ليس صحيحاً أن صناديق الاقتراع تأتي دائماً بالحقيقة، خاصة في الوطن العربي، لأن هذه الصناديق وإن جاءت بالأرقام الحقيقية لعدد المصوتين، فإنها لا تحمل الاختيار الصادق والحقيقي للناخب، لأن هذا الناخب يتأثر بعدة عوامل تجعله يعطي صوته لمن لا يستحق هذا الصوت بدوافع وإغراءات عديدة منها الجهل والفقر. فالجهل والفقر آفتان خطيرتان في أي عملية انتخابية، وهما اللتان رجحتا كفتي المرشحين للرئاسة المصرية الدكتور محمد مرسي عن حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لحركة الإخوان المسلمين، والفريق أحمد شفيق رئيس الوزراء السابق في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، وهذان المرشحان استفادا من جهل وفقر الناخب المصري، فقد لعب الإخوان المسلمون على جهل بعض المسلمين للانحياز واختيار مرسي لأنهم بذلك يكسبون "الجنة" ومن يختار غيره يذهب "للنار"!! واستفاد الإخوان المسلمون أيضا من آفة الفقر وسمعنا تلك الإغراءات التي قدمها هؤلاء للناخبين من "زيت" و"سمن" و"طحين" و"أموال" وحتى "اللحوم" و"الشحوم"!! أما المرشح أحمد شفيق فقد استفاد من هاتين الآفتين "الجهل والفقر" والأهم أنه استفاد من "المطبخ السري" للنظام البائد وعصابة الرئيس المخلوع حسني الذي يشارك في إدارته طباخون كثر منهم الأمريكي والصهيوني وحتى العربي!! لهذا فإن الأصوات التي فاز بها هذان المرشحان في جولة الإعادة لا تعبر عن روح الثورة وأهدافها الثورية التي تحارب الفساد والظلم وتبحث عن العدالة الاجتماعية وعن الحرية والديمقراطية وعن الكرامة والاستقلال الوطني وعن دور مصر القيادي والريادي للوطن العربي. فالأصوات الحقيقية التي دخلت إلى صناديق الاقتراع غير متأثرة بالجهل والجوع والفقر وغير مرتبطة ب"المطبخ السري" هي تلك الأصوات التي ذهبت إلى المرشح حمدين صباحي والدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح، وهذه الأصوات لو تمكن هذان المرشحان من الاتفاق بينهما لكانت حاسمة لصالحهما وفازا على غيرهما من المرشحين الآخرين، لكن عدم التنسيق بينهما أضاع عليهما فرصة الفوز بجولة الإعادة، بل أضاع فرصة الفوز بالرئاسة بالجولة الأولى لأن الأصوات التي حصل عليها المرشحان تتعدى نسبة 51% المطلوبة. هذه الأصوات التي ذهبت لهذين المرشحين صباحي وأبو الفتوح هي أصوات الثورة وهي الأصوات الصحيحة لأنها من الطبقة المثقفة والواعية والمدركة لأهداف الثورة وهي التي لم تتأثر بآفتي الجهل والفقر. هذه الأصوات هي أصوات الملايين التي فجرت الثورة وهي التي تخرج الآن إلى ميادين مصر وميدان التحرير في ثورة ثانية تعيد للثورة زخمها وقوتها من جديد وتحاول بتر وقطع يد من يحاول سرقة هذه الثورة المباركة أو الركوب فوق موجتها العارمة كما حاول مرسي وشفيق، فالأول معروف عنه وعن الإخوان المسلمين بأنهم تعاونوا مع النظام المخلوع وشاركوا في مجلس الشعب وشاركوا النظام في مسيرته الفاسدة والثاني يعتبر رمزاً من رموز النظام المخلوع ومن الفلول الساقطة لهذا فإنهما لا يستحقان الوصول إلى كرسي الحكم بمصر لأن هذا الكرسي الرئاسي يجب أن يجلس عليه من يمثل روح وضمير ووجدان ثورة 25 يناير المجيدة.. لهذا أقول لا شفيق ولا مرسي يستحق هذا الكرسي نقلا عن صحيفة الشرق القطرية