الإعلان غير الدستورى سقط بإرادة الشعب، وأمام الرئيس مرسى فرصة ذهبية، يثبت فيها أنه رئيس كل المصريين، وينقذ بها شرعية حكمه، ويحقن الدماء.. هذه الفرصة هى أن يستجيب لإرادة الشعب التى انعقدت فى ميدان التحرير، وعواصم المحافظات، ويعلن فوراً دون إبطاء سقوط هذا الإعلان المشئوم رسمياً.. هذه الاستجابة تضمن فض الميدان من المعتصمين، وعودة الحياة الطبيعية، وتهيئ المناخ السياسى المناسب للحوار حول القضايا المشتركة. لا أحد فوق إرادة الشعب، فالحق فوق القوة، والأمة فوق الحكومة، هذه الإرادة لا يجب الاستهانة بها لأنها هى التى أسقطت نظام مبارك عندما عاند، وارتفع سقف المطالب ونجح الشعب فى إزاحة النظام بالكامل. تصاعد حرب المليونيات يجعل شرعية الحاكم الحالى على المحك، اليوم مليونية التراجع أو الرحيل، وغداً التيارات الإسلامية تساند الرئيس وإعلانه الدستورى.. نزيف الدماء لا يتوقف فى ميدان سيمون بوليفار وفى المحلة وفى كل مكان فى المحافظات. الرئيس يتعرض لعملية ترويع من جماعة الإخوان وبعض مستشاريه دفعته للانفراد بالسلطة، صوروا له زوراً أن المحكمة الدستورية العليا تواطأت على قلب نظام الحكم، وأن النائب العام السابق والقضاة يعملون ضد الثورة وأن معارضيه فلول يحاولون اسقاطه. فاتخذ إجراءات لتحصين الحكم بالمخالفة لكل القواعد القانونية، وحصل لنفسه على سلطات لم يحصل عليها مستبد فى العالم. واستكمالاً لخطة ترويع الرئيس وتوسيع دائرة المواجهة مع الشارع فإن «الغريانى» دعا إلى يوم «رائع» كما قال للتصويت على مسودة الدستور فى الجمعية التأسيسية، وقد تكون النسخة النهائية من المسودة فى يد الرئيس اليوم أو غداً، لتحديد موعد طرحها للاستفتاء الشعبى، وسط إضراب القضاة! الغريانى إخوان وضعوا العربة أمام الحصان، واستغلوا انسحاب القوى المدنية من التأسيسية فى تمرير دستور الجماعة المعد سلفاً وإذا أصرت التأسيسية بتشكيلها المعيب الفاقد للشرعية على سلق الدستور، فإنه سيكون دستور جماعة، وليس دستور شعب، ولن يحمى كرامة المصريين ولقمة العيش، لأنه لم يحتكم إلى التوافق والضمير الوطنى العام. وإذا قبل الرئيس مرسى هذا المسخ الذى لا يليق بمصر ولا يعبر عنها، فإنه يؤكد أنه استبدل قناع وجه الديكتاتور بقناع آخر أكثر غلظة وأنه وضع نفسه فوق الدستور وفوق الشعب وفوق الدولة، المستشار الغريانى فى رائعته يقول للشعب استمتعوا بالسيئ لأن القادم أسوأ. مش عاوزين الإعلان الدستورى، خدوا الدستور المسلوق، عملية استبدال سيئ بأسوأ. خطة الغريانى إخوان لتمرير الدستور الفاشى هى محاولة جديدة لقطع الطريق أمام المحكمة الدستورية العليا التى ستنظر يوم الأحد دستورية التأسيسية ومجلس الشورى وقد تصدر أو لا تصدر حكمها فى هذا اليوم. فعلاً بقت 600 حتة المظاهرات خرجت لإسقاط الإعلان الدستورى وتصاعدت الأزمة حتى طالت شرعية الرئيس، واستمرار عمليات صب البنزين على النار لن يكون فى صالح الجميع، الفرصة مازالت أمام الرئيس مرسى فى أن يعلن إسقاط الإعلان الدستورى، وأن تتريس الجمعية التأسيسية فى التصويت على الدستور، وأن يبدأ حواراً فوراً يعلو فيه صوت الحق، وتخمد فيه المواقف الأحادية التى تؤدى الى تفاقم الموقف بين مليونيات ومليونيات مضادة.