التقوي من المنجيات من عذاب القبر وهناك أسباب كثيرة مُنجية من عذاب القبر، ومنها: الإكثار من ذكر الموت، فقد أمر النبي -عليه الصلاة والسلام- أمته بالإكثار من ذكر هادم اللذات، كما رُوي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (أكثِروا من ذكرِ هادمِ اللَّذَّاتِ). وفي الحقيقة إنّ الإكثار من ذكر الموت، يُشجع الإنسان على التوبة، والرجوع عن الذنب، وعدم الإصرار عليه، ويمنعه من ارتكاب المعاصي والآثام، ويخوفه من الله تعالى؛ فيأمن في القبر ويوم القيامة، لأنّ الله -عزّ وجلّ- لا يجمع على عبده خوفين ولا أمنين أبداً؛ فمن خافه في الدنيا أمّنه من الفزع في الآخرة، ومن لم يخشاه في الدنيا أفزعه في الآخرة، بالإضافة إلى أنّ الإكثار من ذكر الموت، يوقظ ضمير العبد، ويدفعه إلى محاسبة نفسه، فإذا أمسى لا ينتظر الصباح، وإذا أصبح لا ينتظر المساء، ممّا يدفعه إلى تجديد التوبة، والاستغفار، والندم. الإيمان والعمل الصالح، ومصداق ذلك قول الله تعالى: (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذينَ آمَنوا بِالقَولِ الثّابِتِ فِي الحَياةِ الدُّنيا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظّالِمينَ وَيَفعَلُ اللَّهُ ما يَشاءُ)،[7] فيثبت الله -تعالى- الذين آمنوا واتبعوا إيمانهم بأعمال الجوارح في الحياة الدنيا، بأن يُنجيهم من اتباع الشهوات، والانخداع بالشبهات، وعند الموت بالثبات على الإسلام وحسن الخاتمة، وفي القبر بالإجابة الصحيحة عند سؤال الملكين للميت: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ فيهديه الله -تعالى- لقول: الله ربي، والإسلام ديني، ومحمد -صلّى الله عليه وسلّم- نبيي. الاستقامة، تُعتبر الاستقامة دليلاً على عمران القلب بالإيمان، كما قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (قل آمنت بالله ثم استقم). وقد قال الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ)،[9]. وقد فسّر أبو بكر الصّديق -رضي الله عنه- الآية السابقة بأنّ الذين استقاموا على توحيد الله -تعالى- لم يلتفتوا إلى ما سواه؛ وذلك لأنّ القلوب عندما تعرف خالقها، وتهابه، وتحبه، وتتوكل عليه؛ تستقيم، وإذا استقام القلب، استقامت جوارح الإنسان كلّها. التقوى؛ فقد وعد الله -عزّ وجلّ- المتقين بالنجاة من عذاب القبر، وفتنته. الرباط في سبيل الله -تعالى- والشهادة في سبيل عزّ دينه، حيث إنّها من الأمور العظيمة التي تُنجي من عذاب القبر، هذا وإنّ قراءة سورة المُلك باستمرار، والعمل بما جاء فيها من الأمور التي تُنجي من عذاب القبر أيضاً.