نحن دولة موبوءة بهذه الكوارث, التي كثيرا ما نرى ونسمع ونقرأ عنها, هى حوادث القطارات التي إنتشرت في عهد الرئيس المخلوع، ووصلت إلى معدل من أعلى المعدلات في الكرة الأرضية, فمثلا وصلت عام 2009 لتسجل 1577 حادثة، والأمر الكارثي في الموضوع, أنه هو نفس العام الذي إقترضت فيه مصر 1.5 مليار جنيه من البنك الدولي لتطوير السكة الحديد، ولكن لم ينجح النظام السابق في الحد من هذه الحوادث, ووقف نزيف الدماء للمئات بل للآلاف من الفقراء على قضبان السكك الحديدية سنة بعد أخرى. لقد أسقطت ثورتنا المجيدة النظام الفاسد في ثمانية عشر يوماً، وأعلنت ثورة 25 يناير, النصر على الإهمال والتردي الذى أصبح يسري في جميع شرايين مصر, ولكن هناك إهمال لا يعد فسادا وإفسادا وفقط, ولكنه يصل الى مرحلة الفجر والفسوق والعصيان, وهو أخطر أنواع الإهمال, وهو حوادث القطارات, وتدهور قضبان السكك الحديدية, وتخلف القطارات, التى أصبحت تحصد أرواح المواطنين الأبرياء يومياً، بل تنزف دماؤهم بين القضبان وفوق صفيح القطارات, ولا ذنب لهولاء الضحايا الشهداء والفقراء الأصفياء والأطفال الأبرياء, لا ذنب لهم سوى ثقتهم في حكومتهم, وإيمانهم الراسخ بأن حكومتهم الرشيدة هى المسئولة عن فساد الأمة وأهمية إصلاحها, فحصلت مصر على المركز الأول بجدارة فى مثل هذه الكوارث, بعد فرم هؤلاء الأبرياء تحت عجلات القطارات, حيث زاد عدد قتلى هذه الحوادث المتردية عن عدد شهداء مصر فى حروبها. لذا أطالب بقيام ثورة لتطوير وتأمين سكك حديد مصر, بدلا من إنتقال السادة الوزراء والمسئولين والمحافظين إلى مواقع الحوادث لإظهار بالغ الأسى والحزن على الضحايا، وإعطاء تعليمات لصرف تعويضات هزيلة لأسر المذبوحين, لتظهر رخص الإنسان, وتكشف عن الإنخفاض الملحوظ لقيمة البشر, مقارنة بإرتفاع أسعار الثوم والبصل, ثم ينصرف كل مسئول وهو على يقين تام بأنه قدم مايجب عليه تقديمه. أرواح الفقراء المصريين أصبحت رخيصة, لا تتعدى سعر الثوم والبصل, وهذه الأرواح تقوم الحكومة الرشيدة بفرمها تحت قضبان القطارات, وبدلا من أن تكون كل يوم في نقصان حتى ينتهي هذا الوباء, فهى حريصة بجهلها وتجاخلها وغبائها وإستغبائها بل وإستحمارها مصممة كل يوم على إزدياد حالات قتل البشر، ولكن ليس قضاءا وقدرا بل هو بفعل فاعل, هو قتل ليس بخطأ, ولكنه قتل عمد مع سبق الإصرار وترصد رئيس الهيئة ووزير النقل, ولكن القاتل الأصلي لذهق هذه الأرواح, هو رئيس الحكومة ورئيس الدولة, بمشاركة رئيس الهيئة ووزير النقل, بالتعاون مع صغار وكبار المسئولين, لدرجة أننا أصبحنا لا نستوعب الأمر, ولا نصدق الأرقام المفرومة بين حديد القطارات, وبات من الصعب تقدير حجم الخسائر البشرية, حتى وجدنا أنفسنا أمام سلسة هستيرية من الكوارث البشرية, وأرقام من القتلى تفجعنا عندما نسمع عنها. فمثلا وأنا على يقين بذهول القارئ عندما يعرف أن أكثر من ستة ألاف مصري تم فرمهم من قبل القطارات خلال العشر السنوات الأخيرة, وأصيب أكثر من 21 ألف مصرى, وأن متوسط عدد حوادث القطارات فى مصر كل عام حوالى 120حادثة قطار سنويا, بمتوسط عشر حوادث كل شهر. ولكن فى عهد المتينى وزير النقل المستقيل المستميت, وقعت 15 حادثة بقطارات هيئة سكك حديد مصر, وهى كالتالي: حادث تصادم قطارى الفيوم, الذى راح ضحيته 4 قتلى وإصابة 43، وأيضا 3 حوادث نتيجة إصطدام قطارات بجرار زراعى فى مزلقانات المرازيق وميت حلفا والبراجيل, ووفاة 4 نتيجة دهسهم بالقطارات، وحريق فى 3 عربات وإنفصال عربة عن أحد القطارات. ومن الواضح أن خطوط الصعيد تعتبر هى الأكثر إهمالاً؛ حيث تفتقد للصيانة والرقابة، بالإضافة إلى أن ركابها من الفقراء.. ففى ليلة عيد الأضحى فى فبراير 2002 شهدت منطقة العياط بالجيزة حادثاً مروعاً, أدى إلى وفاة أكثر من 350 شخصاً وإصابة المئات، بسبب حريق شب فى أحد قطارات الدرجة الثالثة، وأدى غياب وسائل الإطفاء إلى إنتشار الحريق فى 7 عربات من قطار الصعيد, الذى كان فى طريقه إلى أسوان. أما فى بلبيس فى مايو 2005 تسبب تصادم قطار الشحن القادم من الزقازيق فى طريقه للقاهرة، وقطار آخر للركاب كان متوقفاً على نفس القضبان فى الطريق المعاكس, فى إصابة 45 من الركاب. ومن أسوأ حوادث السكة الحديد وقوع تصادم قطارين بمدينة قليوب فى أغسطس 2006 وقتل فيه 58 شخصاً وأصيب 143 آخرون. وكانت العياط مع موعد آخر لحادث قطار فى أكتوبر عام 2009 الذى تسبب فى الإطاحة بالمهندس محمد لطفى منصور وزير النقل. أما الآن وفي عهد الرئيس مرسي... وهذا ما سأناقشه وأكتبه في الحلقة الثانية غدا بعنوان ( كوارث القطارات.. الموت للفقراء والعزل للوزراء ) من سلسلة كوارث القطارات إن شاء الله. مستشار دبلوماسي ورئيس الإتحاد الدولي للشباب الحر