رقدت فى غيبوبة تامة لاتدرى حلما هذا أم كابوسا أغمضت عينيها ، غامت الرؤى لكن المساء الأسود حينما حل فكل الأشياء بها لاتترفق هى تجربة أبشع والصرخة خرساء ضاعت سدى ، فعلى طريق القاهرة الصحراوى حادث تصادمى مروع لم يعد يثير سكينتنا وحفيظتنا ، لم نعد ننتفض للكوارث التى تشعل فى الأفئدة الموقدا ، فلم نعد نهتز أو نجزع خوفا على ماآلت إليه أحوالنا ، وقد يتساءل سائل وما الجديد يامصر ؟ الحوادث ملء السمع والبصر وكم إبتلع النيل أعدادا ليست بالقليلة من المصريين كم غاصت فى قاعه مركبات ، كم دمرت أسوار وكم مالت على جانبي الطرق حمولات ، كم زهقت أرواح بريئة وكان منهم العائل الوحيد لأسرته ، القادم بعد غربة طويلة وعاد مشتاقا لتراب الوطن ، أسر بأكملها كم محتها يد العبث والإهمال من سجلات البشر ، نعود إلى السيدة الراقدة فى غرفة العناية المركزة فى مستشفى الإسماعيلية فما أن رآها عامل النظافة ممدة تئن من الجراح فاقدة الوعى حتى تحرك الشيطان الكامن فى قلبه فزين له الشر فرصة سانحة لن يدعها تفلت من بين كفيه ، الفرصة مواتية طالما غاب الحسيب والرقيب ، فنزع عن نفسه ملابسه متجردا من ورقة التوت الباقية وانقض يلتهم المصابة فى أبشع جريمة لايقدم عليها إلا عديمى الدين والضمير ، إغتصبها عامل النظافة و دماء الحادث الأليم مازالت لم تجف بعد مازالت تلطخ وجهها وجسدها ، الإجرام الآن فى مصر يضرب أطنابه فى كل شبر ولن نلقى باللوم على الثورة التى كان لابد لها أن تقوم من أجل أهداف أسمى وأجل وهى الحرية والعدالة قامت الثورة من أجل الخير للبلاد بعد عهود ظلامية ، العيب فينا أصبح البعض يعتقد أن الحرية حق إكتسبوه وكأن الشهداء ماتوا من أجلهم وحدهم فانطلقوا بلا حدود أو قيود يعيثون فسادا أينما حلت قدماهم وكيفما شاءوا ومتى أرادوا ، كان على الثورة أن تهذب النفوس لكن كل الأسف أن الكل ينأى بنفسه عن تحمل مسئولياته ، إنشغلنا بالمجد الذاتى شغلنا كرسى العرش والإنتصار الزائل على حساب الوطن ، نبذل الغالى والنفيس من أجل حشد الأنصار فى صفوفنا نمزق مصر ألف قطعة ولم يعد هناك فتاتا ، لم يتبق إلا الجراح الغائرة والحزن الدفين على الوجوه فإلى هذا الحد هان الوطن ، القوى السياسية تتناحر ، طال المسير والمصريون ملوا الأخبار المؤلمة ملوا البيت الواهن ، ملوا اليوم والغد لم يعد يلوح فى الأفق إلا الخراب والتدمير التهديد والوعيد ، والخوف خط ملامح وجه الصغار وعلت الصدمة عيون الكبار ، الكل يساءل لماذا أصبح المستقبل ملغوما ؟ والمجرمون ينطلقون يهددون ويروعون وإذا تم القبض عليهم تغيب أخبارهم ولم نعد نعرف هل نالوا العقاب الرادع ؟ لماذا لا نسرع فى إجراءات التقاضى ؟ حتى يأخذ الجانى مايستحق جراء مااقترفت يداه فيصبح عبرة للغير من البلطجية ، لماذا لاتكون هناك دوائر جنائية متخصصة للعقاب حتى لايمتد الحكم الى سنوات وسنوات ؟ المجرمون لم يعد يخافون والأسلحة فى طيات أرديتهم جزء أصيل ، اللامبالاة تسرى فى دمائهم ، لماذا لاتضرب الحكومة بيد من فولاذ على كل من يخالف القوانين ويتم على الأقل الحد من الأنشطة الإجرامية التى تتوالى علينا وأصبح من فرط بشاعتها تمتد إلى المستشفيات ، وكم حادث تم فيه الإعتداء على المرضى وصل إلى حد الأخذ بالثأر منهم وهم مازالوا على أسرتهم يعالجون ،إعتداء على الأطباء والممرضات وأفراد الأمن ، بل إمتدت أيادى الغدر إلى بيوت الله ولم ننس بعد كيف تعدى بعض المجرمين على شاب هرب إلى أحد المساجد إعتقادا منه أنهم لن يدسنوا دور العباده إلا انهم أخلفوا ظنه فركضوا خلفه وأردوه قتيلا فى نفس المكان الذى خصص للسجود وإقامة الصلوات غير عابئين بمخافة الله الوطن أصبح مستباحا فى الداخل والخارج ومرشحى الرئاسة وحولهم أتباعهم وأنصارهم ومن أطلقوا على أنفسهم النخبة يتفرغون للملاسنة وعاد التحرير مرتعا لتنفيذ الأجندات ، إستعذبنا المظاهرات والمليونيات هذا هو الموسم السياحى الثانى هرب السياح إلى تركيا ولبنان ، فهل مازال الأمن بعيد المنال ؟ كفانا إنهيار للقيم ، نعلم أن للأمية دورا أساسيا فى تنامى الشعور بعدم الإنتماء للوطن وهاهم الذين يبيعون كل شئ من أجل عشرة جنيهات أو قطعة مخدرات تغيبهم عن واقعهم المر ولذلك كثر المأجورين الذين لاتخطئهم العين رأيناهم فى كل الأحداث التى تلت الثورة خاصة فى حريق المجمع العلمى وكيف كانوا يتراقصون طربا مع أدخنة النيران تحرق تراثنا العظيم من المخطوطات والخرائط النادرة ، وللإعلام وللمؤسسات الدينية كل الدور فى التوعية نعلم أنها منظومة مترابطة متكاملة وإلى أن نعيد الدور لكل المؤسسات فلتكن هناك نقطة نظام ، نعيد للشارع إنضباطه بكل قوة ممكنة فيرتدع الباقون