في هذا الجانب الثقافي نستعرض معا بعضا من وحي اقلام أدبية أثرت بمداد إبداعها الحياة الأدبية سنين طوالا ...واليوم نعرض معا لوحي قلم شيركو حبيب، ممثل الحزب الديمقراطي الكردستاني بالقاهرة. بقلم: شيركو حبيب قائد ناضل من أجل شعبه أكثر من نصف قرن، ترعرع في كنف عائلة مناضلة زاهدة تربت على حب الوطن و خدمة الشعب، كان طفلا رضيعا أدخل السجن مع والدته لأنهما لم يركعا للدكتاتورية، وسُجن سنةً كاملةً في الموصل من قِبل السلطات العثمانية آنذاك. ولد بارزانى فى 14 مارس 1903 ونشأ في بيئةٍ دينيةٍ ووطنية؛ وفي ريعان شبابه شارك في ثورات بارزان ضد الاحتلال الإنجليزي، طالبا الحرية لشعبه و الديمقراطية لبلده. شارك في جمهورية مهاباد كوزير للدفاع عام 1946 ؛ أول جمهورية كردية في التاريخ بقيادة القاضي محمد، و بعد انهيار الجمهورية عبر حدود ثلاث دول بجبالها وأنهارها في عز الشتاء القارص؛ في مسيرة بطولية استمرت 52 يوما إلى أن وصل إلى الاتحاد السوفيتي السابق. إنه رجل كرس حياته في سبيلِ حقوقِ شعبه، وقف بوجه الظُلم، قاد ثورة شعبٍ مغلوبٍ على أمره، لكنَ هذا الشعب لم يستسلم ولا يفقد الأمل، شعب ليس له أصدقاء سوى الجبال، إنه الأسطورة الجنرال ملا مصطفى البارزاني. لم يتهاون لحظة في الدفاع عن حقوق شعبه و بناء الديمقراطية في بلده، وكان في الاتحاد السوفيتي السابق تطرق أبواب الكرملين من أجل شعبه، ناشد الأممالمتحدة و رؤساء العالم من أجل دعم حقوق شعبه و بلده. استقبله الزعيم الراحل خالد الذكر جمال عبدالناصر في مكتبه بالقاهرة في 5 أكتوبر عام 1958وقال عنه "زعيم اجتمع فيه القديم والحديث ، وهو متفان من أجل شعبه". عٌرف الشعب الكردي بالعالم عن طريق مصطفى بارزاني، فكان خير من مثل الشعب الكردي، بنضاله وكفاحه، حيث لم يكن البارزاني قائدا كرديا أو عراقيا فحسب بل كان قائدا عالميا أشاد بدوره ونضاله و بطولاته قادة وخبراء وساسة العالم. قال عنه الزعيم اللبناني وليد جنبلاط "قائد تأريخي ظهر في تواق للحرية، ثائر للإنعتاق من الظلم والجور"، وقال عنه الرئيس الأسبق لجمهورية مصر العربية حسني مبارك "مصطفي البارزاني رجل عظيم .. علينا أن نقرأ تاريخه". هكذا أشاد قادة العالم بهذه الشخصية فأصبح تاريخه تاريخا لشعب كردستان. عاد من منفاه بالاتحاد السوفيتي السابق عام 1958 مرورا بالقاهرة، واستقبل في العراق استقبال الأبطال، واستقبله الزعيم عبد الكريم قاسم بعد قيادته ثورة 14 تموز يوليو في العراق وإعلان الجمهورية وإلغاء النظام الملكي، واعترف قاسم بشراكة العرب والكرد في الجمهورية الجديدة. وأعلن البارزاني الخالد عن دعمه للثورة والجمهورية على أساس الشراكة بين العرب والكرد كما نص الدستور العراقي آنذاك، إلا أن انحراف بعض قادة ثورة تموز يوليو عن مسارها، والتنكر للحقوق القومية للشعب الكردي؛ وقصف المناطق الكردية والقيام بالعمليات العسكرية ضد الشعب الكردي، أدى بالبارزاني الخالد لإعلان الثورة والدفاع عن كردستان وشعبها، وسميت بثورة أيلول لاندلاعها في 11 من سبتمبر. لم يكن البارزاني الخالد مع حل المشاكل والخلافات بالقوة والحل العسكري بل كان دائما مع الحوار الديمقراطي والبناء بعيدا عن العنف، والالتزام بشعار الحزب الذي أسسه عام 1946 الحزب الديمقراطي الكردستاني، و شعاره الديمقراطية للعراق والحكم الذاتي لكردستان. استمر القتال إلى سنة 1970 رغم فترات وقف إطلاق النار، إلا أن حكمة وعزيمة البارزاني أدت إلى اعتراف الحكومة العراقية بالحقوق القومية للشعب الكردي ضمن اتفاقية 11 آذار مارس 1970. كان بارزاني رجلا كريما متسامحا متواضعا لا يعلو على أحد رغم مكانته، إلا أنه كان دائما يقول بأنه خادم شعبه، عاش حياة بسيطة، بعد أن ولد بمنطقة أصبحت مهدا وعرينا للثورات والنضال من أجل الكرامة والحرية والعدالة، فمنطقة بارزان الشامخة هى عرين الأسود التي لا تقطع فيها الأشجار ولا تقتل بها الحيوانات البرية، و تحافظ على البيئة. واليوم؛ إذ نحن أمام ذكراه العطرة، نجد الكرد مؤكدين على أنهم ماضون على نهجه و نهج الزعيم مسعود بارزاني لبناء الديمقراطية و العيش المشترك و بناء دولة فيدرالية على أسس الدستور و الشراكة الحقيقة و التوازن و التوافق. الزعيم الكردي الخالد مصطفى بارزاني قال "إن حربنا ليست حرب الكُرد والعرب؛ لا أقول إنني لا أُحارب العرب وحسب؛ بل إنني لا أُحارب ضد أية قومية ولا أدخل حرباً ضد أي شعب بسبب الاسم أو لكون هذا أصفر وهذا أحمر وهذا أسود وهذا أزرق؛ وكون ذاك أبيض، الكُرد والعرب إخوة ويستطيعون العيش كإخوة بكل وئام وسلام؛ وصحيح أن العرب هم الأخ الأكبر ونحن الأخ الأصغر؛ لكن ليس من العدل أن يكون الأخ الأصغر هذا جائعاً وعارياً ولا يستطيع القراءة وتعلم ما يمكن الاستفادة منه وليس بمقدوره إبداء الرأي في أمور تهم البيت المشترك؛ بينما يستحوذ الأخ الأكبر على البيت وكل ما فيه، فمراعاة العدالة واجبة لكي لا يشعر الأخ الأصغر بالغبن والظلم؛ وفعلا يجب ألا يظلم، فنحن لا نتقاتل إذ لم تسقط الحكومة في أيدي اللصوص وعديمي الأخلاق الذين يقدمون خدماتهم لأعداء العرب والكُرد". ونكرر كلماته ثمينة المعنى والمغزى "إننا في ثورتنا هذه نتوخى الخير أولاً للعرب ومن ثم للكُرد وباقي الشعب العراقي من تركمان، وأشور، وأرمن وكل من يوجد على هذه الأرض".