36 مليون جنيه إجمالى رأسمال الشركات المستهدف طرحها ب«nilex» الحاضر ليس هدفاً.. فالماضى والحاضر مجرد وسائل، أما المستقبل فهو الهدف، لأنه رؤية من الأمل.. وكذلك الرجل ينظر إلى الغد باعتباره من صناعته، وهذا لا يكون إلا بتحقيق المعجزات التى لا تتحقق سوى بالإبداع، والأفكار غير التقليدية. كن جبلاً، ولا ترهبك قوّة الضربات، فقد ثبت فى تاريخ الأبطال أن النصر فى الحياة يحصل عليه من يتحمل الضربات، وكذلك محدثى، سعادته تعتمد على ما فى عقله من علم، وعلى ما أنجزه من أعمال، ليس على ما فى جيبه من مال. ياسر عمارة رئيس مجلس إدارة شركة «إيجل للاستشارات المالية».. إيمانه بالحكمة اليابانية فى التفكير بتحويل اللا منطق إلى منطق، إخلاصه فى سبيل العمل منحه حماسا، وقوة فى عبور المطبات، لا ينسى فضل والدته طوال مشواره، ودورها فى تشكيل نجاحاته، ودعمه فى الصمود أمام تحديات الحياة، دونها لم يكن ما حققه من نجاح. فى الطريق إلى حجرة مكتبه صور تجسد مرحلة من محطات الماضى البعيد، طبقة النبلاء، ومعالم القرون الوسطى، بما تبوح من طبيعة تحملها لوحة جدران الممر الضيق المنتهى بغرفة مكتبه.. فى الصفحات الأولى بأجندة ذكرياته خط باليد سطور تحمل خواطر مرسلة إلى والده المتوفى.. سألت متعجبا.. كيف يكون ذلك؟.. يكشف أنه يلجأ إلى ذلك، حينما يواجه عقبات صعبة. جلسنا وبدا مكتبه مزدحما بمؤلفات وكتب تسرد التاريخ، وبعض الصور الفوتوغرافية، ساعة يد ضمن مقتنيات والده.. ملامح إصرار وعزيمة المحاربين تبدو على وجهه، وفى حديثه. «أصبحنا نسير فى الاتجاه الصحيح منذ عامين، كانت بداية مشروعات قومية جديدة، وبنية تحتية حديثة، وقتها ذكرنا أن الإنفاق الرأسمالى الكبير، سوف تجنى ثماره بعد فترة، وبالفعل اليوم، تم افتتاح المشروعات العملاقة، ومنها أنفاق قناة السويس، التى تربط الدلتا بسيناء، وكذلك المؤشرات الاقتصادية تشهد تحسنا فى جميع القطاعات، يتصدرهم صندوق النقد الدولى، ورغبة البنك الدولى فى استمرار التعاون بعد نجاح الإصلاحات الاقتصادية».. هكذا يحلل المشهد. جوهر التخطيط يكمن فى إيجاد صيغ عملية تسهم فى بناء الصورة التى نرغب عليها فى نهاية حياتنا، ومن هنا فلسفته أن بناء القيمة الأساس الذى يرتكز عليها النجاح، ونفس الأمر فى مؤشرات الاقتصاد المبشرة، وتدعو للتفاؤل، لكن هذا لا يغفل أن التحديات الدولية، قد تعمل على تباطؤ وتيرة النمو، خاصة الصراع الدائر فى الحرب التجارية بين أمريكا والصين، وكذلك عمليات التحول السياسى فى العديد من دول المنطقة. أقاطعه قائلا.. إذن بعد صدمة التعويم فى نوفمبر 2016، بدأ تهيئة المجتمع، بتقبل التغيرات التى شهدها الاقتصاد، ليتم تجاوز أصعب مراحل الإصلاح، وشهد المشهد تحسنا، ولكن لم ينعكس ذلك إيجابيا على رجل الشارع.. فلماذا؟ يرد مستشهدا فى هذا الصدد بتفسير علم النفس لمثل هذه الظواهر، يقول إنه «مع حالة الصدمات الصعبة، دائما ما يقابل أى تغيير بالرفض العام، لكن مع إصرار القوة على ذلك، يصبح هناك دعم للتغيير، وهو ما حدث فى التجربة المصرية». ويتابع أن «الإنفاق الاستثمارى، ساهم بصورة كبيرة فى استقرار سعر العملة، وبالتالى فإن رجل الشارع سوف يجنى الثمار مع تدفقات الاستثمار الأجنبى، المستهدف عند 15 مليار دولار، بالإضافة إلى السياحة التى بدأت فى التعافى، وتراجع معدلات البطالة». إذن سياسة التوسع الاستثمارى، حققت نجاحها فى السوق المحلية، رغم الأصوات التى تمسكت بانتهاج السياسة التقشفية. «نعم نجحت التجربة المصرية فى العمل على انتهاج سياسة التقشف على مستوى الحكومة وهيئاتها، فيما سارت على منهج الإنفاق الاستثمارى فى المشروعات الصغيرة والمتوسطة، بما حقق مصلحة الاقتصاد، والجميع، ولكن لا تزال المشكلة القائمة بين الجهات والهيئات فى عدم التكامل». إيمان قوى لدى الرجل بحكمة التحول من اللا منطق إلى المنطق فى الفكر، عندما يحلل مشهد السياسة المالية، يبدو أكثر رضاء، خاصة فى بداية عملية التعويم، ومساندة الدولة، لهذا الاتجاه، ولكن لا يزال هناك حاجة إلى تدفقات الأموال الأجنبية، من خلال إبقاء أسعار الفائدة دون تغيير، ولا حاجة إلى خفض أسعار الفائدة فى المرحلة الحالية، لأنها تتطلب عدة عوامل لنجاح السياسة التوسعية، منها استقرار المشهد السياسى فى المنطقة، واستكمال البنية التحتية، وكذلك احتياج الموازنة العامة بالدولة بشدة إلى استثمارات أجنبية من سندات، وأذون خزانة لتمويل عجزها. رغم الجدل الدائم فيما يتعلق بالأموال الساخنة، واستثمارات الحافظة بين الخبراء، إلا أن «عمارة» له رؤية خاصة فى هذا الصدد تبنى على فلسفة واضحة بأنها «شر لا بد منه» فى بدايات إصلاحات أى اقتصاد، وهى لا تضر أى اقتصاد فى ظل المزايا التى تقدمها هذه الأموال، التى يتم التعامل معها على أنها وسيلة وليس غاية. يسعى الرجل دائما إلى ما يحقق مصلحة المجتمع، وكذلك منهجه حينما يتحدث عن السياسة المالية، وبدا أكثر تحيزا للسياسة المالية، التى بدأت تعتمد على تنوع مصادرها من الإيرادات وليس مصدرا واحدا، خاصة مع نمو معدلات الاقتصاد متوقع أن يكون الاعتماد على الضرائب بنسبة لا تتجاوز 50%، فى ظل التوجه التى تنتهجه الدولة من خلال الرقابة المالية وسعيها إلى تحقيق التنمية المستدامة، والتى تهدف إلى الاعتماد على الاكتفاء الذاتى فى إدارة المجتمع، وذلك من خلال استناد كل منطقة على ذاتها فى التنمية، وكذلك حث الشركات المقيدة على تأدية دورها فى المسئولية المجتمعية. الصراحة المفرطة يعتبرها «عمارة» قوة وليس ضعفا، يتكشف من حديثه صراحته فى ملف الضرائب، وقناعته بان سلبياتها تضر بالاستثمار، سواء كانت الضرائب التصاعدية أو غيرها من ضرائب أخرى. «اتجاه الرقابة المالية إلى التمويل المالى غير المصرفى، حقق نجاحا كبيرا، خاصة من خلال التمويل متناهى الصغر، والتمويل الاستهلاكى والعمل على تحويل الاقتصاد غير الرسمى إلى اقتصاد منتظم» يقول «عمارة» إن «تطبيق التكنولوجيا المالية، والشمول المالى، سوف يساهم فى استقطاب الاقتصاد غير الرسمى، خاصة أن الرقابة المالية إذ نجحت فى تطبيق التمويل التشاركى، الذى يلغى دور الوسيط، ويكون بين صاحب المشروع والممول له». التعلم وحب العلم، والبحث عن المعلومة، مهما كلفته من أموال، من الصفات التى استمدها من أسرته العاملة بمجال الهندسة الميكانيكية، دقيق فى تحليله للاستثمار، يعتبر بيئته مهيأة تماما لجذب واستقطاب الاستثمارات، لكن التحديات السياسية السائدة فى المنطقة، وتحسن الاقتصاد الأمريكى، ساهم بصورة كبيرة فى إجحام الاستثمار الأجنبى عن المنطقة والسوق، رغم أن عائد الاستثمار هو الأعلى بالسوق المحلى والذى يصل إلى 22%، وأيضاً العمل على تفعيل إدارة التسويق المنصوص عليها بقانون الاستثمار. يبدو أكثر تحيزا للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، باعتبارها هى القاطرة الرئيسية لنمو اقتصاديات الدول، خاصة بعد نجاح القطاع فى العديد من دول العالم، بقدرتها على توفير فرص عمل، ويتطلب ذلك تمويلا، وكذلك القطاع الخدمى سواء التعليم، أو الصحة، وأيضاً الذكاء الاصطناعى، الذى يعتمد التكنولوجيا، والمعروفة بالثروة الصناعية الخامسة. نجح «عمارة» فى تنمية ذاته، والاستثمار فى شخصيته، حرصه على توضيح الأمور فى القطاع الخاص، منحه موضوعية، حيث يعتبره يعانى التشتت، ولابد من تجميع كيانات القطاع والاتحاد بما يحقق مصلحة الدولة، فى المشروعات المختلفة، فهو له الدور الأكبر فى قيادة التنمية، ولكن لا يزال لديه فوبيا التوسع ويفتقر إلى شهية التوسع فى المشروعات. الاجتهاد والبساطة، والترتيب فى الحديث من الأمور التى يحرص عليها عندما يتحدث عن الطروحات الحكومية، حيث يعتبر أن الفكرة مقبولة، لكن التوقيت غير مناسب، نتيجة عدم استقرار الأسواق الناشئة وضعف سيولة السوق. التاريخ بمثابة الأساس الذى بنى عليه مستقبل عمله، من هنا حدد طريقه فى مجال الاستشارات المالية، والبيزنس، بعدما تمرد على مسار أسرته وأشقائه الذين اتخذوا مجال الهندسة طريقا، حدد استراتيجية واضحة لشركته تقوم على التوسع، والعمل على طرح المزيد من الشركات ببورصة النيل، بعدما قام الرجل بقيد 3 شركات خلال الفترة الماضية، ويسعى جاهداً خلال الفترة القادمة إلى قيد شركتين، إحداهما بقطاع الإلكترونيات، والأخرى بالقطاع الصناعى بإجمالى رأس مال 36 مليون جنيه بواقع 11 مليون جنيه لشركة الإلكترونيات، والأخرى برأس مال 25 مليون جنيه، على أن تتم عملية الطرح قبل نهاية العام الحالى. يبحث الرجل مع إشراقة كل شمس عن الجديد، وما يضيف إلى عمله قيمة، إيمان شديد لديه أن بناء القيمة فى العمل، والحياة الشخصية لا تكون إلا بالصدق والأمانة والإخلاص.. ليظل شغله الشاغل الارتقاء بشركته والوصول بها إلى أبعد نقاط القمة.. فهل يحقق ذلك؟