من أسمى غايات الإنسان، وأكرم مقاصده، حرصه على عمل الخير، فبه تسمو إنسانيته، وبه يتشبّه بالملائكة عليهم السلام، ويكون بذلك على خطى الأنبياء والرسل. وقد أوصت الشريعة الإسلامية المسلمين بالحرص على فعل الخير، والاجتهاد به، بل جعلت ذلك نوعاً من أنواع العبادة، وإحدى القُربات التي يمكن للإنسان أن يتقرّب بها إلى ربّه جلّ وعلا، فجاءت نصوصٌ كثيرةٌ في القرآن الكريم والسنة النبوية تدعو إلى عمل الخير، والمبادرة به، منها قول الله تعالى في كتابه العزيز: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)،[1]. كما بيّن القرآن الكريم أن ترك فعل الخير؛ سبباً من أسباب دخول النار، فقد قرن بين الصلاة، وبين عدم إطعام المساكين في الآيات التي تحدّثت عن سبب دخول أهل النار لها، حيث قال تعالى: (مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ*قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ*وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ)،[2]. ورد عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في حثّه على عمل الخير، قوله: (طُوبى لمن جعله اللهُ مِفتاحاً للخيرِ، مِغلاقاً للشرِّ).[3][4] والحقيقة أنّ الإنسان مفطورٌ على حبّ الخير، ففطرته تدعوه إلى فعله، والاجتهاد فيه، كما أنّه عنوانٌ للعقيدة السليمة، والإيمان الصحيح في قلب المؤمن، وهو زادٌ لصاحبه يوم القيامة، فذلك اليوم العظيم لا ينتفع فيه الإنسان إلّا بما قام به من أعمال الخير، أمّا المال والبنون فلا ينفعونه بشيءٍ، وقد بيّن الله تعالى، ورسوله الكريم صلّى الله عليه وسلّم، أنّ عمل الخير مقبولٌ، ولو كان قليلاً، فقد قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: (لا تحقرَنَّ من المعروفِ شيئاً، ولو أن تلقَى أخاك بوجهٍ طلِقٍ)،[5] وقال الله تعالى: (فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ)،[6]. ولو قدم الإنسانمن عمل الخير شيئاً يسيراً، لا يتجاوز حجم الذرة، فإنّه سيرى أثره يوم القيامة، وينتفع به، ويستوي الذكر والأنثى في حثّ الإسلام لهم على عمل الخير، فهو من خصائص المجتمع الإيماني عامّةً، وفيه يقابل الإنسان إنعام الله عليه بشتّى النعم، بإحسانه إلى غيره، وتقديم الخير، والعون لهم.[4] فوائد عمل الخير