رجحت مجلة «national interest» أن يكون الاستقرار العالمى فى 2020 غير مؤكد، مع دخول واشنطن عام الانتخابات الرئاسية، حيث قد يشهد العالم عدة أزمات، يحتمل أن تؤدى لصراع عالمى أوسع. وبحسب التقرير المعلوماتى فى المجلة الذى أعده «روبرت فارلاى»، هناك 5 بؤر توتر فى العالم، من المرجح أن تندلع فيها حرب عالمية ثالثة فى العام 2020، يأتى فى مقدمتها إيران وإسرائيل اللتان تخوضان بالفعل «حرباً منخفضة الشدة» فى جميع أنحاء الشرق الأوسط. فإيران تدعم وكلاءها فى غزة ولبنان وسوريا وأماكن أخرى، بينما تشعر إسرائيل بالراحة فى ضرب القوات الإيرانية فى جميع أنحاء المنطقة. وحسب التقرير الدولى، اتخذت إسرائيل خطوات هادئة لبناء ائتلاف واسع مناهض لإيران على المستوى الدبلوماسى، بينما استثمرت إيران بعمق فى تعزيز العلاقات مع المجموعات المسلحة، وغيرها من الجهات الفاعلة غير الحكومية. وفى هذه الحال، من الصعب تخيل السيناريوهات التى قد تجعل الحرب بين إيران وإسرائيل أوسع وأكثر كثافة. فإذا قررت إيران إعادة الشروع فى برنامجها النووى، أو «تأديب» السعودية، وفق تعبير الكاتب، فقد تشعر إسرائيل بإغراء الانخراط فى ضربات أوسع، أو فى ضربات مباشرة ضد إيران، لكن مثل هذا الصراع يمكن أن تكون له آثار واسعة، وسيهدد إمدادات النفط العالمية، ويحتمل أن يغرى الولاياتالمتحدة أو روسيا بالتدخل. وتعد تركيا محركاً رئيسياً للصراع فى 2020، حسب التقرير الدولى، وذلك على خلفية تصاعد التوتر بين تركياوالولاياتالمتحدة خلال العام الماضى. وزادت التوترات بشكل كبير عندما منحت واشنطنأنقرة بشكل غير متوقع الضوء الأخضر لتطهير المناطق الحدودية السورية من الأكراد الذين تدعمهم الولاياتالمتحدة، ومن ثم هددت تركيا على الفور بالعقوبات. وفى غضون ذلك، تبقى ترسانة من الأسلحة النووية الأمريكية، فى قاعدة سلاح الجو فى إنجرليك، وبعض التصريحات التى أدلى بها الرئيس التركى رجب طيب أردوغان تشير إلى أن لدى تركيا تطلعات وطموحات هائلة، قد تشمل النووية. العلاقة بين الولاياتالمتحدةوتركيا تدهورت إلى حد يخشى البعض معه على مستقبل حلف الناتو. لا أحد يتوقع أن يحاول أردوغان الاستيلاء على الأسلحة الموجودة فى إنجرليك، وحتى لو فعل ذلك فمن غير المحتمل أن تستطيع تركيا كسر الشفرات (الكودات) على الرؤوس الحربية. لكن من المعروف أن أردوغان لا يقسم القضايا بشكل جيد، ومن المحتمل أن يؤدى التداخل بين القضايا إلى دفع واشنطنوأنقرة للنهاية. وبالطبع، تحوم روسيا على حافة المشكلة، وفق تعبير الكاتب. وتتصدر كشمير المشهد فى العام الجديد، ومن الممكن أن تدفع الاضطرابات فى كشمير إلى اعتقاد مجموعات فى الهند أو باكستان (أو الجماعات المتطرفة داخل باكستان)، بأن لديها فرصة ومسئولية للتدخل، ليس عبر عمل عسكرى تقليدى، بل عبر هجمات إرهابية فى كشمير أو خارجها. عندها قد تشعر نيودلهى بأنها مجبرة على الرد، ما سيؤدى إلى التصعيد الذى يمكن أن يجعل البلدين على شفا صراع أكثر خطورة، وبالنظر إلى موقف الصين الذى يلوح فى الأفق والعلاقة المتنامية بين دلهى وواشنطن، فإن هذا النوع من الصراع يمكن أن تكون له آثار دولية كارثية بشكل ملحوظ. وتبلغ التوترات بين كوريا الشماليةوالولاياتالمتحدة الآن أعلى مستوياتها منذ عام 2017، ويرجح أن تعرض واشنطن، المقبلة على انتخابات رئاسية، العلاقات مع بيونغ يانغ لمزيد من الخطر. يبدو أن إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب ما زالت تتمسك بالأمل فى أن تؤدى الصفقة مع كوريا الشمالية إلى تحسين آفاقها الانتخابية فى نوفمبر، لكن كوريا الشمالية ليست لديها مصلحة فى الشروط التى يقدمها ترامب، وأصبحت أكثر تأكيدا على توضيح عدم اهتمامها. وفى الآونة الأخيرة، وعدت كوريا الشمالية ب«هدية عيد الميلاد»، وإذا قررت بيونغ يانغ خرق معاهدة الصواريخ الباليستية ICBM أو إجراء ما هو أسوأ، فقد تشعر إدارة ترامب بالحاجة إلى التدخل بقوة، وعلى وجه الخصوص، يتمتع ترامب «بسمعة طيبة» فى اتباع شخصنة السياسة الخارجية، وقد يشعر بالخيانة من الزعيم الكورى كيم جونغ أون، ما سينتج عنه وضع أكثر غموضاً. ويشتعل الصراع فى بحر الصينالجنوبى، حيث تقف العلاقات بين الولاياتالمتحدةوالصين عند نقطة محفوفة بالمخاطر. ويبدو أن أى اتفاق تجارى بين البلدين سيخفف بعض التوترات، لكن التنفيذ لا يزال موضع تساؤل. وقد أدت الصعوبات الاقتصادية فى الصين إلى الحد من بعض برامج البناء البحرية الخاصة بها، مثلما أدى تضييق ميزانية الدفاع فى الولاياتالمتحدة إلى التخفيف من طموحات بناء السفن. فى الوقت نفسه، عملت الصين بجد لتأكيد علاقاتها مع روسيا، فى حين أثارت الولاياتالمتحدة جدالات مع كل من كوريا الجنوبية واليابان، أقرب حلفائها فى المنطقة. فى ظل هذه الظروف، يبدو من غير المرجح أن يخاطر أى من البلدين بالصراع. لكن ترامب قد راهن خلال رئاسته على المواجهة مع الصين، وربما يشعر بالإغراء لتصعيد الوضع فى العام المقبل. من جانبه، يواجه الرئيس الصينى، شى جين بينغ، احتمال استمرار الاضطرابات فى الداخل، وبالتالى، لدى كلا الجانبين حوافز للتصعيد الدبلوماسى والاقتصادى، ما قد يؤدى دائماً إلى مواجهة عسكرية فى مناطق جنوب أو شرق بحر الصين. ويقول «فارلاى» إن احتمال اندلاع «حريق عالمى» فى عام 2020 منخفض. فالجميع ينتظر نتيجة انتخابات الولاياتالمتحدة، لفهم أفضل لاتجاه السياسة الأمريكية للأعوام الأربعة المقبلة. ومع ذلك، فإن كل أزمة عالمية لها مسارها المنطقى الخاص، وأى من باكستان أو الهند، أو الصين، أو إسرائيل، أو إيران أو تركيا أو روسيا قد تشعر بأنها مضطرة بفعل الأحداث إلى التحرك. وبالتالى يجب ألا يحجب التركيز على الانتخابات الأمريكية، الاحتكاكات بين الدول التى يمكن أن توفر الشرارة للحرب المقبلة.