الدكتور سعد الكتاتني رئيس مجلس الشعب الباطل أدلي بتصريح بالغ الخطورة، قال فيه إن لديه مفاجأة تتمثل في عودة المجلس بحكم قضائي.. عند هذا الحد انتهي تصريح «الكتاتني» لكنه فتح باباً واسعاً من الجدل السياسي، وألهب مشاعر القوي السياسية وطرح سؤالا بالغ الاهمية وهو هل بعد حكم المحكمة الدستورية العليا ببطلان قانون تنظيم الانتخابات، من الممكن ان يعود المجلس بعد ذلك؟.. لقد انتهي هذا الامر منذ شهور، فما الداعي الآن لإعادة فتح هذا الملف مرة اخري، خاصة ان اللجنة التأسيسية المكلفة بوضع الدستور قد شارفت علي الانتهاء من وضع الدستور، تمهيداً لعرضه علي الشعب للاستفتاء عليه.. صحيح أن دستور مصر الحديثة وضعته لجنة مكونة من 89 «تسعة وثمانين» عضواً بعد انسحاب 11 عضواً «أحد عشر» إلا أن قرب الانتهاء من الدستور وعرضه للاستفتاء في غضون شهرين يعني ان هناك انتخابات برلمانية سيتم اجراؤها.. وهنا يبقي التساؤل المهم وحتي للمرة الألف لماذا فجر «الكتاتني» قضية عودة المجلس الباطل مرة اخري؟! لقد ذهب فقهاء القانون والدستور إلي تفسيرات مختلفة بشأن مفاجأة «الكتاتني» التي فجرها، وكل التفسيرات اجمعت علي شيء واحد هو ما الداعي لهذا التصريح في هذا الوقت، رغم قرب انتهاء وضع الدستور، وهذا يحتم اجراء انتخابات برلمانية جديدة.. وما الداعي إذن لتصريحات الكتاتني في هذا التوقيت بالذات؟!.. لقد انتهت صفحة انتخابات مجلس الشعب بعد الحكم القضائي ببطلان القانون المنظم للانتخابات، واعادة فتح هذه الصفحة من جديد لا داعي له علي الاطلاق.. لن نخوض ثانية في تفسير واسباب البطلان فهذه مسألة قد انتهت تماماً والعودة إليها لا طائل منها.. أما إذا كان «الكتاتني» يقصد العودة بالمجلس بثلثي الاعضاء علي اعتبار ان الحكم القضائى طال بشكل مباشر الثلث من المرشحين بالنظام الفردي الذين خاضوا الانتخابات بترشح من الاحزاب، فأيضاً ما انسحب علي الثلث ينسحب علي الثلثين.. وكل فقهاء القانون والدستور أجمعوا علي البطلان بعد حكم المحكمة الدستورية. يبقي السؤال الذي لا يجد اجابة وحير الوسط السياسي في مصر لماذا يصرح «الكتاتني» الآن بهذا التصريح، اغلب الظن ان هذا التصريح لا يهدف إلا لإحداث بلبلة ولا غير ذلك، ثم إن تصريح «الكتاتني» بأن ذلك سيكون بحكم قضائى، فهل هناك محكمة اخري لا نعرفها اعلي من المحكمة الدستورية العليا؟.. ثم إن الرئيس محمد مرسي حسم هذا الامر منذ تولي سلطة الحكم بعد انتخابه رئيساً للجمهورية، عندما أدي القسم أمام المحكمة الدستورية مما يعد قناعة كاملة منه بأن المجلس باطل.. وبذلك اعترفت مؤسسة الرئاسة ببطلان المجلس.. هل «الكتاتني» يثير الآن ازمة مع الرئاسة؟!.. المنطق يقول غير ذلك لكن تصريح «الكتاتني» يحدث انقساماً مع الرئاسة ومع القضاء بخلاف الانقسام الذي حدث بالفعل مع الاحزاب والقوي السياسية بالبلاد.. وكنت اتمني لو ان «الكتاتني» أدلي بتوضيح او شرح لتصريحه الذي يشبه القنبلة في هذا التوقيت!! تصريح «الكتاتني» ليس في محله ولا وقته، فالبلاد في أشد وأمس الحاجة إلي الاستقرار وليس إلي احداث فوضي سياسية، فنحن نحتاج إلي هدوء سياسي، الذي يهدف بالدرجة الاولي إلي فرض سيادة القانون واحترام الشرعية، وبما أننا منذ اندلاع الثورة لم نقم بوضع الدستور اولاً الذي كان سينظم كل الامر برمته، وارتضينا اجراء الانتخابات اولاً ثم الرئاسية ثانياً، وتم انتخاب الرئيس بشرعية الصندوق وامتثل للقانون فلماذا اذن رفض تطبيق سيادة القانون واحترام الشرعية.. فالمحكمة الدستورية قضت ببطلان البرلمان ومؤسسة الرئاسة احترمت القانون وسيادته وبدأت مصر اولي خطوات الاستقرار، وقريباً سيعود الدستور الذي ينظم كل شيء والذي بصدده تجري انتخابات برلمانية جديدة، فلماذا تصريح «الكتاتني» الذي يثير قلقاً سياسياً في هذا التوقيت؟ الاجابة عن هذا التساؤل لايعرفها إلا «الكتاتني» نفسه او من اوحي له بذلك؟!.. وكل الذي تركه تصريح الكتاتني هو دهشة واستغراب الوسط السياسي والخوف من احداثه فرقة، مصر في غني عنها تماماً.. ام ان المقصود بهذا التصريح هو فرقعة اعلامية ليس إلا؟!