هل توجد لدينا حكومة؟ تبادر إلى ذهنى هذا السؤال، وأنا أرى الكوارث الأمنية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية تنهمر على الرؤوس كالمطر، ولا يوجد مغيث. نسمع تصريحات متضاربة وغير مسئولة من أشخاص لا أظن أنهم الحكومة، أعتقد أنهم لا يجلسون أمام طاولة واحدة ويعيش كل منهم فى جزيرة منعزلة وكل واحد يصرح فى اتجاه. والنتيجة مزيد من المشاكل والتعقيد. والارتباك الذى ينعكس على حياة المواطنين، ويعيشونه كل يوم فى العمل والمواصلات وفى الشارع. فعلياً عندنا رئيس وزراء و35 وزيراً أول وآخر مرة شاهدناهم فيها هى عندما أقسموا اليمين الدستورية أمام رئيس الجمهورية، وسمعناهم يقسمون على رعاية مصالح الشعب، ولم نشاهدهم بعد ذلك يعملون شيئاً فيه رعاية للشعب، ما يحدث هو إفقار للشعب، وضياع لمصالحه، وطمس لأمجاده، وتهديد لحياته، وامتهان لكرامته، وإهدار لموارده، وغياب لأمنه، وتدهور لصحته. الدكتور هشام قنديل رئيس الوزراء أطل علينا مرتين فقط، أول مرة عندما حاول حل مشكلة الانقطاع المتكرر للكهرباء بطريقة سهلة وممتعة من وجهة نظره، وقدم نصيحة غالية للمواطنين، بارتداء الملابس القطنية فى الصيف، وطلب من كل أسرة بالتجمع فى حجرة واحدة داخل الشقة للاستمتاع ب«قطونيل»، وتخفيف أحمال الكهرباء، فى باقى الحجرات، والمرة الثانية كانت عندما زار الوادى الجديد لافتتاح مشروع التزحلق على الرمال، وفجر مفاجأته الثانية بأنه يعيش فى شقة مكونة من حجرتين وصالة فقط! إذا كان هذا هو تفكير الحكومة فإننا نظنها نائمة وأثاب الله من أيقظها. وذكرها بواجباتها نحو الشعب، ورعاية مصالح الوطن، وإذا لم تجد لديها القدرة على القيام بهذه المهام فنسألها الرحيل، نعلم الضغوط التى تواجهها الحكومة ووقوعها تحت سيطرة «جماعة» تتدخل فى كل شىء، هذه الجماعة لا تريد حكومة بالمعنى الدستورى، إنما تريد أتباعاً يؤمرون فيطيعون. تدخل «الجماعة» فى عمل الحكومة وراء فشلها، وعدم شعور المواطنين باجتهاداتها، وتحولت إلى حكومة عاجزة. لقد غرقت الحكومة فى بقعة مادة بترولية لا هى عارفة إن كانت زيتاً أو سولاراً وانطلقت البقعة من أسوان حتى أسيوط، وقاربت على المنيا، ووزير الرى الأسبق الدكتور نصر الدين علام يقول انها تقترب من القاهرة ويحذر من كارثة. البقعة مرت على «5» محافظات، وأغلقت العشرات من محطات المياه، وهددت الملايين من المواطنين بالعطش، وتلوث ملايين الأمتار من المياه والوزراء والمحافظون المعنيون يتبادلون الزيارات وواجبات الضيافة ويطلقون التصريحات، والمسئولون يصرحون، والبقعة تسير فى النيل فى ثقة من الجنوب إلى الشمال، ولم تجد من يوقفها. والقرار العشوائى الذى اتخذته الحكومة بإغلاق المحلات التجارية فى العاشرة مساء بدون دراسة للآثار الاقتصادية والأمنية التى ستترتب على تطبيقه يؤكد انها حكومة جاهلة ومرتبكة وليست فاشلة فقط، ورغم ذلك فقد فشلت فى تنفيذ قرارها بإغلاق المحلات، وتضاربت آراء وزرائها، وزير يقول انه سينطبق القرار اليوم «السبت»، وآخر يقول نطبقه تدريجياً، وثالث يقول لم ننته من اللائحة التنفيذية، وغيره يقول نحن دولة نهارية وآخر يفاوض الغرف التجارية وسمعنا أن الرئيس طلب تأجيله لأجل غير مسمى. وأصحاب المحلات أعلنوا العصيان، والنقابات العمالية تأهبت لمنع تطبيق القرار، قرار كهذا لا يتخذ فى غرف مكيفة فإنه يحتاج إلى دراسات ومشاركة أصحاب الشأن فيه ثم ما هى آلية ضمان تطبيق قرار الغلق للجميع إذا تم تنفيذه وكيف ستعوض الحكومة جيوش العاطلين الذين يعيشون فى الدولة الليلية، رداً على كلام سيادة الوزير النهارى، ان أكثر من نصف عدد السكان يعملون ورديتين أو ثلاثا، ويصلون النهار بالليل لتوفير لقمة العيش لأسرهم سيتحول هؤلاء إلى عاطلين لو تم إغلاق المحلات فى العاشرة مساء. الحكومة غائبة لكنها معذورة لأن عندنا أكثر من رئيس وزراء، ودوبليرات عديدة للوزراء.