ونحن نستقبل الأيام الأولى لشهر رمضان المبارك، نأمله قادماً بكل الخير إن شاء الله لكل أبناء الوطن، وبهذه المناسبة أتصور أن أجمل وأروع أعمال الإنشاء والهندسة فى كل الدنيا فى بناء جسر من الأمل على نهر من اليأس، ولكن يسأل العباد فى بلادى : أى أمل وقد بات يعصف الخوف بفكر ووجدان الناس، فالبدن مكدود والفكر شارد والقلب موجوع، والأمل قد خاب والهدف قد ولى مساحات إمكانية التحقق، والنور الذى كان يبدو على استحياء ويخفت فى أحيان أخرى فى نهاية نفق التحول من اليأس إلى الرجاء قد تباعدت فيه الأزمنة الفاصلة بين الضياء واحتجاب توهجه.. كيف لنا أن نحدث المواطن المصرى عن الأمل؟.. لقد غضب وحول غضبه بعد صبر دام أكثر من نصف قرن إلى ثورة قدم فيها على مذبح الحرية روح وعين وقلب زهور الوطن فى ميادين التحرير، وأسقط رأس النظام وبطانته المجرمة وبرلمانه المزور وحزبه اللعين وصلى فى الميدان شكراً لرب البلاد والعباد بإيمان فطرى عبقرى بتعاليمه العظيمة دون وساطة أو وصاية أو تحريض من جانب جماعات للنهى عن المنكر أو وصاية كهنوتية. كيف لنا أن نحدث المواطن المصرى عن الأمل؟.. أرادها انتخابات حرة نزيهة وأرادوها موقعة صناديق ونزال بين أتباع الديانات استثماراً لحالة فقر معرفى ومادى لشعب تعمد سلاطينه أن يقبع نسبة عالية منه دوائر الأمية والجهل والعوز، فقدم إلى ساحة العمل الوطنى والسياسى من يقدم القراءة الخاطئة للأديان، فبدلاً من أن يدعموهم بقيم الأديان التى تنفر من الكذب والنفاق والخداع والاحتيال، وتدعو للسماحة والمحبة والفضيلة والأهم الإيمان برؤية الأديان لدور الإنسان على الأرض التى توصى آياتها بالعمل وإعمار الأرض وتقديم الخير من قبل الكل للكل دون تمييز على أساس الهوية الدينية أو الاجتماعية أو الجنسية، استمرت حالة النزال الطائفية منذ استفتاء موقعة الصناديق، ووصولاً إلى معارك موقعة شفيق القبطى ومرسى المسلم، وحتى محطة طاولة وضع الدستور تحت راية وعلم الجمهورية، ولكن البعض رفض الوقوف عند أداء السلام الجمهورى، فبتنا وكأننا قد استبدلنا الإعلام برايات وشعارات دينية نختلف حولها!! ما هو المطلوب من المواطن المصرى الآن؟.. أراده قضاء حراً مستقلاً يكون سنده وعكازه فى مواجهة الظلم وطواغيته، فإذا به يقف مذهولاً أمام كل حكم تصدره المحاكم، وهو يتابع عبر كل وسائط الإعلام حالة انقسام بين مؤيد ومعارض للأحكام من جانب رجال قضاء وأساتذة قانون وفقهاء فى كل صنوف القوانين ومدارسه.. يحدث ذلك جهاراً فى وضح النهار وبهجوم يأتى فى معظم الأحيان على غير استحياء، فيسأل المواطن مع إطلاق معظم الأحكام أيهما صحيح وأيهما خاطئ وتهتز لأول مرة ثقته فى تلك المؤسسة العتيدة على هذا النحو، ثم يتابع المواطن حملات رذائل وسخائم الهجوم البرلمانى على رجال وسدنة العدل، ويرد رئيس نادى القصاة بمؤتمر صحفى يعرض فيه مشاهد تلك الحملات معلقاً بغضب شديد قد يكون فى بعض مناطقه متجاوزاً فداحة الأداء البرلمانى السيئ.. أما الأمر الأغرب وأظنه غير المسبوق فى تاريخ القضاء المصرى خروج جماعة من القضاة قالوا إنهم «قضاة من أجل مصر» ليعلنوا د. محمد مرسى رئيساً قبل الانتهاء من فرز كل اللجان الفرعية، ففغر المواطن فاه الدهشة بعد أن طوحت رأسه العديد من علامات الاستفهام.. من هؤلاء؟.. من منحهم شرعية الحديث ورصد النتائج؟.. لماذا لم يمنعهم أحد وهم يُشعلون فتيل الفتنة فى واقع محتقن ومنافسة طائفية مشتعلة؟.. وكيف لهم الجور والاجتراء على عمل لجنة قضائية رسمية للتدخل فى صميم عملها؟!.. وكيف ينحاز رجال قضاء لصالح مرشح على حساب منافسه فيبدو وكأنها تعمل بتوكيل إخوانى؟!.. ولأنه لا حساب ولا عقاب كان الخروج الثانى لتلك الجماعة فى مؤتمر صحفى لتوجيه الاتهامات بطريقة فجة وغير مقبولة لرئيس نادى القضاة، ليسأل المواطن من جديد كيف يُسمح لهؤلاء ومن منصة نقابة الصحفيين، وهم جماعة غير رسمية ولا تتبع أى مؤسسة شرعية؟!.. وعليه ظل المواطن يسأل هل حكم حل البرلمان قانونى صائب أم لا؟.. هل حكم حل لجنة وضع الدستور صائب أم لا؟، ويصل الأمر بقيادى بارز فى حزب الحرية والعدالة الدكتور محمد البلتاجى للتصريح بأنه حتى لو جاء الحكم بعدم دستورية تشكيل لجنة وضع الدستور فعمل اللجنة مستمر، بل وسبقه من قدم من رجال القانون للرئيس النصيحة بالاكتفاء بأداء القسم فى التحرير! كيف لنا أن نحدث المواطن المصرى عن الأمل؟.. وقد خذله من تصورهم أيقونات الثورة ورموزها، فإذا بعضهم يقف فى مظاهرة تأييداً لمرشح الجماعة على عكس قناعاتهم إلى حد وصفهم الجماعة بالفاشية الدينية السابقة بدعوى سماعهم تطمينات أكيدة منهم!! كيف لنا أن نحدث المواطن المصرى عن الأمل؟.. وجماعة منهم أيضاً على الطرف الاخر تقابل هيلارى كلينتون بدعوى أهمية شرح كل أبعاد الموقف؟! كيف لنا أن نحدث المواطن المصرى عن الأمل؟.. بينما يتردد عبر وسائل الإعلام أن ثوار الإخوان يوم جمعة الصمود يرفضون تسييس القضاء ويهاجمون الرموز القضائية!!.. ما هوالمطلوب من المواطن المصرى يا ناس يا هوووه؟! يحدث ذلك وخطيب الجمعة يُشيد بالرئيس المنتخب، ويطالب رجال القضاء بمساندة مؤسسة الرئاسة والرئيس محمد مرسى (كيف يساند القضاء الرئيس؟!) وعدم المشاركة فى محاولات «وأد» الثورة. ويضيف «أما رأيتم الرئيس يصلى باكياً حين يستمع لآيات الله».. ثم يكرر القول بشكل خطابى «رئيسنا الآن يُصلى» وكأنه يؤكد أنه أول رئيس مصرى يُصلى، وأسأله ولا حتى الرئيس المؤمن أنور السادات كان يُصلى؟!.. أما رأيت الرؤساء الأربعة قبل خامسهم وهم برداء الإحرام يصلون؟.. أم أنكم قد عزمتم الأمر لإطلاق أغانى اخترناك وأهازيج مديح السلطان من جديد من أطهر بقعة سال على أرضها دماء شبابنا فى كل ميادين التحرير؟! وشاركه مشاعر الولاء والانتماء كاهن شبرا الشهير فبادر بالقول فرحاً «إن الرئيس محمد مرسى لم تأتِ به الصناديق الانتخابية، لكن أتت به السماء معتبرًا أن ذلك تنفيذاً لمشيئة ربنا».. يا ناس ياهوووه حرام ما تفعلونه بنا وبه!