وزير الخارجية: قضية مياه النيل وجودية ولن تتهاون في الدفاع عن حقوقنا    عبدالسند يمامة عن حصة الوفد: نشعر بمرارة بعد حصولنا على مقعدين في القائمة الوطنية    اعتماد الحد الأدنى للقبول بالتخصصات في التعليم المزدوج بالوادي الجديد    سعر جرام الذهب في ختام تعاملات اليوم الأحد    التعليم العالي: التعاون المصري الإيطالي نموذج ناجح في ربط البحث العلمي بالتنمية    أبو عبيدة في ذكرى اغتيال محمد الضيف: أسقط مع إخوانه في طوفان الأقصى الردع الصهيوني إلى الأبد    نشاط الرئيس السيسي اليوم في غينيا الاستوائية (صور)    أردوغان: الإرهاب الانفصالي كلف تركيا حوالي تريليوني دولار    بث مباشر، مشاهدة مباراة باريس سان جيرمان وتشيلسي في نهائي كأس العالم للأندية 2025    مفاجأة.. تطورات جديدة حول انتقال فيكتور جيوكيريس إلى آرسنال    أخبار مصر اليوم: اعتماد نتيجة الدبلومات الفنية 2025.. توطين تصنيع 6 أنواع من أدوية علاج الأورام السرطانية.. اجتماع حكومي لمتابعة تمويل المواد البترولية المطلوبة لتشغيل الكهرباء    "حين تحوّل البرميل إلى قبر".. نهاية مأساوية لشاب على يد والده في سوهاج    النائب محمد الجبلاوى: صرف شركة أديس 5 مليون جنيه لكل أسرة مفقود ومتوفى فى حادث جيل الزيت خطوة جيدة    ختام دوري مكتبات قصور الثقافة.. إقليم القاهرة الكبرى يحصد المركز الأول.. وثقافة البحيرة تتصدر الأنشطة الخاصة    عروض فنية متنوعة لطلاب جامعة دمنهور ضمن فعاليات ملتقى حور للفنون (صور)    «لو أنا كان جسمي هيتقطم».. صور ل نرمين الفقي أثناء أداء تمارين رياضية تثير تفاعلًا    أطفال دلجا، النيابة تصرح بدفن الطفل الرابع بالمنيا    مصدر من الزمالك ل في الجول: الشكوى ضد لبيب لن تغير الحرص على حقوق النادي    بالصور.. مي سليم تخطف الأنظار من أمام شواطئ العلمين الجديدة    فيلم "سوبرمان" يثير الجدل بسبب "ترامب" والعدوان على غزة    حدث في 8 ساعات| السيسي يشارك في قمة منتصف العام للاتحاد الإفريقي.. والتعليم تعلن رابط نتيجة الدبلومات الفنية    "يديعوت أحرونوت": الجيش الإسرائيلي أجرى مناورة تحاكي تعاملا مع غزو واسع قادم من سوريا    رئيس جامعة جنوب الوادى يناقش الحوكمة الإلكترونية لنظم الصيانة بالجامعة    شعبة النقل الدولي: مصر تتمتع بمميزات كبيرة تؤهلها لتوطين صناعة السفن    محافظ الشرقية يوافق على 11 طلبا استثماريا خلال اجتماع مجلس إدارة المناطق الصناعية    منتخب مصر الأولمبي يفوز على كولومبيا في البطولة الدولية للسلة بالصين    بعد الاتفاق على البنود الشخصية.. سانشو على أعتاب الانتقال إلى يوفنتوس    بايرن ميونخ يقترب من التعاقد مع لاعب آرسنال    الثور يتجاهل الاستفزازات.. 5 أبراج تفضل الصمت وتتجنب الجدال    الاستيطان في فلسطين.. كيف تحوّل حلم موشيه زار إلى كابوس ابتلع الأرض وحاصر السكان؟    صحة المنيا: نتائج تحاليل شقيقتي الأطفال الأربعة المتوفين تصدر غدا.. وفحص الوضع البيئي بمنزل الأسرة    «بالزنجبيل والعسل».. مشروب طبيعي للتخلص من الارتجاع وحرقان الصدر    طريقة عمل المبكبكة الليبية فى خطوات بسيطة    أمينة الفتوى تحسم الجدل حول حكم الصلاة بالهارد جيل    ما حكم استخدام مزيلات العرق ذات الرائحة للنساء؟.. أمينة الفتوى تجيب    "20% من قيمة الصفقة".. المريخ البورسعيدي يضمن مبلغًا ضخمًا من انتقال إبراهيم عادل إلى الجزيرة    حدث غريب في فرنسا.. سجين يهرب من محبسه داخل حقيبة زميله المفرج عنه    مصرع شقيقين أثناء الإستحمام بترعة في كفرالشيخ    هل يجوز المسح على الطاقية أو العمامة عند الوضوء؟.. عالم أزهري يوضح    محافظ كفرالشيخ يبحث الاستعدادات النهائية لتدشين حملة «100 يوم صحة»    مايا مرسى تكرم «روزاليوسف» لجهودها فى تغطية ملفات الحماية الاجتماعية    تنسيق الجامعات الأهلية 2025.. تفاصيل الدراسة في برنامج طب وجراحة حلوان    نقيب الصحفيين: علينا العمل معًا لضمان إعلام حر ومسؤول    أخبار السعودية اليوم.. مطار الملك خالد يحقق يقتنص مؤتمر الأطعمة والضيافة في برشلونة    حجز إعادة محاكمة أبناء كمال الشاذلى بتهمة الكسب غير المشروع للحكم    وزير الأوقاف: شراكة الإعلام والمؤسسات الدينية خطوة تاريخية لمواجهة تحديات العصر الرقمي    خبراء: قرار تثبيت أسعار الفائدة جاء لتقييم الآثار المحتملة للتعديلات التشريعية لضريبة القيمة المضافة    وزراء العدل والتخطيط والتنمية المحلية يفتتحون فرع توثيق محكمة جنوب الجيزة الابتدائية | صور    ذكري رحيل السيدة عائشة الصديقة بنت الصديق.. تعرف على أهم الكتب التي تناولت سيرتها    وكيل الأزهر يدعو الشباب للأمل والحذر من الفكر الهدام    بعد قبول الاستئناف.. أحكام بالمؤبد والمشدد ل 5 متهمين ب«خلية الإسماعيلية الإرهابية»    مساعدات أممية طارئة لدعم الاستجابة لحرائق الغابات في سوريا    الوطني الفلسطيني: المخطط الإسرائيلي بإقامة"المدينة الإنسانية" لا يمت بأي صلة للقيم الإنسانية    القديس يعقوب بن زبدي.. أول الشهداء بين الرسل    رسالة محبة ووحدة من البطريرك برتلماوس إلى البابا لاوُن الرابع عشر في عيد الرسولين    حالة الطقس في الإمارات اليوم.. صحو إلى غائم جزئياً    في شهادة البكالوريا .. اختيار الطالب للنظام من أولى ثانوى وممنوع التحويل    «دوروا على غيره».. نجم الزمالك السابق يوجّه رسائل نارية لمجلس لبيب بسبب حمدان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وزارة الثقافة في الغياب والحضور ..
نشر في الوفد يوم 03 - 06 - 2012

صفة الغياب في العنوان تعود على «الثقافة» وعلى الوزارة» معا رغم ما اتصفت به أيام الثورة من روعة وانبهر بها العالم من تحضّر أهلها فكيف حدث ذلك في حضور ذلك الغياب وبشهادة الشهود؟ السبب راجع إلى أن ذلك المشهد الحقيقي
للثورة لم يكن أبدا نتاج «فعل تثقيف» طويل مدروس ومتعمد قامت به «مؤسسة الوزارة الحكومية» على مدى السنوات الطويلة السابقة منذ حكم السادات وحتى سقوط نظام مبارك. بل كان نتيجة لتراكم ثقافة مصرية «متحضرة» أقدم تجذرا وأشد تماسكا وأقوى فاعلية وتأثيرا في العقل والسلوك من ثقافة الحكومة والوزراء باستثناء ثقافة مشروع الدكتور ثروت عكاشة التي رفدها مشروع الثقافة المصرية السابق على 23 يوليو 1952وأمدّها برصيد موروث مكتنز بالفكر والإبداع والتحضر لم تلبث أن استهلكته مع مرور السنين وغياب الديمقراطية وسيطرة الاستبداد. ثقافة شارك في صنعها طول الخبرة وضراوة المعاناة في حقب القهر وأزمنة الترغيب والترهيب. مثلما شارك في صنعها ذلك الذوبان - الانصهار المذهل المتوحد من عادات وتقاليد وموروثات وأخلاق وتدين ومقاومة لا تلين للمحتل والظالم أيا ما كان جنسه أو كانت قوته. وهي ثقافة سبقت كل الثورات التي عرفتها مصر وقامت بها حتى ولو لم يكتب لها النجاح في حينها إلا أنها ظلت فعلا ناقصا ينتظر اكتماله الذي تحقق في يومه الموعود كنتيجة حتمية لتراكمه.
هذه الثقافة التي نعنيها – والتي نظّّر لها ودوّنها وأسس لفعلها المفكرون والمبدعون العظام في مستهل عصر التنوير وحتى يوليو 1952 تخرج إذن عن مقررات الكتب المطبوعة والمناهج المفروضة والحكايات المبدلة والبطولات المفبركة الممسوخة لأنها تستمد حكمتها من حكايات الجدات وحكمة الأجداد وسلوك الآباء وحنان وصبر الأمهات. مثلما تخرج عن كل ما تطرحه فصول المدارس وأكاذيب السلطة ومواعظ المحترفين مولّية وجهها إلى ذلك النبع الشعبي الأكثر عمقا والأشد صفاء ونقاوة تنهل منه وتستزيد. ومن شأنها العظيم أيضا أنها مهما غُيبت أو شَحبت أو شحّ تأثيرها فإنها تظل كامنة مختفية في العقل الجمعي للشعوب. متوارية في أشد طبقات لا واعية عمقا تنتظر النضج إلى أن تقفز في فعل متحضر عام ومبهر كثورة الخامس والعشرين من يناير . لا دخل لمؤسسات الثقافة الرسمية بها حين تسطع ولا سيطرة لها عليها حين تقول ولا تملك التوجيه أو التدخل أو الإملاء حينما تنشد أو ترقص أو تغني. مثلما وقفت هذه المؤسسات بكافة عناصرها – مادية وبشرية - عاجزة قاصرة ذليلة أمام جموح أحلامها. ومثلما انكشف وافتضح دور ومهمات مسئوليها وسدنتها وكهانها حينما كانوا يحاولون مدّ أياديهم لإثبات المشاركة في الثورة كي يقطفوا من ثمارها أكثرها نضجا ويظفروا من حصتها بأكثر الأنصبة مكسبا وفائدة. وقد رأينا كل ذلك بالفعل في كثرة لا تعدّ من كذب الادعاء والتشدق بالانتماء ومحاولات اللحاق ولو بالعربة الأخيرة من قطارها مؤقتا ثم بعدها يقومون بتعديل أوضاعهم وهم في ذلك بارعون!
الخلاصة إذن أنه لم يكن لوزارة الثقافة المصرية أي دخل بالثورة مثلما لم يكن لوزارة التعليم والتربية أي شأن بها. لأن الزمن والسموات المفتوحة وتكنولوجيا العصر وأفكاره – المستعصين على الحجر والتقييد والاعتقال – هم الذين علموا الثوار كيف يلتقون وكيف يرفضون وكيف يحلمون. كما أنه نفس الزمن الذي علم آباءهم وأمهاتهم وجداتهم وأجدادهم كيف يؤازرونهم وكيف يقفون معهم وبهم يتفاخرون. و هي نفس الخبرة وذات المعاناة التي صنعت التململ وزرعت الرفض وساقت إلى المشاركة في التمرد والانتظام في الثورة. وقبل ذلك رعت أحلام التغيير وأمنيات العيش الكريم في عقول الفقراء ونفوس المهمشين وقلوب المحتاجين الذين بدوا بنفس الدرجة من التحضر – لحظة الفعل العظيم - دون أن يعرفوا لوزارة الثقافة عنوانا ولا حتى ماذا تعني كلمة مثقف وإلام تحيل وكيف تفسر شقشقات أمهر المثقفين!
أما في الميدان فقد اختار الثوار الشبان شعاراتهم من وحي الواقع وضغط الحاجة وبريق الأحلام. مثلما تنحّت عن حناجرهم ولفظت أفواههم الأغنيات الرخيصة التي فرضت على جيلهم بعناية وأودعت ذاكرتهم بتعمد وغرست في عقولهم بإصرار خبيث. كما نبذوا المشهد المسرحي الباهت المعاد فابتكروا وارتجلوا وتفننوا في إبداع مشهد آخر مغاير لائق جديد لم يعلمه لهم أستاذ محنط أو محترف متقادم الموهبة بالي الخبرة. مثلما لم تبادر يد مسئول بوزارة الثقافة لكي تلتقطه فتدعمه وتقويه حتى ينبلج عن عمل يحمل صدق اللحظة ووهج الارتجال مع متانة الصقل وحنو المساندة.
كلمات... كلمات.. كلمات كانت كلها تقال إذن – على حد قول شكسبير في مؤسسة الثقافة الرسمية رغم جهود لا يستطيع الإنصاف إنكارها – في مشروع مكتبة الأسرة والقراءة للجميع على وجه التحديد - لكنها أبدا لم تشارك في الإعداد للثورة ولم تدفع مطلقا إليها حيث كان هدفها الأكبر والأهم ضد تغيير الواقع أو عصيانه أو التمرد عليه بل تثبيته ومؤازرته وتكريسه. فإن حصلت من ذلك فائدة فلا تتخطى زيادة معرفة أو إضافة معلومات. أما الفعل الحقيقي للتثقيف فقد كان ولا يزال قليلا.. قليلا.. ومتفرقا كما تثبت شهادة الواقع في كل مؤسسة من مؤسسات وزارة الثقافة المنكوبة دون افتراء:
في الأوبرا التي سرقت وترهلت واكتظت بالموظفين من الأتباع والمحاسيب وشحب وجهها من إعادة البرامج القديمة. وفي الأوركسترا السيمفوني الذي تضعضع. وفي فرقة الموسيقى العربية ومهرجانها الذي سيطرت عليه واحدة قارب عمرها – أمده الله لها التسعين – ولا تزال تخطط وتحكم وتبرمج وتفيد وتستفيد. وفي الأكاديمية التي ناءت بثقل ديونها ومبانيها من الفساد وثقل حملها من الموظفين وهيئة التدريس أبناء وأصهار وأقارب. وزكمت رائحة الأبحاث المسروقة والمسطحة المقدمة للترقيات والمجازة بالفعل الأنوف. وفي البيت الفني للمسرح والمركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية الذي وضع اللمسة الأخيرة في تفكيكهما الوزير عماد أبوغازي ثم أجهز عليه خلفه الدكتور شاكر عبدالحميد بتبديل مواقع رئيسيهما كل في مكان الآخر كمجرد مثال. وفي مؤسسة الثقافة الجماهيرية التي سلبوها اسمها فسموها الهيئة العامة لقصور الثقافة ثم تركوها هزيلة منذرة بالسقوط إن لم تكن قد سقطت بالفعل.
وفي هيئة الآثار التي قريبا سوف تفتح حفائرها معلنة بسطو «ضباع الجبل» عليها حسب تسمية الراحل العظيم شادي عبدالسلام في فيلمه المومياء. وفيما يسمى بهيئة التنسيق الحضاري الرابضة في مكمنها دون دور يذكر تتمكن منه أو تمكن. وفي مسارح مصر المحروقة والمسروقة وكنوزها من اللوحات والتماثيل التي أخرجت من قوائم الجرد وفرت من كشوف الحصر وحدود الوطن. وفي المركز القومي للترجمة ومطبوعات المجلس الأعلى للثقافة – التي طبعت ونشرت مجاملة أو صدقة مخجلة مذلة لأصحابها - ثم تكدست بالمخازن وتعفنت من الرطوبة. وفي التعيينات بالجملة إرضاء لصيحات الشباب العاطلين المساكين من أبناء مصر. وفي المراكز المرموقة التي تم اختراعها أو التسكين عليها بما يخالف القانون حتى ولو كان المحظوظون من أعداء الثورة المعتّقون وفاقدو الخبرة والكفاءة وناقصي الحدّ الأدنى من الصلاحية. كل ذلك جديد.. حدث في عهد وزراء ما بعد الثورة : الدكتور عماد أبوغازي.. والدكتور شاكر عبد الحميد.. وتلقاه عاتق الدكتور صابر عرب الوزير الجديد وكاهل الدكتور سعيد توفيق أمين عام المجلس الأعلى للثقافة اللذان لا يجرؤ أحد فيطالبهما بصنع المعجزات في أيام. لكن الرجلين جاءا وخلفهما من صفحات علمية ووظيفية ناصعة سواء في الوزارة المحزونة أو في الجامعة والبحث العلمي ما يثبت أقدامهما. وقد لخصه الوزير باستشهاده بالحديث النبوي الشريف «إذا قامت القيامة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها». لكننا لا نكتفي بذلك ولا يكتفي به الوطن بل نريد منه أن يمد يده ويد زميله فيقتلعان من الحشائش الضارة والجذور الخبيثة ما يقدران على اقتلاعه ولتسندهما النوايا الحسنة والإرادات المخلصة وليوفقهما الله.
عاتبني الوزير صابر عرب.. بل وطلب مني أن أعتذر للدكتور شاكر.. وكان ردي أنني موافق على أن يعتذر هو عما فعله وما اقترفه بحق الجهات التالية في الوزارة.
والسؤال الآن للوزير الذي أعلن أنه سوف سيزرع الفسيلة: هل يستطيع أن يقوم في فترة وجيزة تالية ما أصابته تصرفات سابقيه بالعوج: مواقع الفساد في؟؟؟.. ؟؟؟..؟؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.