في دنيا الفن قالت الأخت "منة شلبي": كل بلد لها شيخ ماعدا "أبو العلا" لها سلطان، وفي عالم السياسة كل دولة لها رئيس، ماعدا مصر أصبح لها رئيسان، وفي علوم البحار المركب التي لها ريسان تغرق! والظروف التي تمر علي مصر حاليا جعلتها تشبه مركب يصارع الأمواج العاتية في عرض بحر هائج، ويوشك علي الغرق من شدة الصراع بين الريسين: المجلس العسكري القابض علي سلطة التشريع، وبين الرئيس المنتخب الذي يدير السلطة التنفيذية. الصراع الناعم بين المؤسستين حول من يمشي كلمته في البلد قد يتحول في لحظة الي صراع خشن تدفع ثمنه مصر الوطن، والأرض، والأمن، والاقتصاد، والسياسة و85 مليون مواطن يعيش أكثرهم تحت خط الفقر. الصراع يأخذ الشكل القانوني أحياناً والشكل العشوائي أحياناً أخري، تلقينا أنباء تؤكد موافقة الرئيس محمد مرسي علي قوانين متعلقة بالعلاوة وغيرها وفي نفس الوقت وافق المجلس العسكري علي نفس القوانين.. قمة في الارتباك واللخبطة والحيرة، ثم اكتشفنا أن المجلس العسكري هو الذي وافق علي هذه القوانين لأنه يملك سلطة التشريع بعد حل البرلمان، وأن سلطة التصديق علي القوانين في يد الرئيس مرسي، وحتي لا يحدث هذا الارتباك مرة أخري، كان يجب أن يخطرنا الرئيسان بأن القوانين ستصدر بتوقيعين أحدهما توقيع المشير طنطاوي الذي يوافق علي القانون، والآخر توقيع الدكتور مرسي الذي يصدق عليه، والقانون الذي لا يحمل التوقيعين لن يصير قانونا من قوانين الدولة ويبقي باطلا. ولتقريب المعني أكثر فان البلد تحول الي "تورتة" مقسومة علي اثنين نصفها من نصيب العسكري والنصف الآخر من نصيب الرئيس وبالهنا والشفا، أو بمعني أكثر دقة الذي يحصل علي الختم يحكم. الختم مع من اليوم؟ والحكم لمن اليوم؟ حكاية التصديق راقت لفريق المستشارين الذين يستعين بهم الدكتور مرسي وأرجوه أن يصدر قرارا باستبعادهم لأن استشاراتهم هي السبب في الورطة التي فيها البلد حاليا لأنها مخالفة للدستور وتهدم دولة القانون، وتصب في اتجاه دولة الفرد، دولة الغاب، دولة المرشد، أي دولة أخري، غير مصر الجديدة القانونية المدنية. مستشارو رئيس الجمهورية أشاروا عليه بالتصديق علي ما سموه قانون معايير الجمعية التأسيسية للدستور وقالوا أن القانون أقره مجلس الشعب وينقصه التصديق عليه. ونسبت تصريحات الي الدكتور وحيد عبدالمجيد المتحدث باسم الجمعية التأسيسية قال فيها ان الهدف من تصديق الرئيس علي قانون التأسيسية هو اكسابه حصانة لهدم الطعون والمطالبة بإلغاء تأسيسية الدستور التي ستنظرها محكمة القضاء الاداري اليوم ثم قال الدكتور وحيد تصحيحا لكلامه الأول: انه لم يقل ذلك انما قال إن الرئيس أصدر القانون بما يغير مسار التقاضي من القضاء الاداري الي الدستورية نفس المعني بلباقة شوية كما جرت عملية :ترقيع" لأعضاء التأسيسية باستقالة 4 أعضاء شوري من الاخوان والسلفيين من التأسيسية ودخول غيرهم قد يكونون من الاخوان والسلفيين أيضا لكن ليسوا أعضاء في الشوري. هذا اللف والتحايل علي القوانين لا يختلف عن الاجراء الذي قام به الدكتور الكتاتني باحالة حكم الدستورية بحل البرلمان الي محكمة النقض وردت المحكمة كيده، وقضت بعدم اختصاصها. وقد يثبت أن تصديق الدكتور مرسي قد تم علي قانون منعدم وتقضي محكمة القضاء الاداري ببطلان التأسيسية لتعود الي نقطة الصفر. قرار الدكتور مرسي الذي استبق حكم القضاء الإداري اليوم بتحصين قانون التأسيسية يحمل تشكيكاً في القضاء وعدم الثقة في حياده. التحايل علي القانون بطريقة القط والفار سندفع ثمنه غاليا وخذوا نموذج انهيار الأمن ونحن نستقبل شهر رمضان الكريم.