إلقاء الشعر فنّ له أصوله الخاصة، يحتاج إلى مزيد من الدراسة لنطق الكلام دون أخطاء وبشكل سليم، بالإضافة إلى قدرة كبيرة لتكييف الصَّوت مع الألفاظِ وتلوينه بما يُناسب المَعاني. ويكون الأمر عاديا عندما يقوم به شخص كبير فى السن شاب كان أو شيخ، ولكن عندما يتمكن طفل لم يتعلم بعد القراءة والكتابة من الإلقاء بطريقة سليمة ويرسل انفعالاته العاطفيّة من خلال النص الشعري، لحشد من المتلقين يسمعونه ويتذوقونه فتبقى الرسالة راسخة فى نفوسهم وعقلوهم، فنحن إذن أمام موهبة كبيرة يجب الاعتناء بها. فى قرية صغيرة بمركز دسوق محافظة كفر الشيخ تسمى «كفر الخير»، ولدت الطفلة آيات محمد أبو سكين، وما إن بلغت عامها الخامس إلا وأبهرت الجميع بقدرتها الخارقة على الوقوف أمام الجمهور بكل ثقة لإلقاء الشعر فخطفت عقول وقلوب من سمعها. لم تعرف آيات القراءة والكتابة بعد، إلا أن قدرتها على الحفظ وثقتها بنفسها مكنتها من سرد عشرات القصائد العامية أمام الكثير من الحشود فى أكثر من مناسبة اجتماعية وثقافية فى المحافظة. ففى قصر الثقافة بمدينة دسوق وقفت الطفلة الصغيرة فوق كرسي لتلقى قصيدة "التأشيرة" للشاعر هشام الجخ، وسط انصات الحاضرين من مثقفي المدينة، وانهالت عليها عبارات الإشادة والثناء فور انتهائها من القصيدة الصعبة. وفى حفل أقيم فى شهر مارس الماضى بمناسبة عيد الأم، وقفت آيات أمام الحاضرين لتلقى قصيدة " اللى مقالتوش أمى ليا" للشاعر الشاب عبد الله حسن. وفى مناسبة أخرى ألقت آيات قصيدة "طبعا مصلتش العشا" لهشام الجخ، فأبكت الحاضرين خاصة النساء. وكان لآيات فقرة خاصة فى المؤتمر الذى عقد بقريتها لدعوة المواطنين للمشاركة فى الاستفتاء على التعديلات الدستورية الأخيرة، وحضره جمع غفير من قيادات المحافظة، وفى الحفل ألقت قصيدة عن شهداء الشرطة والجيش للشاعر عبد الله حسن، وبدأتها بعبارة "لما يبقى فيه حد من أول ميلاده.. يسألوه نفسك في ايه .. ؟؟ يقول لهم: نفسي ابقى ضابط "، وما إن انتهت إلا وقف الجالسون على المنصة الرئيسة لمصافحتها بعدها وقف الجميع دقيقة حداد على أرواح شهداء مصر. "جريدة الوفد"، التقت بمحمد أبو سكين والد آيات، ليحكى لنا كيف اكتشف موهبة ابنته الصغيرة، فروى قائلا: "اكتشفت موهبتى آيات العام الماضي، عندما كنت استمع لقصيدة يلقيها الشاعر هشام الجخ على موقع اليوتيوب، فتفاجئت بابنتى الصغيرة تردد ما تسمعه فى الفيديو بنفس طريقة الشاعر فانبهرت بها، وأخذت أدربها على إلقاء الشعر وكانت استجابتها سريعة جدا". وأضاف :" لاحظت إحدى المدرسات فى حضانة ابنتها موهبة آيات فساهمت هى الأخرى على تنميتها، وتدريبها على الوقوف أمام الجمهور وعدم الخوف منهم". وأشار الوالد إلى أن ابنته الصغيرة متأثرة جدا بقصائد هشام الجخ وعبد الله حسن، وتتمنى أن تلتقى في يوم من الأيام بأحدهما ليتبنى موهبتها الصغيرة وينميها. محمد والد آيات، أكد أن ابنته رغم صغر سنها (5 سنوات) إلا أنها تتمتع بشخصية قوية وتتعامل مع الجمهور فى الأمسيات الثقافية التى تشارك فيها كفتاة كبيرة، وفى نفس الوقت تعيش طفولتها مثل أقرانها. وأضاف إلى أنه يجلس مع طفلته الصغيرة ساعة واحد كل يوم يحفظها بعض الأبيات الشعرية ويدربها على الإلقاء، بعدها تقضى يومها فى اللعب مثل باق الأطفال. لم تنال آيات حتى الآن حظها من الشهرة والانتشار الإعلامي، إلا أن قناتها الرسمية على موقع "اليوتيوب"، هى نافذتها الوحيدة إلى العالم الخارجي.