بضغطة زر، وأنت جالس في بيتك تحتسي فنجانا من القوة أو الشاي يمكنك أن تدعو لمسيرة مليونية، من خلال إنشاء صفحة على الفيس بوك ، أو تبني الدعوة عبر منتديات ومواقع الإنترنت، حتى بات الأمر أشبه بموجة تسونامى عشوائية ضربت نشطاء الإنترنت، دون دراسة فرص نجاح هذه الدعوات، هكذا يبدو المشهد فى معظمه. فمن جمعة الغضب، إلى الرحيل والصمود، وجمعة الخلاص، كانت الدعوة "جادة" في بداياتها لمسيرات مليونية تنطلق في مختلف أرجاء مصر في توقيت واحد لإسقاط نظام الرئيس حسني مبارك، تلا ذلك حشود مليونية للاحتفال بالتنحي، وتواصلت حتى تم لها إسقاط حكومة أحمد شفيق. مليونيات المصريين توالت بشكل مكثف وجاد، تارة لتكريم الشهداء، وأخرى لإصدار دستور جديد، ومليونية لإلغاء جهاز أمن الدولة، وأخرى للمطالبة بمحاكمة أحمد فتحي سرور رئيس مجلس الشعب المنحل، وصفوت الشريف رئيس مجلس الشورى المنحل، وزكريا عزمي رئيس ديوان رئيس الجمهورية، وليس أخيرا الدعوة لمليونية لإنقاذ الثورة وحل الحزب الوطني والمجالس المحلية، ورفض قانون تجريم الاعتصامات. وأخذت الدعوة للمليونيات مسارا آخر يركز على جانب اقتصادي ما، مثل مليونية انقاذ البورصة المصرية من السقوط، أو نقل الودائع البنكية للمصريين في الخارج للبنوك المصرية، وتحويل المغتربين ألف دولار على الأقل لحساباتهم في الداخل. ونالت الوحدة الوطنية نصيبها من الدعوات المليونية وكان أبرزها مليونية لوأد الفتنة الطائفية عقب أحداث كنيسة صول بأطفيح تتحرك من ميدان التحرير إلى قرية صول، وهي دعوة رغم رواجها في وسائل الإعلام فإنها لم تتحقق على أرض الواقع. ولم يغب التيار الديني عن دعوات المليونية، فقد وجه موقع "أنا سلفى" على الموقع الاجتماعى فيس بوك، الدعوة لمؤتمر الدعوة السلفية المليونى، بمسجد عمرو بن العاص بمشاركة عدد من علماء الدعوة السلفية، من بينهم الشيخ محمد إسماعيل المقدم، والشيخ سعيد عبد العظيم، والشيخ أحمد فريد، والشيخ ياسر برهامى، والشيخ سيد حسين العفانى. وخرج الصوفيون أيضا بدعوة لمليونية صوفية ضد هدم أضرحة الأولياء، وقد يستعدون قريبا لإصدار دعوات جديدة من أجل حماية الموالد، وتعيين وزارة لها، أو وضع نص لها في الدستور. وعلى عكس الاتجاه تثور من آن لآخر دعوات في الفضاء الالكتروني الواسع دون مردود فعلي على أرض الواقع، منها دعوة لمليونية إسقاط "استفتاء الدستور"، والتي انتهت بتجمع مئات في ميدان التحرير عقب خروج نتائج الاستفتاء ب"نعم" بفارق أكثر من 10 ملايين صوت مقارنة بفريق "لا"، كما يدعو البعض لمليونية لتعديل المادة الثانية من الدستور، وهو ما قوبل بدعوات لخروج 10 ملايين إذا حاول أحد المساس بهذه المادة. الفريق المناوئ للثورة أصيب بعدوى " المليونية"، ولجأ هو الآخر لاستخدام نفس السلاح ، فتارة يدعو لمليونية لتأييد الرئيس المخلوع، وثانية للاعتذار له تحت شعار "آسفين ياريس" ، وثالثة لتأييد بقاء حكومة أحمد شفيق، والأغرب أنه وجه دعوة مليونية لاستنكار حوار الروائي علاء الأسواني مع الفريق شفيق قبل الإطاحة به بساعات، ويبدو أن الإسهال مستمر حيث واصل هذا الفريق الدعوة لمليونية ضد ما أسماه "ديكتاتورية ميدان التحرير"، والملفت أن جميع دعواته باءت بالفشل ولم يلتف حولها سوى بضع آلاف. وحتى نكات المصريين فقد فرضت نفسها على ساحة المليونيات، حيث تداول العديد من الأزواج دعوة لمظاهرة مليونية تحت شعار" الزوج يريد إسقاط المدام"، وخرجت جماهير مناوئة للكابتن حسن شحاتة بعد وضعه في قوائم أعداء الثورة بدعوة " الشعب يريد إسقاط شحاتة"، وأيضا مظاهرة مليونية "أهلاوية" لإسقاط نظام حسن حمدي، و"زملكاوية" لاسقاط حسام حسن، ودعوة تطالب بإسقاط برامج "التوك شو" بعد الكشف عن حجم الملايين التي يتقاضاها مقدمو تلك البرامج، وفي طرفة سياسية ملفتة تبنى نشطاء الدعوة لمليونية لإسقاط "الماس الكهربائي" في إشارة إلى حرائق الداخلية والجهاز المركزي للمحاسبات والبنك المركزي التي تردد أن المتورط في إشعالها "ماس كهربائي" مأجور. وهكذا لم يترك تسونامى المليونيات شخصية، ولا موقف، ولا حدث، دون أن يطل برأسه، حتى بات البعض يتوقع أن تخرج دعوة مليونية لاسقاط الثورة، أو انتخاب شعبان عبدالرحيم رئيسا للجمهورية، أو أخرى لإعادة الرئيس المخلوع لسدة الحكم انطلاقا من لافتة بالتحرير حملت مزحة طريفة من مواطن صعيدي تقول "ارجع ياريس..معلش إحنا كنا بنهزر".