حسن المعاملة بين الزوجين من صفات المؤمنين ويُعَدّ (الفسخ) في اللغة مصدراً للفعل (فَسَخَ)، ومضارعه (يَفسَخ)، وعُرِّف بأنّه: الرفع، والإزالة، وهو النقض، يُقال: فَسْخِ الْعَقْدِ؛ أي فَكُّ الْعَمَلِ بِهِ، وإِبْطَالُه، ويُقال: فسخ الزواج؛ أي إنهاء عقد الزواج؛ لظهور مانع يتنافى مع مقتضياته، أو لقيام طارئ يمنع استمراره شرعاً، وقد عرّفه الحنفية، والمالكية في الاصطلاح الشرعيّ بأنّه: رفع العقد من أصله، كما عرّفه الشافعية بأنّه: حَلّ ارتباط العقد الناشئ، أو رفع العقد في حالة ليست من أصله، واتّفق الحنابلة مع الشافعيّة في تعريفهم. وقال اهل العلم من أسباب فسخ عقد النّكاح اللعان يُعَدّ اللعان في اللغة مصدراً للفعل (لاعن)، ويعني: الطرد من رحمة الله -تعالى-، وبيان المقصود باللعان الذي يحصل بين الزوجين حسب تعريف الفقهاء في الاصطلاح على النحو الآتي: الشافعية: هي كلمات معلومة فيها حجّة أحد الزوجَين على الآخر، ويكون مُضطراً لقذف الذي لطَّخ الفراش بالعار، أو بنَفي الولد منه. المالكية: هو أن يحلف الزوج المسلم المُكلّف بأنّه رأى زوجته في حالة زنا، أو أن ينفيَ حملها منه، وأن تحلف الزوجة على تكذيبه أربعة أيمان، ويحصل ذلك التلاعُن أمام الحاكم المسلم، ويشهد بالتفريق بينهما، أو يُقيم الحَدّ. الحنفية والحنابلة: هي الأيمان المقرونة باللعن من جهة الزوج، ويقابلها الغضب من جهة الزوجة، والتي تقوم مقام حَدّ القذف في حقّ الزوج، ومقام حَدّ الزنا في حقّ الزوجة. سبب اللعان ومشروعيته يحصل اللعان لسببَين؛ فإمّا أن يكون نتيجة ادّعاء الزوج على زوجته بأنّها زانية، أو أن يكون نتيجة نَفي الولد أو الحمل له؛ أي أنّه لم يجامع امرأته مدّة مُعيّنة، فبذلك ينفي الولد عنه، وقد وردت مشروعيّة اللعان في القرآن الكريم بقوله -تعالى-: ( وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ *وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ * وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَن تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ* وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِن كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ). وكان سبب نزول هذه الآيات ما حصل بين هلال بن أميّة وزوجته عندما قذفها عند رسول الله، وأخبره الرسول أنّه إمّا أن يأتي بالبيّنة على ذلك أو يُطبَّق عليه حدّ القذف، فنزلت الآيات بمشروعيّة اللعان، فتلاعنا عند الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-. وكيفيّة اللعان يكون اللعان أمام القاضي؛ حيث يبتدئ الزوج، ويُشهِد الله على نفسه أربع مرّات، فيقول :"أشهد بالله، إنّي لمن الصادقين فيما رميتها به من الزنا أو نفي الولد"، وفي المرة الخامسة يلعن نفسه إن كذب في ذلك، فيقول: "لعنة الله عليّ إن كنت من الكاذبين فيما رميتُها به من الزنا أو نفي الولد"، على أن تكون الزوجة مُحدَّدة باسمها إن لم تكن حاضرة، فإن حضرت فإنّه يُشير اليها، ثمّ تُشهِد المرأةُ اللهَ على نفسها أربع مرّات أيضاً، فتقول: "أشهد بالله، إنّه لمن الكاذبين فيما رماني به من الزنا أو نفي الولد"، وتقول في الخامسة: "أنّ غضب الله عليها إن كان من الصادقين فيما رماها به من الزنا أو نفي الولد"، ثمّ يُفرّق بينهما القاضي. وعدم الكفاءة إذا تزوّج الصغير أو الصغيرة قبل البلوغ، وكان التزويج من غير الفرع أو الأصل، وكان الزواج بغير كُفء، فهما أمام الاختيار؛ إمّا الفسخ، أو الاستمرار عند الوصول إلى مرحلة البلوغ، ولم يأخذ بهذا سوى الحنفية، أمّا الشافعية والمالكية وأحمد بن حنبل فلم يأخذوا بذلك؛ لأنّ التزويج دون البلوغ لا يجوز إلّا للأصل؛ وهو الأب، ومثله حُكم الإفاقة من الجنون، أو العَتَه إذا زوّجهم غير الفرع أو الأصل بغير كُفء، وقد وضّح العلماء الكفاءة؛ فمنهم من ذهب إلى أنّها: الكفاءة في الدِين، فلا تُزوَّج العَفيفة بالفاجر، ومنهم من ذهب إلى أنّ الكفاءة بالإضافة إلى الدين تكون في الحرّية، و السلامة من العيوب، والنَّسب، والحرفة، وهي حقّ للوليّ، وللزوجة. عدم الوفاء بالشروط للمرأة الحقّ بوضع الشروط في عقد الزواج عند انعقاده، إلّا أنّ هذه الشروط على نوعَين، هما: شروط مخالفة للشرع؛ كأن تضع شرطاً لطلاق ضرّتها، وحينها لا يتحقّق الشرط، ويحصل العقد، والنوع الثاني من الشروط ما ليس فيه إضرار أو مخالفة شرعية، ولا يُخلّ بمقصود العقد، فيلزم الزوج الوفاء به، كأن تشترط أن لا يُخرجها من دارها أو من بلدها، أو يتزوّج عليها، أو أن تسافر معه، ويجب الوفاء بالشرط، و لها الحقّ في طلب فسخ عقد النكاح عند القاضي إن لم يَفِ بما اشترطته عليه، فقد قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: ( أَحَقُّ ما أوْفَيْتُمْ مِنَ الشُّرُوطِ أنْ تُوفُوا به ما اسْتَحْلَلْتُمْ به الفُرُوجَ). وعندها لا بُدّ له أن يُجيبها إلى طلبها.[8] تغيير الدين إباء الإسلام يكون الإباء حين تدخل المرأة في الإسلام، وكانت قد تزوّجت من زوج كتابيّ أو غير كتابيّ، فلها أن تعرض عليه الإسلام، فإن أبى الإسلام وقع التفريق بينهما، أمّا في حالة أنّ الزوج كان مَن أسلم أولاً، وكانت الزوجة كتابيّة، فإنّ العقد يستمرّ ويدوم، وإن كانت غير كتابيّة يحصل التفريق بينهما في حال لم تعتنق ديناً سماويّاً، وهذا مذهب الأئمّة الأربعة. وللعلماء جملةٌ من الآراء في الفرقة التي تكون بين الزوجين حال دخول أحد الزوجَين في الإسلام، وكان اختلافهم بأنّها فسخ، أو طلاق، على النحو الآتي: الحنفية: يرون أنّ الأصل في ملك الزواج أنّه عائد إلى الزوج، وعليه إن كان الإباء من المرأة، فالفرقة بينهما فرقة فسخ، أمّا إن كان الإباء من الزوج فالفرقة الحاصلة فرقة طلاق. المالكية والشافعية والحنابلة: يرون أنّ الفرقة بينهما فسخ بغير طلاق، فإن أسلمت المرأة أوّلاً فإنّها تعرض على زوجها الإسلام، فإن لم يُسلم وقعت الفرقة بينهما بغير طلاق؛ لأنّهما مغلوبان على الفسخ، وبعد انقضاء العدّة يحلّ للمرأة أن تتزوّج. ردّة أحد الزوجين عُرِّفت الردّة بأنّها: الرجوع في اللغة، أمّا في اصطلاح الفقهاء فهي كما يأتي:[11] الحنفية: يرون أنّها الرجوع عن الإيمان بالتصريح بكلامٍ يدلّ على جحود دين الإسلام. المالكية: ذهبوا إلى أنّها الرجوع بالتصريح بالجحود بالقول، أو إنكار أمر من أمور الدين، أو القيام بفعل يستلزم الرجوع عن الدين، كإلقاء المصحف بين القاذورات. الشافعية: يرون أنّها قطع الإسلام. المالكية: يرون أنّها الرجوع عن الإسلام. وقد بيّن العلماء نوع الفرقة الحاصلة بعد ردّة أحد الزوجين على النحو الآتي: الفرقة الحاصلة فرقة فسخ لعقد الزواج، وليست فرقة طلاق، وذهب إلى هذا الحنابلة والشافعية، ورأي أبي حنيفة، وأبي يوسف، وقول عند المالكيّة. الفرقة الحاصلة فرقة طلاق لا فرقة فسخ، وذهب إلى هذا المالكية ومحمد بن الحسن من الحنفية. العيوب الزوجية تُعتبر العيوب الزوجية سبباً في عرقلة الحياة الزوجية، واستمراريّتها، وقد تكون هذه العيوب في الزوج، أو الزوجة على حدٍّ سواء، وقد تصبح إمكانيّة العيش مع هذه العيوب أمراً صعباً،[12] ويترتّب على هذه العيوب أحكام فقهية، بيانها فيما يأتي:[1 حصول العيوب المُنفِّرة، مثل: البرص، والخرس، والجنون، والجذام، والقروح السيّالة، والعيوب في الفرج، واستطلاق البول، والسلّ، والإيدز، والبخر في الفم، والريح المنكرة، والشلل في البدن، أو الأعضاء، ونحو ذلك، والحُكم فيها على التخيير في الفَسخ. حصول العيوب التي تمنع الاستمتاع، كالجب*، أو قطع الخصية، والحكم فيها على تخيير الفَسخ، إلّا أنّ الحق في الفسخ أنه يسقط في حالة الرضا قبل العقد، أو بعد الدخول، وفي حالة الزوج العقيم يجوز للزوجة الفسخ، وفي هذه الحالات يسقط حقّها في المهر إذا كان قبل الدخول، أمّا بعد ذلك فلها الحقّ فيه. وجود العنّة* في الزوج، وفي هذه الحالة للزوجة أن تصبر عليه سنة، وبعدها يكون لها حقّ الاختيار في فسخ عقد النكاح أو عَدَمه، فإن رضيت سقط حقّها؛ سواء كان ذلك قبل الدخول أو بعده. طروء المحرمية وهو فعل تتعلّق به حرمة المصاهرة، بحيث إذا وقع جماع من أحد الزوجين بأصل الآخر أو فرعه؛ فإنّ الفرقة تقع بينهما في الحال، فيقع الحُكم فسخاً عند أبي حنيفة، وذلك كمن زنا بالمُحرَّمات من المصاهرة، مثل أمّ زوجته، فحينها تصبح الزوجة مُحرَّمة عليه، حتى وإن وقع من الابن على أمّه، صارت الزوجة مُحرَّمة عليه، وإلى هذا ذهب ابن حنبل، وقد خالفهم الشافعي ولم يُرتّب حرمة بين الزوجَين،[14] ومن أنواع الفسخ الذي لا حاجة فيه إلى الرجوع إلى القاضي ثبوتُ أخوّة الرضاع؛ فهو فَسخ جَليّ ثابت وفوريّ، ويُنهي الحياة الزوجية في الحال. ووهو فعل تتعلّق به حرمة المصاهرة، بحيث إذا وقع جماع من أحد الزوجين بأصل الآخر أو فرعه؛ فإنّ الفرقة تقع بينهما في الحال، فيقع الحُكم فسخاً عند أبي حنيفة، وذلك كمن زنا بالمُحرَّمات من المصاهرة، مثل أمّ زوجته، فحينها تصبح الزوجة مُحرَّمة عليه، حتى وإن وقع من الابن على أمّه، صارت الزوجة مُحرَّمة عليه، وإلى هذا ذهب ابن حنبل، وقد خالفهم الشافعي ولم يُرتّب حرمة بين الزوجَين،[14] ومن أنواع الفسخ الذي لا حاجة فيه إلى الرجوع إلى القاضي ثبوتُ أخوّة الرضاع؛ فهو فَسخ جَليّ ثابت وفوريّ، ويُنهي الحياة الزوجية في الحال. وطروء المحرمية وهو فعل تتعلّق به حرمة المصاهرة، بحيث إذا وقع جماع من أحد الزوجين بأصل الآخر أو فرعه؛ فإنّ الفرقة تقع بينهما في الحال، فيقع الحُكم فسخاً عند أبي حنيفة، وذلك كمن زنا بالمُحرَّمات من المصاهرة، مثل أمّ زوجته، فحينها تصبح الزوجة مُحرَّمة عليه، حتى وإن وقع من الابن على أمّه، صارت الزوجة مُحرَّمة عليه، وإلى هذا ذهب ابن حنبل، وقد خالفهم الشافعي ولم يُرتّب حرمة بين الزوجَين. ومن أنواع الفسخ الذي لا حاجة فيه إلى الرجوع إلى القاضي ثبوتُ أخوّة الرضاع؛ فهو فَسخ جَليّ ثابت وفوريّ، ويُنهي الحياة الزوجية في الحال. الفسخ بسبب الغرر والغشّ يرى الحنفية أنّ المهر شرط صحة في النكاح، وعليه لو زُوِّجت الفتاة الفاقدة للأهليّة بأقلّ من مهر مثلها، كان الزواج فاسداً، والتفريق واجب ولا يتوقّف على قضاء، أمّا إذا زوّجت العاقلة نفسها بأقلّ من مهر مثلها، فإنّ الزواج يكون صحيحاً لرضاها، إلّا أنّه غير لازم لأوليائها إذا تضرّروا، ولهم الحقّ في رفع الأمر إلى القاضي؛ ليرفع مهرها إلى مهر مثلها، وإلّا قضى بفَسخه ما لم تلد أو تحمِل، بينما يرى المالكية أنّ الولاية للأب، وله العقد بأقلّ من مهر المثل، ولا يحقّ لأحد الاعتراض، ولا يستقلّ الأب في تزويج بناته، بل لا بُدّ من إذنهنّ، وهو مذهب الشافعية والحنابلة، فليس عندهم فسخ للغُبن.