تجربة نموذجية لبنجلاديش فى دعم الإنتاج وامتصاص صدمة الأسواق العالمية تمثل صناعة الملابس الجاهزة واحدة من أهم الصناعات فى مصر، فهى تستحوذ وحدها على 15 % على قوة العمل فى القطاع الصناعى، كما أنها أكبر قطاع صناعى مشغل للإناث إذ يعمل فيها 42 % من العاملات، وهى من أعلى الصناعات جلبًا للعملة الصعبة إذ تزيد نسبة صادراتها علي 44% من حجم الإنتاج. كما أن حجم السوق المحلى للملابس يقدر بنحو 240 مليار جنيه. ولا شك أن هذه الصناعة الهامة كانت ثانى أكبر قطاع استثمارى فى مصر بعد السياحة تأثرًا بأزمة «كوفيد 19». والسبب كما تكشف دراسة حديثة للمركز المصرى للدراسات الاقتصادية بعنوان « صناعات تكافح للبقاء: الملباس والمفروشات» هو أن كافة التعاقدات التصديرية للشركات العاملة فى الصناعة تم إلغاؤها نتيجة تفشى الفيروس، كما أن تدفق مستلزمات الإنتاج المستوردة توقف هو الآخر. من هنا كان الموقف الحالى للصناعة هو حدوث توقف كامل بنسبة 100 فى المئة للمصانع الواقعة فى المناطق الحرة والمخصص إنتاجها بالكامل للتصدير، وتوقف بنسبة 80 % للمصانع الواقعة فى المناطق الصناعية الأخرى مثل بدر، العين السخنة، 15 مايو، برج العرب، 6 أكتوبر، مرغم، بنى سويف وغيرها من المناطق. ويمكن قراءة المشكلة بشكل واقعى إذ عرفنا أن أكبر دول يتم استيراد مستلزمات إنتاج منها بالترتيب هى الصين، الهند، تركيا، اندونيسيا، والولايات المتحدة، وهى جميعًا دول تعانى بشدة من أزمة فيروس كورونا. كذلك فإن أكبر خمس دول مستوردة للملابس والمفروشات المصرية هى أمريكا التى تستحوذ على 44% من الصادرات، ثم أسبانيا التى تستحوذ على 8%، وألمانيا 7% وانجلترا 7% ثم تركيا 6%. وتصور التعامل مع الصناعة يطرح تساؤلات حول إمكانية تغيير مسار حركة مستلزمات الإنتاج لاستيرادها من دول أخرى أقل تأثرا بالمرض مثل فيتنام غير أن ذلك يستلزم وقتا طويلا. وتطرح دراسة المركز المصرى ثلاثة سيناريوهات للأزمة فى قطاع الملابس الأول سيناريو متفائل يتوقع عودة طاقات العمل بنسبة 75% فى المصانع مع بدء التعافى لتحقق الصادرات 580 مليون دولار بنهاية العام، والثانى سيناريو متوسط يتوقع عودة المصانع للعمل بنسبة 50% لتحقق الصادرات 390 مليون دولارا، والثالث سيناريو متشائم، ويتوقع عودة المصانع للعمل بنسبة 30% لتحقق الصادرات 240 مليون دولار وهو أدنى معدل لها منذ 15 عاما. لكن هناك رؤية علاجية تقدمها الدراسة تتمثل فى تحويل مسار مصانع الملابس والمفروشات لإنتاج كمامات وملابس طبية ومستلزمات مستشفيات، ما يعيد خطوط الإنتاج للعمل بطاقات قصوى، فضلا عن أن الانغلاق العالمى الحالى يتيح فرصة للمصانع المصرية لتوجيه إنتاجها إلى السوق المحلى وملء الفراغ الناتج عن توقف الاستيراد. وهنا فإن مجموعة من التوصيات يقدمها المركز منها توصيات عامة تشمل الغاء وتأجيل المستحقات الضريبية والأعباء والرسوم الحكومية وصرف متأخرات الدعم التصديرى وتفعيل صندوق الطوارئ وغيرها من الإجراءات العامة التى طبق بعضها بالفعل، وهناك توصيات خاصة ترى ضرورة الاهتمام بصناعة الملابس والمفروشات على وجه التحديد والعمل على عدم خسارة العمالة المؤهلة والمدربة فيها. وعرض المركز تجربة بنجلاديش باعتبارها من الدول الرائدة فى تصدير الملباس والمفروشات على مستوى العالم حيث قامت الحكومة بتخصيص حزمة تحفيزية لدفع رواتب العاملين فى القطاع لمدة ثلاثة أشهر بقيمة وصلت إلى 590 مليون دولار، كما قدمت أربع حزم تمويلية من البنوك عبارة عن قروض ميسرة للقطاع بقائدة 9% على أن تتحمل المنشآت 4% منها بينما تتحمل الحكومة 5%. إن هناك صناعات استفادت من الوباء على المدى القصير مثل الصناعات الغذائية، صناعة المطهرات والأدوية والمستلزمات الطبية، وهناك صناعات اختفت تماما باعتبارها صناعات ترفيهية غير ضرورية مثل صناعة السيارات، الصناعات الهندسية والإلكترونية، لكن بين الجانبين صناعات تكافح للبقاء وأبرز أمثلتها صناعة الملابس التى يمكن مساندتها ودعم استمرارها حفاظا على مستقبل الصادرات والعمالة.