من الطبيعي أن يحدث ما حدث من تناحر وتظاهر ومليونيات تؤيد وأخرى تعارض، ولنسجد لله جميعاً شكراً على الخروج من عنق زجاجة الاحتقان دون احتكاك حقيقي، ودون ضحايا، ودون حرب أهلية لم يسع حكيم أو عاقل لمنع وقوعها، ولكن الله أراد بمصر خيراً.. وبضعفائها سلاماً - وبفقرائها ستراً. والآن لابد من وقفة حقيقية على أرض الواقع، بعيداً عن شعارات الليبراليين، وهتافات الإسلاميين، وتنظير القوى المدنية، وحسابات الأحزاب الورقية، ومصالح الفلول «المباركية». يجب أن نعي جميعاً أننا «نحبو» على طريق الديموقراطية السريع، والمخاطر تتطاير حولنا من كل جانب وصوب، وأوضاعنا - التي لا تسر عدواً ولا حبيباً - لا تحتمل «رفاهية» الديموقراطية الكاملة، اقتصادنا على شفير الانهيار، ووحدتنا تتناوبها معاول التقسيم من الداخل والخارج، وحدودنا تلتهب تارة وتنتهك أخرى، ورعب حدوث «ثورة جياع» مازال يلوح في الأفق ودعونا نتكاشف.. لقد استمرأنا التظاهر، واستطبنا الوقوف على سلالم كل المصالح، وامتنعنا عن العمل والإنتاج، وأصبحنا ننتظر «إحسان» صندوق النكد، وفوائض موائد الأشقاء!.. هل أقول جديداً؟.. كلا! هل صدمتكم؟.. بالتأكيد لا فأنتم جميعا تعرفون ذلك! والآن ماذا ينبغي أن نفعل؟.. أقول لمعارضي الرئيس ورافضي مشروع الدستور.. وباغضي «حكم الاخوان»، لا تستسلموا، ولا تهاجروا وتتركوا «لهم» البلد أبدا.. أبدا بل ارتضوا بما تنادون به «الديموقراطية».. أليست تعني حكم الشعب بالشعب وللشعب؟!.. أليست هي حكم الأغلبية؟.. ألا توجد معارضة في الغرب المتقدم؟ هل المعارضة هناك تعتصم في الميادين وعلى سلالم النقابات دون أن تعمل أو تنتج؟.. أرجوكم «عارضوا» بقوة ولا تتوقفوا عن معارضة كل ما تعتقدون أنه خطأ فهذا حقكم وحق شعب مصر عليكم، فأنتم قادة الرأي والفكر ورموز الديموقراطية.. لذا عليكم الالتزام بقواعدها كما وضعها الغرب، وهذه القواعد كما أعلم وتعلمون لا تسمح بتعطيل الإنتاج وإيقاف عجلة العمل، والدفع بالبلاد نحو الهاوية. .. وأقول لمؤيدي الرئيس المنتخب مرسي، ورموز تيار الإسلام السياسي، والأحزاب الدينية، وفي مقدمتها الحرية والعدالة والنور، لقد أثبتم أنكم الأغلبية، والأكثر تأثيراً في الشارع والأقدر على الحشد،.. ولكن أرجوكم احذروا طغيان الأغلبية، ومحاولة «إلغاء» الآخر، وتكرار استعراض القوة، واعلموا أنكم اليوم في السلطة، وربما تنتقلون غداً إلى مقاعد المعارضة، فضعوا مصلحة مصر قبل مصلحة الجماعة، ومصالح الشعب قبل مصالح الحزب أو الجماعة، واعلموا أننا شعب متدين بطبعه مسلميه ومسيحييه.. وحتى يهوده الذين اختاروا البقاء في مصر، تعلمون أكثر مني حقوق هؤلاء جميعاً علينا، ومصر على مدى تاريخها دولة وسطية لم تعرف سوى التسامح ديدناً.. والبساطة منهجاً، واذكروا أن الله قد نصركم على حاكم ظالم نكل بكم وسجنكم وعذبكم، فأظهركم الله عليه، فلا تظلموا أحداً فإن الظلم ظلمات أبعدنا الله جميعاً عنه.. وأبعده عنا. أما مشروع الدستور فأمامنا جميعاً أيام طوال نشرحه للناس عبر جميع وسائل الإعلام، المعارضة والمؤيدة، ولنترك الحكم لصندوق الانتخابات، أليست هذه هي الديموقراطية؟! وحفظ الله مصر وشعبها من كل سوء. twitter@hossamfathy66