أولياء الأمور يشيدون بقرارات التعليم لحماية الطلاب داخل المدارس    اكسترا نيوز: الإسماعيلية تحقق نسب مشاركة قياسية في انتخابات النواب 2025    الصين وجنوب أفريقيا تطلقان مبادرة شاملة لتحديث القارة الأفريقية    القاهرة تستضيف اجتماعا للوسطاء والضامنين لاتفاق وقف اطلاق النار فى غزة    بيراميدز يتقدم بهدف أمام المقاولون العرب في الشوط الأول    يلا شوت بث مباشر.. الهلال × الشرطة العراقي على تويتر بث مباشر مجانًا دون تشفير أو اشتراك | دوري أبطال آسيا 2025-2026    إصابة 6 أشخاص في انقلاب سيارة بالغربية    أبلة فاهيتا تستضيف مصطفي غريب بحلقة السبت    بتوقيع أحمد زعيم.. الحاجة نبيلة تغنى بره هالله هالله من فيلم السادة الأفاضل    محامية فضل شاكر ل اليوم السابع: حالة المطرب الصحية جيدة ومعنوياته مرتفعة    الأزهر للفتوي: التهديد بنشر خصوصيات طرفي الحياة الزوجية.. جريمة دينية    مدبولي يحضر ملتقى الرعاية الصحية ويترأس اللجنة المصرية الجزائرية غدًا بالعاصمة الإدارية    منتخب الكويت يهزم موريتانيا ويتأهل لمجموعة مصر في كأس العرب 2025    تزايد أعداد الناخبين أمام لجان الزيتون للتصويت بانتخابات النواب.. صور    بعد انتهاء ساعة الراحة.. استئناف التصويت بمدينة 15 مايو فى انتخابات النواب    وزير الاستثمار يلتقي سفير بلغاريا بالقاهرة لبحث سبل تعزيز العلاقات الاقتصادية    يلا كورة لايف.. شاهد مباراة الهلال السعودي ضد الشرطة العراقي مباشرة دون تقطيع | دوري أبطال آسيا 2025-2026    تامر هجرس يكشف تفاصيل دوره في فيلم "عائلة دياب ع الباب" مع محمد سعد    الخميس.. أعمال محمد عبد الوهاب بقيادة علاء عبد السلام في أوبرا الإسكندرية    شريف إكرامي يغادر المحكمة غاضبًا بعد قرار استمرار حبس رمضان صبحي بتهمة التزوير    الأوقاف تحتفل باليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة.. والأزهري: رسالة تقدير وتعظيم لدورها ومكانتها    النصر يختار أبو ظبي لمعسكره خلال كأس العرب    انعقاد جولة مشاورات سياسية بين مصر واليونان    إعلامي يكشف عن رحيل 6 لاعبين جدد من الزمالك    نائب رئيس حزب المؤتمر: وعي الشعب أسقط حملات الإخوان لتشويه الانتخابات    تأجيل محاكمة 24 متهما بخلية مدينة نصر    رئيس اقتصادية قناة السويس يبحث تعزيز التعاون مع شركة الهندسة البحرية الصينية (CHEC) في مشروعات الموانئ والبنية التحتية    وزير قطاع الأعمال يترأس الجمعية العامة للقابضة للأدوية لاعتماد نتائج أعمال العام المالي 2024-2025    وكيل توفيق محمد يفجر مفاجأة بشأن انتقاله للأهلي في يناير    مراسل إكسترا نيوز بالدقهلية: انتظام العملية الانتخابية وسط إقبال متزايد    الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق دبلومة صحافة الذكاء الاصطناعي    أمن المنافذ يضبط 66 قضية متنوعة خلال 24 ساعة    تأجيل محاكمة الصغير المتهم بإنهاء حياة صديقه بالمنشار في الإسماعيلية    محافظ الجيزة: تطوير عيادات الصف والبدرشين وروز اليوسف والبراجيل ومركز كُلى البطران    مراسلة إكسترا نيوز بدمياط: تنظيم وانسيابية فى اليوم الثانى لانتخابات النواب    تكريم عمار الشريعي بلمسة أوركسترا بريطانية    الداخلية تضبط مدير كيان تعليمي وهمي بالدقي بتهمة النصب على المواطنين    الداخلية تضبط 3 متهمين بجرائم سرقات متنوعة في القاهرة    لاعب إيفرتون: مشادة جانا جاي مع كين كانت لحظة جنون.. وهذا ما حدث في الاستراحة    وزير التعليم الإيطالى: أشكر مصر على الاهتمام بتعليم الإيطالية بالثانوية والإعدادية    مكتب الإعلام الحكومي يوثق بالأرقام: مؤسسة غزة تورطت في استدراج المُجوّعين إلى مصائد موت    بعد تصنيف «كارتل الشمس» إرهابية.. أمريكا تستعرض قواتها قرب فنزويلا    مغادرة مئات شاحنات المساعدات معبر رفح البري إلى كرم أبو سالم لدعم أهالي غزة    وزير التعليم: أتوجه بالشكر للرئيس السيسى تقديرا على اهتمامه البالغ بالتعليم    الصين: أجواء المكالمة الهاتفية بين شي وترامب كانت "إيجابية وودية وبناءة"    الاحتلال ينفذ عمليات نسف للمباني في غزة مع قصف مدفعي شرق خان يونس    انسيابية عالية وإقبال كثيف.. الشباب والمرأة يتصدرون المشهد في القليوبية | فيديو    ظهر اليوم.. هدوء بلجان القصر العيني ووسط البلد وتسهيلات لذوي الاحتياجات الخاصة    مجلس حكماء المسلمين يدعو لتعزيز الوعي بحقوق المرأة وحمايتها من كل أشكال العنف    وزير الصحة: مصر وتركيا شريكان استراتيجيان في بناء أمن صحي إقليمي قائم على التصنيع والتكامل    الافتاء توضح حكم الامتناع عن المشاركة في الانتخابات    بث مباشر| مؤتمر صحفي ل«الوطنية للانتخابات» لمتابعة انتخابات النواب 2025    باسل رحمي: نعمل على مساعدة المشروعات المتوسطة والصغيرة الصناعية على زيادة الإنتاجية والتصدير    شراكة استراتيجية بين "سان جود" الأمريكية و"اورام الأقصر" لخدمة أطفال الصعيد    الزراعة تطلق حملة لمواجهة مقاومة المضادات الحيوية في الثروة الحيوانية    «الصحة»: تقديم 21.9 ألف خدمة في طب نفس المسنين خلال 2025    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 25-11-2025 في محافظة قنا    دعاء وبركة | أدعية ما قبل النوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شريف عبدالرحمن سيف النصر يكتب:المرأة والحداثة في الدستور المصري

موضوع المساواة بين الرجل والمرأة ووضع المرأة في الدستور هو الشغل الشاغل للطبقة السياسية المصرية هذه الأيام، وهذا ليس أمرا غريبا أو مثيرا للدهشة في حد ذاته.
ولكن الغريب بحق أن سبب إثارة الموضوع يرجع إلى توجه غالبية أعضاء الجمعية التأسيسية ناحية الإبقاء على المادة المنظمة لهذا الشأن (المادة 36) وفق صياغتها التي كانت عليها في دستور 1971، والتي تؤكد على التزام الدولة باتخاذ كافة التدابير التي ترسخ المساواة بين الرجل والمرأة دون إخلال بأحكام الشريعة الإسلامية. وكانت كلمة السر التي أثارت الجدل هي بطبيعة الحال "أحكام الشريعة الإسلامية".
فقد اعتبر مثيرو هذه الأزمة أن النص على هذه العبارة مظهر من مظاهر التحيز والرجعية، وتهديد للحريات، وتهميش لدور المرأة، واختزال لمكتسباتها عبر نصف قرن، إلى آخر هذه القائمة المألوفة من الاتهامات. أما الجديد هذه المرة فتمثل في إشارة البعض إلى أن النص على حكم الشريعة يعد ارتدادا عن مشروع الحداثة وهدما لأحد مقومات الدولة الحديثة. وذلك على اعتبار أن الأخيرة تقوم على أساس مجموعة من العناصر التي ليس من بينها بطبيعة الحال أحكام الشريعة الإسلامية.
هذه الإشارة إلى الحداثة والقلق عليها تكشف العديد من النقاط المسكوت عنها في موقف العلمانيين من الدستور وموقع المرأة فيه. فالمشروع الحداثي له تحيزاته المعروفة، ويأتي التصريح بهذه التخوفات على وضع المرأة في الدستور الجديد ليعكس تبني أصحابها لهذه التحيزات، وليفسر حالة الصخب التي أثيرت طوال الفترة الماضية بشأن إقرار المادة الثانية من الدستور (الخاصة بحاكمية الشريعة)، والصعود الإسلامي في كل من الانتخابات البرلمانية والرئاسية. الأمر الذي يستدعي إلقاء الضوء على بعض من هذه التحيزات.
أول التحيزات المرتبطة بالمشروع الحداثي هو اعتباره أن المنظومة الدنيوية منظومة مكتفية بذاتها وليست بحاجة إلى قوانين سماوية المصدر. ولذا يفزع المنتمون لهذا المشروع ويصابون بحالة من القلق عند أي إشارة إلى الشريعة أو إلى الوحي، فالمنظومة الاجتماعية وفقا لهم مثلها مثل المنظومة الطبيعية يمكن فهمها من داخلها. وكما أن الظواهر الطبيعية يمكن التحكم فيها من خلال مجموعة القوانين الفيزيائية فحسب ومن دون استعانة بالوحي السماوي، فإنهم يؤمنون أن فهم المجتمع ومن ثم التحكم فيه ممكن من خلال مجموعة القوانين التي تصنع داخله، دونما حاجة إلى ما يتجاوزه من شريعة أو نصوص مقدسة.
يفسر هذا التحيز تمسك العلمانيين بفكرة القانون الوضعي ورفضهم لمبدأ وجود سلطة متجاوزة لسقف المحسوس والمشاهد، أو بعبارة أخرى رفضهم لتدخل الغيب في الواقع. على اعتبار أن البشر قادرون على أن يديروا أمورهم بأنفسهم. ويتعامل مثقفو الحداثة مع أي محاولة لاختراق البنية الوضعية للتشريع على أنها بمثابة محاولة انقلاب على فكرة الدولة ذاتها، فالدولة الحديثة لا تخضع لغير إرادات أفرادها، ولا تحتكم إلى نص مقدس. ولكنها رغبة في الحفاظ على مستوى الصراع عند الحد الأدنى قد تنص على أن مبادئ الدين هي أحد مصادر التشريع بها، في الوقت الذي تنشر فيه أخلاقيات وأفكار تتعارض معه وتخالفه على طول الخط، خاصة فيما يتعلق بموضوع العلاقة بين الرجل والمرأة في المجتمع الحديث.
من التحيزات الحداثية أيضاً فكرة مضاهاة المجتمع الإنساني بالماكينة الكبرى وتحويل أفراده إلى وحدات أو عناصر نمطية تتكون منها هذه الماكينة. وعلى هذا الأساس يبتغي المشروع الحداثي تحقيق نوع من التشابه بين الأفراد وبعضهم البعض، على اعتبار أن هذا التشابه والنمطية هي أفضل السبل للتحكم بالمجتمع. ومن هنا ثارت مشكلة الأقليات مبكرا في المجتمعات الحداثية، حيث كان ينظر إلى الأقليات، ومنها النساء، على أنهم بمثابة خروج على النسق العام للمجتمع وانحراف عن الخطة الكبرى التي تحكم أداءه، إلى أن تمت معالجة هذه الثغرة من خلال التأكيد على مبدأ المساواة أمام القانون وذلك لإشعار الأقليات أنها عناصر معتبرة في إطار تسيير آلة المجتمع.
ولكن رغم هذا التلطيف الذي طرأ على الفكرة الأصلية فمازال من ضمن أسس المجتمع الحداثي (الغربي) أن تحصل المرأة العاملة على أجر أقل من أجر نظيرها الرجل، وحتى وقت قريب كانت الكثير من الدول الغربية تمنع المرأة من التصويت في الانتخابات (لم تحصل المرأة على حق التصويت في الانتخابات في السويد إلا عام 1971). كما أدت المساواة الكاملة للمرأة بالرجل في الغرب إلى اختزال قدر هائل من قيمتها الإنسانية، والهبوط بها إلى مستوى من الامتهان الذي اضطرت بسببه أن تبيت في ورديات ليلية متأخرة، وتعمل في الأعمال الخشنة، بحيث صارت عتالة وسائقة شاحنات ونادلة في الحانات، وكل هذا تحت شعار المساواة المنبثقة من الفكرة الحداثية.
وأخيرا وليس آخرا فإن من التحيزات الحداثية الإيمان المطلق بفكرة التجريب، فالتجربة هي معيار التمييز بين المفيد والضار. وقد اعتبرت النظريات الحداثية أن الإنسان ما هو إلا مجموعة سلوكيات خارجية محكومة بقوانين محددة، يمكن حال اكتشافها بالتجربة أن يتم التحكم في سلوكه وتعديله. ومن هنا صارت التجارب تجرى على البشر كما تجرى على العناصر الطبيعية. أما الأمر المدهش فيما يتعلق بهذا التحيز فهو أنه يستثني تجربة تطبيق النصوص الدينية واختبار أثرها في حياة الإنسان الاجتماعية. فالنصوص المقدسة بالنسبة للحداثيين تشبه نصوص السحر التي تتضاد مع عقلانية مشروعهم، ولذا فهي مستبعدة من نطاق المشروع الحداثي، بما في ذلك بطبيعة الحال النصوص المتعلقة بالعلاقة بين الرجل والمرأة والتي يصنفها هؤلاء على أنها مضادة للحداثة ومهددة لها.
في إطار هذه التحيزات الكامنة يمكن أن نفهم السياق الذي تطرح من خلاله مسألة وضع المرأة في الدستور المصري الجديد، والوقوف على المسكوت عنه في خطاب من يتصدون للحديث باسمها، خاصة فيما يعلنونه من تمسكهم بأن تأتي أي إشارة إلى الشريعة الإسلامية في الدستور مسبوقة بكلمة مبادئ وليس بكلمة أحكام، فوفقا لهذا الفهم يبدو أن ما يعنيه هؤلاء بلفظة مبادئ ما هو إلا مبادئ الحداثة بعد إلباسها ثوبا دينياً، وليس أكثر من ذلك.
نقلا عن الشرق القطرية صحيفة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.