احتفالات مصر "الثورة" بالذكرى ال39 لحرب العاشر من رمضان أكتوبر 1973 وتكريم الرئيس "مرسي" عائلتي الرئيس السادات والفريق سعد الدين الشاذلي وأن يزور السيد " مرسي " مدينة العريش على الحدود الجنوبية لفلسطين وقرب الجبهة مع العدو الصهيوني. هذه رسالة بل رسائل منه " مرسي" واضحة وجدية للداخل المصري ثم للعدو الصهيوني ويجب أن يفهمها المحللون جيدا... أرى أن مصر لم تعد مصر التي عرفتها المنطقة والأحداث ولا التي خبرها (أو اخترقها) العدو منذ 33 سنة بعد معاهدة كامب ديفد.. الاحتفال بذكرى الحرب هذه المرة جاء مميزا ليس من حيث حجم الاستعراضات العسكرية فيه، ولا لأن الرئيس ظهر - كما فعل الساقط حسني - مزهوا بنفسه وبمكانه بين الرتب العليا أو مستعرضا ببزته التي صممتها دار الأزياء التي صممت بذلة الممثل الأمريكي الشهير " مايكل دوجلاس " التي تضمنت نقوشا لأحرف اسمه باللغة الإنجليزية، والتي بلغ سعرها 16 ألف دولار.. لربما بذلة الرئيس مرسي كبذلة أي مصري في مثل هذه المناسبة الرسمية.. وليس تذكر المناسبة ولا تكريم الأشخاص هو المميز فالمناسبات الوطنية والحربية والاحتفال بها وتكريم الرموز والعظماء كل ذلك تفعله الأمم والشعوب والدول كحق طبيعي وأصيل لمن يصنعون انتصاراتها ومن يشاركون في رسم مفاصل تاريخها ؛ من قائد فذ وبطل بارع ومخترع مبدع وأب معمر ومعاق صاحب عزيمة.. بهذا المعنى فالاحتفال لا جديد فيه ولا عجب.. لكن التميز الحقيقي والجديد المطلق هو أن يكرم الرئيس " مرسي " تحديدا شخص واسم وعائلة الرئيس السادات خصوصا.. فالرئيس " مرسي " ذو جذور إسلامية وتوجهاته التي لا يجهلها أحد إخوانية، أما السادات فهو الذي حارب الإخوان وهو الذي اشتد في عداوتهم واتهامهم والإشاعة عليهم.. ما فعله الرئيس "مرسي" هنا ورغم فرق القناعات وفرق الأيديولوجيات مع الرئيس الراحل ومع مواقفه وقراراته هو عنوان للالتزام بالجوامع المشتركة مع خصومه ولاحترام من يخدم البلد ومن يرى جهة الولاء والعداء بمنظور صحيح.. الأكيد أن السيد "مرسي" إنما كرم الحرب والقوة في صورة تكريم الرئيس الذي اتخذ قرارها.. وهنا ينفك الشخصي عن القيمي فتكريمه إنما جاء بمناسبة حرب العبور وليس بمناسبة اتفاقية كامب ديفد المشينة.. الحقيقة أن الرئيس " مرسي " قد سبح بعيدا وغاص عميقا في بحور الديمقراطية وفي معاني الموضوعية وأنه التزم الخصومة الشريفة التي تلتقي على حب الوطن وتسييجه بالوحدة.. وذلك يجب أن يرد الكثير مما أشيع ويشاع عن الإسلاميين عادة وعن الإخوان منهم على الخصوص من أنهم إن حكموا فلن يروا إلا أنفسهم، وأنهم سيكونون انقلابا على كل المنجزات الوطنية وعلى التاريخ، وأنهم في مصر تحديدا (حيبيعوا دم الثوار والثورة والشهداء، وحتبقى مصر تحت حكمهم طائفية مية المية، وحيجبروا الناس على اللي مش عاوزينه..) إلى آخر هذه التغريدات المأزومة التي ظلت تنعق بها أبواق الفلول داخل مصر والمخدوعون أو المعجبون بهم خارجها).. التميز الحقيقي والجديد المطلق بل العجب أن يفطن لتكريم الفريق " سعد الدين الشاذلي " الذي هو رئيس أركان القوات المسلحة المصرية في حرب أكتوبر رئيس مدني هو السيد " مرسي " في حين أن الساقط كان عسكريا وطالما ادعى أنه بطل الطلعة الجوية الأولى في تلك الحرب ومع ذلك لم يفطن لتكريمه ولم يقدر لرفقائه العسكريين قدرهم.. وعلى العكس من ذلك وجدناه يصر على سجن الفريق الشاذلي بحجة حكم غيابي سابق لثلاث سنوات مع الأشغال الشاقة كان قد صدر بحقه ظلما وعدوانا، ووجدناه يصر على وضع أملاك الرجل تحت الحراسة، ويصر على حرمانه من التمثيل القانوني، وعلى تجريده من كل حقوقه السياسية رغم كل تدخلات وتوسطات زعماء العالم لا للعفو عنه ولا لتكريمه ولكن لمجرد إعادة محاكمته على أسباب حكم الذي يعلم الجميع أنه جاء مسيسا ومتصلا بموقفه من السادات واتهاماته له بأنه تسبب بقرارات خاطئة في تلك الحرب في حصار الجيش الثالث في سيناء وإخضاع مصر لشروط وقف قتال مذلة ومبددة لمكتسبات النصر فيها.. لذلك عبرت زوجة الفريق الشاذلي السيدة " شهدان " عن امتنانها للرئيس " مرسي " على تكريمه زوجها الذي وصفته بعلم وطني كان منسيا وأعربت عن أملها أن يكون ظهور حقائق ووثائق تلك الحرب التكريم التالي له.. هذا التكريم وبقدر ما جاء يعلي قيمة التسامح وتناسي الإساءات والأحقاد وبقدر ما يذكرنا بحادثة الصفح عن مشركي قريش ومقولة " اذهبوا فأنتم الطلقاء " وبقدر ما يثبت أن " الإسلاميين الصحاح " في دينهم وخلقهم وفهمهم هم الذين يرتفعون عن الجراح والأحقاد لصالح الوطن والمعركة الواحدة بقدر ما جاء يعلي قيمة القوة والاستقلال والتضحية وجاء يعيد للانتصار معناه وليحيي المناسبة بقدر من التحدي نسيه العدو ونام على حفاف نسيانه منذ معاهدة كامب ديفد التي وطأت له مصر وجعلتها مجرد ساحة مفتوحة لمناوراته وخبائثه يجرؤ أن يعلن على أرضها ومن عاصمتها الحرب على غزة أو على لبنان ثم يجد من قياداتها وزير خارجية - كأحمد أبو الغيط – يحمل مسؤولية العدوان وقتل وحرق وحصار أهل غزة للمقاومة الفلسطينية ولحماس، ويجد وزير مخابراتها – عمر سليمان – يستمر سنوات يهدد المقاومة بأنها إن لم تسلم " شاليط " بدون ثمن " فستحل عليها الرزايا وتحيق بها الخزايا.. آخر القول: الرسالة التي وجهها " مرسي " في ذكرى نصر أكتوبر 73 وصلت من وجهت لهم، والعدو تحديدا قرأها مليا وفهمها جيدا ؛ وفي سياق هذا الفهم يأتي تحككه بمصر بقصفه غزة دون مقدمات ولا مبررات، ثم بافتعال مسرحيته التي لا تخفى إلا على مغفل عندما يدعي أن طائرة استطلاع بدون طيار قادمة من جهة مجهولة – إشارة لمصر - دخلت أجواءه والهدف – طبعا - استلفات نظر حلفائه لتطورات مصر واستجاشة تعاطفهم معه وخوفهم عليه.. نقلا عن صحيفة الشرق القطرية