من أجمل ما قرأت تلك الأمنيات الأربع لنساء غربيات ممن ينتمين إلى فئة المفكرين والمثقفين، وقد تعجب المرأة العربية المسلمة التي تعيش في البلدان الإسلامية، وتحيا داخل مجتمع مسلم تحكمه تقاليد الإسلام وآدابه وأحكامه، حين تسمع هذه الأمنيات، وكيف أن المرأة الغربية تحسدها على مكانتها في المجتمع الإسلامي، وتتمني أن لو كانت مثلها تمتلك ما تمتلكه من حقوق. الأمنية الأولى لكاتبة بريطانية مشهورة هي «آتي رود» كتبتها منذ أكثر من مائة عام في مقال نشر عام 1901م، قالت فيه: «لأن يشتغل بناتنا في البيوت خوادم أو كالخوادم، خير وأخفّ بلاءً من اشتغالهن في المعامل حيث تُصبح البنت ملوثة بأدرانٍ تذهب برونق حياتها إلى الأبد. ألا ليت بلادنا كبلاد المسلمين، فيها الحِشمة والعفاف والطهارة... نعم إنه لَعَارٌ على بلاد الإنجليز أن تجعل بناتَها مثَلاً للرذائل بكثرة مخالطة الرجال، فما بالنا لا نسعى وراء ما يجعل البنت تعمل بما يُوافق فطرتها الطبيعية من القيام في البيت وترك أعمال الرجال للرجال سلامةً لِشَرَفِها». والأمنية الثانية لامرأة ألمانية، نشرتها مجلة الأسبوع الألمانية، قالت فيها: إنني أرغب البقاء في منزلي، ولكن طالما أن أعجوبة الاقتصاد الألماني الحديث لم يشمل كل طبقات الشعب، فإن أمراً كهذا (العودة للمنزل) مستحيل ويا للأسف!. والأمنية الثالثة لامرأة إيطالية، قالت وهي تُخاطب الدكتور مصطفى السباعي - رحمه الله -: «إنني أغبط المرأة المسلمة، وأتمنى أن لو كنت مولودة في بلادكم. والأمنية الرابعة لطبيبة فرنسية مسيحية، نقلها طبيب مسلم يقيم في فرنسا، حدثته بها في شهر رمضان من عام 1421ه. حيث سألته عن وضع زوجته المسلمة المحجّبة، وكيف تقضي يومها في البيت؟ وما هو برنامجها اليومي؟ فأجاب: عندما تستيقظ في الصباح يتم ترتيب ما يحتاجه الأولاد للمدارس، ثم تنام حتى التاسعة أو العاشرة، ثم تنهض لاستكمال ما يحتاجه البيت من ترتيب وتنظيف، ثم تُعنى بشئون البيت كالمطبخ وتجهيز الطعام. فَسَألَتْهُ: ومَن يُنفق عليها، وهي لا تعمل؟ قال الطبيب: أنا. قالت: ومَن يشتري لها حاجيّاتها؟ قال: أنا أشتري لها كلّ ما تُريد. فَسَأَلَتْ بدهشة واستغراب: تشتري لزوجتك كل شيء؟. قال: نعم. قالت: حتى الذّهَب؟ يعني تشتريه لزوجتك. قال: نعم. قالت: إن زوجتك مَلِكة!! وأَقْسَمَ ذلك الطبيب بالله أنها عَرَضَتْ عليه أن تُطلِّق زوجها، وتنفصل عنه، بشرط أن يتزوّجها، وتترك مهنة الطّب، وتجلس في بيتها كما تجلس المرأة المسلمة. وليس ذلك فحسب، بل ترضى أن تكون الزوجة الثانية لرجل مسلم بشرط أن تقرّ في البيت. هذه تجارب لنساء غربيات مثقفات حصلن على قدر كبير من التعليم، وعشن الحياة العملية بكل ما فيها من حلو ومر، وأدركن ما تعيش فيه المرأة الغربية من شقاء وتعاسة لأنها تساوت بالرجل في كل شيء، رغم اختلاف الطبائع بين الرجال والنساء، فالحق سبحانه وتعالي، الذي خلق الرجل والمرأة، وجعل كل منهما ميسرًا لما خلق له، يقول «وليس الذكر كالأنثى»، ومن هنا فقد أدركت المرأة الغربية معنى هذه الآية بعد أن خاضت تجربة المساواة الكاملة مع الرجل بكل حذافيرها، فصار عليها أن تعمل لتنفق على نفسها حتى بعد أن تتزوج، فالزوج الغربي غير مكلف بالإنفاق على زوجته، بعكس الإسلام ومنهجه القويم، فالفتاة قبل الزواج نفقتها على أبيها أو أخيها، وبعد الزواج نفقتها على زوجها، رغم ما لها من ذمة مالية مستقلة. وها هي المرأة الغربية المثقفة تحسد المرأة المسلمة على ما تحياه في ظل منهج إسلامي عظيم يحترم المرأة ويراعي طبيعتها وحقوقها، ولا يكلفها إلا بما يناسب أنوثتها، ويحفظ لها كرامتها وعفتها. فأين دعاة المساواة بين الرجل والمرأة في بلادنا من هذه الأمنيات؟، أين من يتشدقون بوضع المرأة الغربية، ويريدون للمسلمة أن تتساوى بها في كل شيء من فوضى أخلاقية ولباس وعري وحريات جنسية.. وغير ذلك مما أوصل المرأة الغربية اليوم إلى حالة مزرية من التردي والابتذال والسقوط والضياع؟ إن كل امرأة مسلمة يجب عليها أن تفخر باسلامها وتحمد الله سبحانه على نعمة الإسلام، وكفى بها نعمة، وتدرك تلك المملكة التي تعيش فيها في ظل تعاليمه وأحكامه وأخلاقياته، وتتمسك بدينها الذي يحقق لها أعلى درجات العزة والكرامة الإنسانية. -