سعيد بن جبير هو هو الحافظ والإمام والمقرئ والشهيد، من أعلم الناس بعلم تفسير القرآن الكريم، وقد أخذ حلمه عن حبر الأمة الصحابي الجليل عبد الله بن عباس -رضي الله عنه-، وقد قتله الحجاج بن يوسف الثقفي بسبب مناصرته للثورة التي خرجت على بني أمية. وكانت قصة مقتله من قصص التابعين الأكثر تأثيرًا وقد دار بينه وبين الحجاج حوارٌ مؤثر جدًا، دلَّ على فهم ابن جبير العميق لكلام الله سبحانه وتعالى، وعلى ثباته على الحقِّ انتهى الحوار بمقتل سعيد بن الجبير ولكنَّه قبل أن يُقتل دعا على الحجاج وقال: "اللهم لا تسلّطه على قتل أحدٍ من بعدي"، فمات الحجاج وقد أصابته دعوة سعيد بن جبير فكان آخر قتلاه. جيل التابعين له فضل عظيم على الأمة الإسلامية جمعاء، فقد كانوا خيرَ متلقٍ للإسلام من الصحابة الكرام -رضوان الله عليهم- وخير داعٍ ومعلمٍ للدين الإسلامي لمن جاء بعدهم، وقد أشارَ القرآن الكريم إليهم، وذلك في قوله تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}. وقد احتوت هذه الآية على الثناء على صحابة رسول الله-صلى الله عليه وسلم- وعلى من جاء بعده أي التابعون، ونجد ذكر التابعين في أحاديث لرسول -عليه الصلاة والسلام، حيث يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "خَيْرُ أُمَّتِي قَرْنِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ. قَالَ عِمْرَانُ فَلاَ أَدْرِي أَذَكَرَ بَعْدَ قَرْنِهِ قَرْنَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا _ ثُمَّ إِنَّ بَعْدَكُمْ قَوْمًا يَشْهَدُونَ وَلاَ يُسْتَشْهَدُونَ، وَيَخُونُونَ وَلاَ يُؤْتَمَنُونَ، وَيَنْذُرُونَ وَلاَ يَفُونَ، وَيَظْهَرُ فِيهِمُ السِّمَنُ" . وقد قال الحافظ بن حجر في هذا الحديث أن قرن النبي هم الصحابة، والذين يلونهم هم التابعون، فكانوا خير موثق وحافظ ومعلم، ومن قصص التابعين تستلهم كلُّ المعاني الإسلامية السامية والأخلاق الحميدة.