افتتح الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، كمته خلال الاحتفال ب"يوم الشهي"، أنه لعل أهم ما يجب أن نبينه للعالم كله هو تحديد مفهوم الشهادة، ومن هو شهيد الحق ومن هو قتيل الباطل ، إذ إن الجماعات الإرهابية الضالة تستخدم نفس النصوص التي تتحدث عن منزلة الشهيد وللأسف الشديد تستخدم نفس الآيات ونفس الأحاديث، لاوية أعناق النصوص محرفة الكلمَ عن مواضعه، موهمة عناصرها الإجرامية بأنهم شهداء، فهم يقتلون ويذبحون ويحرقون ويمثلون بالبشر باسم الإسلام وتحت راية القرآن، والإسلام والقرآن بريئان من كل ذلك . وتابع: من ثمة لزم التأكيد على أمور ،أولا ما وضحه بيان الأزهر الشريف وأكدته كل من وزارة الأوقاف ودار الإفتاء من أن الشهداء الحقيقيين هم مَن يُدافِعون عن وطنهم ضدَ كلِّ مُعتَدٍ ويَدفعون أرواحهم فداءً لأهله وأرضه وبحره وسمائه ، وليس هؤلاء الذين يُرَوِّعون أهلَ وطنهم ويُهَدّدون أمنهم وأمانهم ويَسعَونَ في الأرض فسادًا. واستدل وزير الأوقاف أنه قال الله عز وجل "وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ" وقد سأل رجل النبي (صلى الله عليه وسلم) :"يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَرَأَيْتَ إِنْ جَاءَ رَجُلٌ يُرِيدُ أَخْذَ مَالِي ؟ قَالَ: فَلَا تُعْطِهِ مَالَكَ . قَالَ : أَرَأَيْتَ إِنْ قَاتَلَنِي ؟ قَالَ : قَاتِلْهُ ؟ قَالَ : أَرَأَيْتَ إِنْ قَتَلَنِي ؟ قَالَ : فَأَنْتَ شَهِيدٌ . قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ قَتَلْتُهُ ؟ قَالَ هُوَ فِي النَّار"، وليس الوطن أقل شأنا من المال بل هو أولى وأعز وقد قالوا رجل فقير في دولة غنية خير من رجل غني في دولة فقيرة ضعيفة هزيلة، فالأول له دولة تحمله وتحميه والثاني لا سند له، وهذا هو الفارق بين فقه الجماعات وفقه الدول فالدول لا يبنيها إلا عظماء النفوس والهمم. كما أنه لا جدال أنّ من واجبات المسلم أن يكون وفيًّا لوطنه مخلصًا له ، مدافعًا عنه بكل ما يملك من قولٍ أو فعلٍ، وأن حُبَّ الأوطان من الإيمان، وأنّ ذلك مما تؤيّده العقيدة الإسلاميّة والسنة النبوية وتجمع عليه سائر الشرائع والملل بل ويتفقّ عليه أصحاب الفِطَر السليمة والعقول الرشيدة ، فالحفاظ على الأوطان من صميم مقاصد الأديان , إذ لا يوجد وطني شريف لا يكون على استعداد لأن يفتدي وطنه بنفسه وماله ، فإذا ضاع الوطن فلا بقاء للنفس ولا للعرض ولا للمال ولا للدين , إذ لا بد للدين من وطن يحمله ويحميه ، فهل يمكن لفاقد الوطن المشرد بكل ما تحمله هذه الكلمةُ من معانٍ أن يقيم دينًا أو دولة. وأردف: أن ما أجمع عليه العلماء قديمًا وحديثًا ولم يشذ فيه أحد ممن يعتد برأيه من العلماء والفقهاء من أن إعلان الجهاد القتالي وهو ما يعرف في عصرنا الحديث بإعلان حالة التعبئة العامة أو التعبئة النوعية أو إعلان حالة الحرب أوالسلم ليس حقا لعامة الناس أو آحادهم أو حزب أو جماعة ، إنما هو حق لرئيس الدولة ، أو مجلس أمنها القومي ، وفق ما ينص عليه وينظمه قانون كل دولة ودستورها. كما أن مكانة الشهداء الحقيقيين الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه عظيمة عند الله (عز وجل) , فهم في الحقيقة ليسوا أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون , حيث يقول الحق سبحانه : " وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ", ويقول (عز وجل) : " وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ". ونوجه كل التحية والتقدير لقواتنا المسلحة الباسلة وشرطتنا الوطنية الباسلة على ما يقدمون من تضحيات غالية في سبيل الحفاظ على كل ذرة من ثرى وطننا العزيز. كما نوجه التحية إلى والد كل شهيد ، وإلى أم كل شهيد ، وإلى زوجة كل شهيد ، وأحمل لزوجة كل شهيد بشرى الحبيب المصطفى (صلى الله عليه وسلم) حيث يقول عليه الصلاة والسلام: " أنا وامرأة سعفاء الخدين هكذا في الجنة – وأشار بأصبعيه السبابة والوسطى – امرأة حبست نفسها على يتاماها حتى بانوا أو ماتت".