كتبت- هدير إسماعيل لم يأت اختيار ثروت عكاشة شخصية معرض الكتاب في يوبيله الذهبي هذا العام من فراغ ، وانما لان ثروت عكاشة من القامات التي لا يمكن تجاهل إنجازاتها واسمها في الثقافة المصرية وفي تاريخ وزراء مصر، فهو العسكري الذي أرثى قواعد الثقافة المصرية ورسخ ملامحها، الأديب والوزير المثقف الواعي بأهمية الثقافة، مؤسس المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية -المجلس الأعلى للثقافة في الوقت الحالي-، وقصور الثقافة حتى تصل الثقافة إلى كافة ربوع مصر ولا تكن قصرًا على الطبقة الأرستقراطية . * مشواره مع الثقافة المصرية أسند الرئيس "جمال عبد الناصر"، وزارة الثقافة في عام 1958 للعسكري ثروت عكاشة، وكان جديرًا بها حيث تولاها لفترة ثانية وهي من عام 1966 إلى 1970، استطاع بهذه الفترة أن يؤسس الثقافة المصرية على أكمل وجه، فهي 8 سنوات ننعم في ظلها إلى وقتنا الحالى فهو صاحب الفضل في تأسيس كل من:" أكاديمية الفنون عام 1959"، وذلك بعد توليه مسئولية وزارة الإرشاد القومي بسنة واحدة، ومن خلال تلك المؤسسة استطاع الانطلاق بمصر ونقلها من المحلية إلى العالمية، وهي المعبر للبدء بالاهتمام بتعليم الفنون العالمية و الإنفتاح على كافة الثقافات الأخرى، بالإضافة إلى "الهيئة العامة للكتاب"، "ودار الكتب والوثائق القومية"، وكانت تحوي في هذا الوقت حوالي نصف مليون مجلد من الكتب والمخطوطات القيمة، كما أسس فرق دار الأوبرا المختلفة مثل أوركسترا القاهرة السيمفوني وفرق الموسيقي العربية، والسيرك القومي ومسرح العرائس. كما وقف ثابتًا لحماية الآثار المصرية مثل معبد فيلة وأبو سمبل والآثار المصرية في النوبة أثناء بناء السد العالي، فلا يخلو حجر أساس لأي متحف من وجود إرشادات وتوجيهات ثروت عكاشة، وعُني بدور النشر فأسس"المكتبة الثقافية"، وهي النبتة الأساسية لمشروع مكتبة الأسرة، واهتم بالفنون فأستقدم العديد من المعدات والآلآت الموسيقية العالمية. له العديد من المؤلفات التي تعكس فكر هذا الأديب ومدى ثقافته وإلمامه بكافة الأمور، فلا يذكر اسمه إلا واقترن ب "موسوعة تاريخ الفن العين تسمع وترى" فنون عصر النهضة "الرنيسانس" أو مرحلة الإحياء والبعث، والتصوير الإسلامي المغولي في الهند، والفن المصري القديم، كما برع في تأريخ وتوثيق الأحداث السياسية في مصر كما في كتابه "مذكراتي في السياسة والثقافة" حيث يبدأ فيه بسرد يومياته بداية من انتسابه لسلاح الفرسان، والتحاقه بكلية أركان الحرب، وتعرفه على عبد الناصر، والتحاقهما فيما بعد بجماعة الإخوان، وحرب فلسطين، وإرهاصات تحركات يوليو 1952، وحريق القاهرة، ونية عبد الناصر للاستيلاء على القاهرة والخوف من تدخل الإنجليز، كما تتضمن صفحات الكتاب سياسة إحياء النشاط الثقافي في مصر وإصلاح فوضى المسرح والسماح بعدد من المسرحيات التي سببت له الهجوم مثل مسرحية "ثورة الزنج"، التي تدخل العديد من الوزراء لمنع عرضها، ولكنه وجه حديثه لعبد الناصر بقوله" أن منع عرض المسرحية سيكون أكثر إثارة للقيل والقال من الاستمرار في عرضها"، ومن ثم وافقه عبد الناصر على رأيه واستمر عرض المسرحية. * مناصب تقلدها تقلد ثروت عكاشة العديد من المناصب منها:" ضابط بالقوات المسلحة، رئيس تحرير مجلة التحرير 1952 – 1953، ملحق عسكري بالسفارة المصرية في بون و باريس ومدريد 1953 – 1956، سفير مصر في روما 1957 -1958، وزير الثقافة والإرشاد القومى 1958 – 1962، رئيس المجلس الأعلى للفنون والآداب والعلوم الاجتماعية 1962 و 1966 – 1970، رئيس مجلس إدارة البنك الأهلى المصري 1962 - 1966، نائب رئيس الوزراء ووزير الثقافة 1966 – 1967، وزير الثقافة 1967 – 1970، نائب رئيس اللجنة الدولية لإنقاذ مدينة البندقية 1967 – 1977، مساعد رئيس الجمهورية للشئون الثقافية 1970 – 1972، أستاذ زائر بالكوليج دو فرانس بباريس (تاريخ الفن) 1973، انتخب زميل مراسل بالأكاديمية البريطانية الملكية 1975، انتخب رئيس للجنة الثقافة الاستشارية بمعهد العالم العربي بباريس 1990- 1993. * جوائز وأوسمة وحصل على العديد من الأوسمة والجوائز وهي:" الجائزة الأولى في مسابقة فاروق الأول العسكرية، وسام الفنون والآداب الفرنسى، سنة 1965، وسام اللجيون دونير (وسام جوقه الشرف) الفرنسى بدرجة كوماندور، سنة 1968، الميدالية الفضية لليونسكو تتويجا لإنقاذ معبدي أبو سمبل وآثار النوبة، سنة 1968، الميدالية الذهبية لليونسكو لجهوده من أجل إنقاذ معابد فيلة وآثار النوبة، سنة 1970، جائزة الدولة التقديرية في الفنون من المجلس الأعلى للثقافة، سنة 1987، دكتوراه فخرية في العلوم الإنسانية من الجامعه الامريكيهبالقاهرة سنة 1995، جائزة مبارك في الفنون من المجلس الأعلى للثقافة، سنة 2002. * نشأته ولد ثروت عكاشة في القاهرة عام 1921 و توفي 27 فبراير 2012، قيل عنه وتم وصفه من قبل الشاعر الكبير "عبد المنعم رمضان"، بزهرة نمت في أجواء يستحيل أن تنضج فيها الزهور، فنشأته كانت عسكرية لكن فطرته ثقافية، لذلك أسهم في إثراء المكتبة العسكرية ثم انطلق طموحه إلى ربوع الثقافة قاطبة، وووصفه الدكتور "جابر عصفور" بأعظم وزير ثقافة شهدته مصر، وأعماله باقية، أما الشاعر "حسن طلب "فوصفه بالكاتب الحر ذا الشمم الذي لم يترك كتابا أو مؤلفا أو مترجما إلا وأنجزه بغية إنارة الطريق أمام القادمين من المثقفين، لذلك ستبقى أعماله نفائس لا تضاهى.