وقف تاكسى على أبواب محكمة الأحوال الشخصية لينزل السائق يقوم بفتح الباب لسيدة عجوز مسنة يقوم بمساعدتها فى النزول وينادى أحد الشباب يقف أمام المحكمة يطالبه بمساعدتها لصعود السلم، تسير خطوات بطيئة الشيخوخة تفوق قدرتها على السير تقف لتطلب مهلة لكى تلتقط أنفاسها ودقات قلبها التى تدق مثل الطبول تشعر بالحزن والخوف مما يخبئه لها القدر، ثم تسير خطوات حتى أن تقف على باب القاعة لتنظر وتحدث نفسها لم أدخل المحكمة فى شبابى من أجل الحصول على حقوقى ودخلتها الآن فى شيخوختى وأنا على أبواب الموت من أجل التخلص من شبح زوجى، يتساءل الجميع ماذا تفعل هذه العجوز فى المحكمة، هل حضرت لنجلها أم قضية ورث، أم أم ..الجميع يتساءل. تدخل القاعة وتجلس فى الكرسى الأول لينادى الحاجب على السيدة «مديحة» صاحبة دعوى الخلع ضد زوجها «عاطف» تظهر السيدة العجوز وبكل حزن تقول نعم سيدى القاضى أنا موجودة، الجميع ينظر إليها بشدة ويتعجب من السيدة المسنة التى ملامحها اختفت من كثرة التجاعيد تطلب الخلع من زوجها، نظر القاضى إليها كثيرًا متعجبًا يقول لها إنتى متأكدة يا حاجة إنك عاوزة تخلعى زوجك، ابتسمت العجوز قائلة: أنا أعلم تمامًا ما يدور داخل عقولكم الآن، أنتم تتعجبون أنى عجوز وعلى وشك الموت وأحضر أطلب خلع زوجى، «نعم» أنا بالفعل أريد أن أخلع زوجى، لأنه لم يستحق أن أكون زوجتهأ وأتمنى أن تتحقق لى آخر أمنية فى حياتى، وهى أن أموت وأنا حرة من قيد زوجى، وألا يرتبط اسمه باسمى بعد الموت، لا أحد يعلم مدى فرحتى لو خرجت الآن وقبضت روحى حتى لو على سلالم المحكمة وأنا أكون مطلقة من هذا الرجل المزيف الخائن الذى عشت معه 42 عامًا قهرًا وعذابًا وذلًا، فهو دمرنى وجردنى من كل شىء من أجل نزواته، وأنه مزواج وخائن ولم يكن أبًا قط، فهو لم يستحق كلمة «أب» لأنه تبرأ من أطفاله. انهارت العجوز «مديحة» فى البكاء قائلة: «سيدى القاضى أنا تزوجت وعمرى 23 عامًا، كنت فتاة يتحاكى الجميع بأخلاقى وجمال وحلاوة روحى ومحبتى وتسامحى مع الناس، وكان عندى آمال وأحلام كثيرة أتمنى أن أحققها فى أسرتى المستقبلية، تعرفت على زوجى عن طريق أحد الأقارب، كان زواج صالونات وأسرتى وافقت عليه، لأن والدتى كانت تحلم أن تزوجنى مثل كل البنات، لم أكذب عليك بأننى أعجبت به فى بداية الأمر لأنه شاب وسيم، كان يرسم على وجه الأدب والرومانسية والأحلام الوردية التى تجذب أى فتاة، تمت الخطوبة ورغم أنه كانت تظهر منه بعض التصرفات التى تؤكد أنه لم يصلح أن يكون زوج المستقبل، إلا أننى كنت أكذب نفسى، فهو كان دائمًا ينظر إلى الفتايات، وعندما كنت أتحدث مع والدتى كانت تقول لى هم الشباب كده قبل الزواج. وبعد مرور سنة تزوجنا وكانت ليلة العمر التى تحلم بها أى فتاة هى أسود ليلة فى عمرى سقط القناع من الوجه الجميل الذى كان يرتديه زوجى، وفوجئت برجل بشع، كل شىء عنده بالإجبار، يتعامل مع زوجته وكأنه يغتصبها، فهى ليلة بشعة لم تحمل أى معانٍ للرومانسية ولا الحب وروح الأسرة، بل كان معى حيوانًا فى صورة إنسان. تحملت الحياة معه خوفًا من كلام الناس، ولكن كل يوم يظهر الجديد من تصرفاته البشعة وبخله وأنه يقضى اليوم كله مع أصدقائه تاركنى بلا طعام ولا أموال، ويقول لى اشترى من راتبك، كنت بالفعل عقب حصلى على راتبى أتوجه لشراء متطلبات المنزل واحتياجاته، رغم أنه كان يعمل مدرسًا ودخله كبيرًا، فإنه كان يرفض الإنفاق على معتمدًا على راتبى، الجميع قال لى تحملى بعد ما تأتى له بالأطفال سوف يتغير، وبالفعل ربنا رزقنى بطفل أصبح الآن شابًا فى ريعان شبابه وذا مركز مرموق هو كان لى بمثابة الاكسجين الذى يعطينى القدرة على العيش فى الحياة مع هذا الرجل الذى كان يقتلنى فى اليوم مائة مرة، كان لدى أمل أن يتغير بعد أن أصبح أبًا، ولكن للأسف كان يثبت لى إنه لا يصلح أن يكون أبًا، وهذه نعمة لم يستحقها، فهو كان يكره طفله الوحيد، ويخفى أمام الجميع أن لديه طفلًا، لأنه لم يحبه ولكى يظهر دائمًا أنه شاب أمام الجميع من أجل علاقاته النسائية، تحملت من أجل طفلى ووضعت أملى فيه أنه هو الذى سوف يعوضنى عن كل الحب والحنان والعطف الذى حرمت منه، تحملت أنا وطفلى الكثير من قسوته، كان دائم التعدى على وعلى طفلى بالضرب والسب والحصول على الباقى من راتبى بعد أن أحضر الطعام ويأخذه للإنفاق على نزواته الخاصة، لم أجد من يصدقنى عندما أقول لكم إننى كنت آخذ الخبز من القمامة وأغسله وآكله أنا وطفلى مع مياه الطورشى، وزوجى اللعين ينفق الأموال فى المطاعم على فتيات الليل، حاولت الكثير أن أطلب الطلاق ولكن أسرتى كانت ترفض، ووالدتى كانت تقول لى: تحملى علشان كلام الناس من أجل طفلك، سنوات.. أتحمل الكثير والكثير لأن دخلى بسيط وكله ينفق على طفلى ولم أستطع أن أحصل على شقة سكنية أعيش فيها مع طفلى، وتحملت الكثير لكى أعلم طفلى، كنت أعتمد على وجبة واحدة فى اليوم من أجل توفير مصاريف الدراسة لطفلى، كنت أقيم أنا وطفلى فى حجرة وباقى الشقة كان زوجى يتجول فيها ويمنعنا من الخروج منها، وأنه لا يرغب فى رؤيتى أنا وطفلى، كنا ننتظر حتى يخرج لنذهب إلى الحمام وأجهز لطفلى الطعام الذى كان يخاف منه، وكأننا نعيش فى سجن والسجان هو زوجى، سنوات من العذاب حتى تخرج ابنى من دراسته والحمد لله حصل على شهادات جامعية، ولكن أصبح الحال أصعب عندما علمت بأنه تزوج عرفيًا من أخرى، وعندما واجهته يقوم بالامتناع عن الانفاق علينا وينفق الأموال على الفتيات وبدلًا من مساعدة أبنائه فى الزواج الآن يقوم بتجهيز عروس أخرى قام بالاعتداء على بالضرب والسب، لم يتحمل أبنى الموقف، كانت المفاجئة ان نجلى يقف أمامه لحمايتى ويقول له «يكفى ما تحملنه من عذاب وقسوة وضرب وإهانة» كانت صدمة لزوجى الذى حاول طردنا من الشقة أكثر من مرة، وقام بتطليقى لطردى من الشقة، ولكن نجلى رفض خروجى وأكد له أنه لن يتنازل عن حقه فى الشقة بجوار والدتى التى ضيعت حياتها كلها على، لم يكتفِ بذلك بل كان يأخذ الأجهزة الكهربائية من الشقة والمفروشات والستائر والملابس ونقلها إلى زوجته الأخرى، لم أعترض وكنت أقول لنجلى مش مهم أهم شىء أننا لدينا شقة وأبواب تحمينا من هذا الرجل، رغم أنه حول المسكن إلى خرابة، وضعت يدى فى يد نجلى الذى حصل على أعلى الشهادات ووظيفة مرموقة وحاولنا تعويض الكثير من محتويات العفش والأجهزة والمفروشات، وبدأنا نقف على أول الطريق. وتمكنت من مساعدة نجلى فى إتمام زواجه، وبعد أن خرجت على المعاش قررت أن أعيش باقى حياتى مع نجلى وأحفادى حياة مستقرة، ولكنى فوجئت بزوجى يعود إلينا بعد 10 سنوات ليكرر سيناريو السب ومحاولة الاعتداء على بالضرب عندما وقفت له أثناء قيامه بمحاولة طرد نجلى وزوجته وأحفادى قام بالتعدى على بالسب والضرب، وعندما وقفت أمامه قلت له: إننى طليقتك وليس لك أى حق على، أخبرنى بأنه قام بإعادتى لعصمته لكى يعذبنى ويقوم بإجبارى على الاستمرار فى الحياة الدنيئة التى أعيشها معه، وهددنى بأنه سوف يحرر بلاغات كيدية لنجلى لطرده من الشقة، فاض بى الكيل من هذا الرجل اللعين، قررت أن أنتصر عليه وأخلعه وأتخلص من جبروته، ولأن بهذا الخلع لم يستطع أن يعيدنى إلى عصمته مرة أخرى، وبهذا الخلع سيدى سوف أذيقه بعضًا من الذل والهوان الذى تعمد أن أتجرعه خلال سنوات العذاب التى عشتها معه.