"راحت عليكي يا دنيا، وراح زمن الشهادات".. جملة يرددها حسن ووائل وحسين.. فالشباب الثلاثة يحملون شهادات عليا من كليات مختلفة، لكن تجمعهم مهنة "الجرسون"، حيث يمكنك أن تصادفهم داخل نادٍ أو كافيه أو فندق.. فحتى لا يكونوا ركابًا في قطار البطالة، رضى ثلاثتهم بأن يجلسوا على مقاعد لا تناسبهم ولا تحتاج إلى مؤهل دراسي في الأساس، قائلين: "ما باليد حيلة".. وهذه حكاياتهم.. "ملقتش غيرها" في البداية يقول حسن هنداوي،23 سنة، يعمل جرسون في أحد النوادي: "والله مكنش يخطر على بالي إني في يوم من الأيام أشتغل جرسون بعد ما فضلت أتعلم لمدة 21 سنة توجت بالتخرج من كلية التجارة بتقدير جيد جدا، ومع أول يوم من التخرج بدأت أدور على شغل، حيث أنني كنت متحمسا جدا على أساس يعني إني هقدر ألاقي شغل عشان تقديري كويس". ويكمل: "طبعا مفوتش أي فرصة عمل إلا وجريت أقدم فيها سواء قرتها في جرنال أو موقع، ولكن بعد سنة من البحث ملقتش فرصة قدامي غير إني أشتغل مندوب مبيعات حيث إنها الوظيفة الوحيدة اللى ممكن ألأقيها بسهولة، وكنت مستغرب المرتبات العالية بتاعتها اللى كانوا بيغرونا بيها، لكن أكتشفت السبب الحقيقي وأنها كانت مجرد طعم عشان يستغلونا ونفضل نلف على رجلنا طول اليوم عشان نبيع منتجاتهم وييجوا أخر الشهر يعطونا ملاليم ويقولنا ما بعتوش كميات كبيرة". ويتابع: "ساعتها بس أدركت إن شغلانة المندوب مش جايبة همها وتعب على الفاضي، وملقتش حاجة قدامي غير إني أشتغل جرسون على أساس أضمن مرتب ثابت أخر كل شهر بدل ما أفضل أخد المصروف من والدي". "عشان أكوّن نفسي" "لو اشتغلت بشهادتي مش هتجوز قبل 20 سنة"، هكذا بدأ حديثه وائل الشربيني،24 سنة، الذي يعمل جرسون في أحد الكافيهات، ويكمل قائلا: "تخرجت في كلية الحقوق، وأول حاجة عملتها بعد التخرج هو إني رحت لمكتب محاماه لكي أعمل في مجال دراستي، لكن اكتشفت إني لازم أقعد فترة لا تقل عن سنة تحت التمرين ده في حالة إني كنت محظوظ ومقعدتش أكتر من كده، وقلت أصبر شوية لكن لقيت صاحب المكتب يستغلني أسوأ أستغلال وبيديني شغل كتير وكل ده مقابل 300 جنية في الشهر". ويضيف: "ساعتها عرفت إني لو استمريت في الشغل ده عمري ما هقدر أكون نفسي أو حتى أكفي طلباتي، لذلك قررت أن أكون أكثر واقعية وأفكر في وظيفة مؤقتة مرتبها معقول نسبيا، وبالفعل ملقيتش قدامي غير إني أشتغل جرسون في إحدى الكافيهات لكي أستطيع الوقوف على رجلي في بداية حياتي حيث أن مرتبي وأنا جرسون يصل إلى 5 أضعاف مرتبي وانا محامي تحت التمرين". "بحثا عن الأستقرار" بينما يروي حسين محمود، 26 سنة، جرسون في أحد الفنادق: "أنا بالفعل اشتغلت بشهادتي كمرشد سياحي باعتباري خريج كلية آثار، وساعتها كنت فاكر إن الدنيا وردي، لكن للأسف أكتشفت الحقيقة المره إنه فيه شهر شغل و3 شهور ممكن أقعد عاطل". ويكمل قائلا: "بالرغم من إني استفدت أوي من دراستي، لكن الدولة لا تهتم بهذه المهنة ولا تعطيها أى حقوق بالرغم من أهميتها باعتبارها هي الوجهة المشرفة لمصر أمام الأجانب، لذلك قررت بالبحث عن وظيفة مستقرة، وبعد رحلة بحث طويلة لم أجد أمامي فرصة سوي أن أعمل جرسون في أحد الفنادق".