في حدود النتائج المعلنة لانتخابات الرئاسة والتي من المفترض أنها تأكدت لحظة قراءة هذه السطور، فإن المصريين في جولة الإعادة أمام خيارين أحلاهما مر .. فليس أسوأ من ألا يكون أمامك سوى الاختيار بين واحد من رموز النظام السابق.. أحمد شفيق.. في إعلان رسمي لإخفاق الثورة، وبين آخر.. محمد مرسي.. يسود الاختلاف عليه بحكم انتمائه لجماعة ترى الكثير من الآراء أنها قد تأخذنا إلى المجهول! هناك الكثير مما يمكن أن يقال في هذا الصدد غير أن هذا ليس وقت البكاء على اللبن المسكوب. لقد نادى الكثيرون على مدى الفترة الماضية بالسعي للاتفاق على مرشح واحد ممثل للثورة ولم تلق الدعوة آذانا صاغية، فكانت النتيجة تفتت الأصوات بين المرشحين بما سمح لشفيق ومرسي بنيل أعلى الأصوات حتى الآن – عصر الجمعة، وأن تخرج النتيجة بشكل بدا مفاجأة للمصريين رغم أن النتيجة حصاد أصواتهم وليس حصاد شعب آخر، وصعوبة التشكيك في الانتخابات والتي لم تكن مزورة بأي المعاني وإن لم تكن نزيهة في الوقت ذاته. كيفية صعود شفيق وحصوله على كل هذه الأصوات أمر يجب أن يخضع للدراسة والتفسير، وهو هنا يتمثل في أبسط معانيه في أن الانتخابات كانت تعكس تيارين هما التيار الديني ويمثله الإخوان ونجح بمرسي وتيار الثورة المضادة والذي نجح بشفيق كذلك، وهو ما يعني أننا لعبنا كشعب دور الكومبارس في هذا السباق ليس إلا.. وسط كل ذلك يبدو نجاح شفيق وكأنه الجريمة التي يحاول الجميع أن يغسل يديه منها، ولعل في تعبير جمال أسعد عبد الملاك في حوار ل «لأهرام» أمس الأول ما يوضح هذه القضية، حيث أشار إلى أن الجميع ينافق الثورة ويعمل ضدها. السؤال الأزمة الذي يبدو محيرا للجميع الآن هو كيف سنتصرف في الإعادة؟ رفض النتيجة من خلال مظاهرات ومليونيات قد لا يكون هو الأسلم باعتباره تقويضاً لأهم أسس الديمقراطية التي من المفترض أنها الآلية التي يحتكم إليها، كما أن ذلك قد يدخلنا في حالة من الفوضى تكون مقصودة يتبعها تأخير تسليم السلطة. رغم حالة الصدمة لدى الجماهير والتي تم التعبير عنها بأشكال مختلفة على شاشات الفضائيات من نجاح شفيق، إلا أن الطريق في تقديري بات واضحا فلا مجال للتراجع بالثورة أو تحويلها لثورة منقوصة.. ورفض شفيق يجب أن يكون هو الأساس لدى كل مواطن وأن يتخلى من اصطلح على تسميتهم بممثلي حزب الكنبة عن تكاسلهم ومتابعتهم للموقف عن بعد وأن ينزلوا للتصويت. يعني ذلك اختيار «مرسي» .. وهو أمر يتحفظ عليه الكثيرون كما أشرت، غير أنه قد يكون المخرج في إطار حقيقة أن الإخوان قد ينزلون من عليائهم وينصاعون لحكم الواقع. وكما هو معلوم في السياسة فإن التعامل من برج عاجي قد يكون شيئاً.. والانطلاق من الأرض شئ آخر .. أو كما قالت متحدثة أمريكية تعليقا على مناظرة أبو الفتوح وعمرو موسى بشأن مواقفهما المتشددة تجاه إسرائيل إن البرامج الانتخابية شئ والتطبيق شئ آخر. إلى جانب ما سبق يجب ألا ننسى أن الحكم على التيار الديني، سواء الإخوان أو غيرهم، ينطلق من أسس ورؤى تم تشويهها بشكل كبير في إطار استهداف هذا التيار. والخلاصة فلنجرب حكم الإخوان ومرسي.. وإذا كان البعض سيرد: وهل من المقبول أن نصبح معمل تجارب؟ وهل تتحمل مصر أربع سنوات آخرى من غير المعروف إلى أين يقودنا الإخوان خلالها؟ والإجابة هل لديك خيار آخر؟!