة بين مسقطوالقاهرة، هو إعلان سلطنة عُمان الأسبوع الماضى، عن إعفاء المصريين من تأشيرات الدخول إلى السلطنة – إلى جانب رعايا 102 دولة أخرى – لمدة 10 أيام، وفقاً لضوابط وشروط محددة منها وجود حجز فندقى مسبق ومؤكد وتأمين صحى وتذكرة سفر للعودة، وذلك تسهيلاً للسائحين الراغبين فى زيارة السلطنة ودعماً للحركة السياحية العُمانية. الإعداد للجنة المشتركة أما المؤشر الثالث الذى يؤكد قوة العلاقات بين مصر وعُمان، هو الاستعدادات الجارية فى كل من مسقطوالقاهرة حالياً، للإعداد لانعقاد الدورة الجديدة الخامسة عشر للجنة العُمانية – المصرية المشتركة لعام 2020م، والتى تُعد فرصة لتبادل وجهات النظر ووضع الآليات الملائمة لدعم العلاقات بين البلدين الشقيقين والارتقاء بها، حيث إن اللجنة المشتركة بمثابة منصة عُمانية مصرية تتناول كل أوجه العلاقات ويتم من خلالها استكشاف مجالات التعاون الجديدة وتنفيذ ما تم الاتفاق عليه من مذكرات تفاهم واتفاقيات بين البلدين، لتعزيز العلاقات فى مختلف المجالات. وقد تم عقد الدورة الرابعة عشرة للجنة المشتركة فى شهر مارس من عام 2019م الماضى فى مسقط، بمشاركة كبار مسئولى البلدين الشقيقين، وتم خلالها استعراض علاقات التعاون الثنائى القائمة، والتأكيد على المضى قدماً للعمل نحو تعزيز التعاون فى كافة المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والصناعية والقضائية والتنموية وفى المجالات التربوية والتعليمية والقوى العاملة والخدمة المدنية وغيرها من المجالات الأخرى التى من شأنها فتح آفاق جديدة للتعاون بين البلدين بما يحقق تطلعاتهما وآمالهما. سفارة مصر تشكر القيادة العُمانية والمؤشر الرابع الذى يبرهن على حيوية وعُمق العلاقات العُمانية المصرية، كان الشكر والتقدير الذى تقدمت به سفارة مصر بعُمان الأسبوع الماضى، إلى قيادة وحكومة وشعب سلطنة عُمان، على نجاح التعاون والجهود المقدرة التى بُذلت على مدار شهور طويلة لتأمين عودة الربان البحرى المصرى فاروق محمد عبدالعال، إلى مصر بسلام، بعد فترة من احتجازه باليمن. وثمنت السفارة المصرية بمسقط تعاون السلطات العُمانية فى التنسيق والمتابعة مع السفارة ومع الأطراف اليمنية المعنية، لمتابعة موقف المواطن المصرى منذ الأيام الأولى لاحتجازه، واتخاذ كافة الإجراءات وبذل كافة الجهود اللازمة للإفراج عنه وتسهيل عودته إلى مصر بسلامة الله، حيث تكللت تلك الجهود بالنجاح بعد وصول المواطن المصرى إلى أرض الوطن. وأشارت السفارة المصرية فى مسقط إلى استمرار مدرسة السياسة الهادئة الحكيمة غير المنحازة التى تنتهجها سلطنة عُمان، فى تحقيق المزيد من الإنجازات والمساهمة فى حل المزيد من المشاكل والتعقيدات على مختلف الأصعدة الإقليمية وبما يسهم فى دعم وتحقيق السلم والأمن الدوليين. مواقف مُشرفة وكان للمغفور له السلطان قابوس بن سعيد طيب الله ثراه، مواقف مُشرفة طوال فترة حكمه لمساندة مصر، وخاصة خلال حرب أكتوبر المجيدة عام 1973م، حيث أطلق مبادرة تاريخية عندما أصدر مرسوماً خلال الحرب بالتبرع بربع رواتب الموظفين العُمانيين لدعم مصر إلى جانب إرسال بعثتين طبيتين عُمانيتين لمصر. ولعل أشهر المواقف العُمانية من مصر كانت عام 1979م عندما رفضت السلطنة قطع العلاقات الدبلوماسية مع مصر بعد توقيع معاهدة السلام مع إسرائيل «كامب ديفيد»، وبعد عشر سنوات من المقاطعة العربية، كان الحضور المصرى فى الجامعة العربية، من خلال القمة العربية فى الدار البيضاء فى المغرب عام 1989م، وكان للسلطنة دورها القومى فى استعادة مصر لدورها الريادى العربى، ومن هنا فإن العلاقات بين القاهرةومسقط ذات أبعاد سياسية، ما يعطى مؤشراً بأن البلدين ماضيان فى تعزيز تلك العلاقات وتطويرها وتنشيط العلاقات الاقتصادية والاستثمارية وفى مجالى التعليم والسياحة على ضوء الإمكانات الكبيرة التى يمتلكها البلدان. علاقات تاريخية حضارية وتُعد العلاقات بين سلطنة عُمان ومصر، علاقات نموذجية بامتياز، ولا تتأثر بالتحولات السياسية الإقليمية والدولية، لأنها ترتكز على أبعاد تاريخية وحضارية تمتد لأكثر من 3500 عام، حيث التبادل التجارى بين القدماء المصريين وأهل عُمان من خلال تصدير اللبان العُمانى الشهير من ظفار إلى مصر، بل إن الملكة المصرية حتشبسوت زارت ظفار فى رحلة تاريخية، ما يدلل على حضارة البلدين وعلاقاتهما التى تضرب فى جذور التاريخ، وهو ما أدى إلى علاقات اقتصادية وتجارية واسعة، تطورت مع الوقت إلى علاقات سياسية واستراتيجية وروابط اجتماعية وثقافية واسعة، ومن ثم فإن تلاقى الأفكار والمواقف بين الدولتين تجاه قضايا المنطقة لم يأت من فراغ، بل كان للتاريخ والجغرافيا الأثر الكبير فى بلورة مواقف مشتركة بين الدولتين.