انصرف المصريون إلي متابعة مسئولي مصر ووزرائها السابقين خلف قضبان السجون و في تشف ارتفعت أصوات بعض من حضروا جلسات المحاكمة المعلنة بعبارات نابية للمتهمين.. في حين انصرف آخرون إلي تصفية حساباتهم الشخصية المعلنة وغير المعلنة ذلك من خلال وسائل الإعلام لحشر أسمائهم ضمن مؤيدي ثورة التحرير يتباري المستعرضون فيها بالوقوف خلف شباب الثورة التي لم يتصور أحد حتي من قاموا بفاعلياتها أنهم بصدد قلب نظام الحكم و ربما كان لديهم اعتقاد أو مخاوف القبض عليهم أو الاعتقال بينما ركزت فئة أخري علي إلقاء الإتهامات لمنافسيها بنبذ الثورة والثوار حتي إن البعض وضعوا أسماء بعينها ضمن قائمة سوداء لم أفهم منْ نصّب نفسه قاضياً وجلاداً للحكم علي آخرين و التشكيك في وطنيتهم! تحولت ثورة التحرير إلي عرض مسرحي.. " شو " يشارك فيه منْ يشاء وقت ما يشاء و الغريب هذه القدرة لفئة المتحولين للنقيض و بهذه الحرفية ساعدهم في ذلك إعلام متخبط ليس لديه الحرية و النزاهة بعد.. في حين أننا أمام انغماس المجتمع في فساد يحتاج كل هذه الأيدي و الحناجر.. بعيدا عن استعراض البطولات المبالغ فيها.. ليس هذا ما يجب فعله الآن.. هنالك انفلات أمني جديد علي المجتمع المصري ماذا عنه وقد دخل في إطار حوادث القتل؟ هل يتطلب ذلك عودة المقاومة الشعبية لحين استعادة جهاز الشرطة قوته و مكانته؟ هنالك ما هو أهم، فالمطالبة المستميتة بعودة أموال الشعب مرة أخري هي الانتصار العملي والفعلي للقضاء علي الفساد وتطهير البلاد من سارقي حقوق الغلابة والمتربحين من وظائفهم .. كفانا مظاهر كاذبة ليست إلا ضياعاً للوقت والجهد.. ولا تعبر عن قيم المصريين.. ماذا يعنينا من إهانتهم؟! الإهانة الحقيقية الموجعة تكمن في سحب هذه الأموال المسلوبة وإعادتها لخدمة المصريين.. أخشي في زحام التهليل ضياع الأهداف الرئيسية وتشتت الجهود واختلاط الأمور.. فلنبحث جميعاً عن جحور الفساد في حين يتولي من وثق الشعب في نزاهتهم التحقيق مع سالبي حقوق المصريين. وفي هذا الإطار أرسل لي أحد مواطني مصر الشرفاء مستندات تفصيلية خاصة بالسطو علي أراضي الدولة ونهب حقوق الشعب المصري، فيما يخص الألف فدان التي تحدث عنها وزير الإسكان الأسبق المهندس حسب الله الكفراوي في أحد البرامج التليفزيونية عندما طالبه نجل الرئيس مبارك بمنحه ألف فدان وحين قوبل طلبه بالرفض تمت إقالة الكفراوي وتعيين منْ منح نجل الرئيس من فائض كرمه ألفين وخمسمائة فدان من أجود الأراضي المصرية بدلاً من ألف فقط! يقدر سعر المتر فيها بجنيهين وربع (225 قرش مائتان وخمس وعشرون) بعد الخصومات اللازمة مراعاة لظروف الشاب المقبل علي الحياة علي أن يقسط سيادته الباقي علي أقساط مميتة وليست مريحة فقط! تحوي المستندات أيضاً أسماء المشتركين في ملكية الأرض وحصصهم وعقود الشراء والمبالغ الزهيدة المدفوعة ثم التوقف عن السداد إلي جانب إشهار ذلك في الصحف الرسمية التي يتوفر لدينا نسختها الأصلية.. والسؤال ألم يكن شباب مصر أحق بهذه الأراضي وبنفس الأسعار الزهيدة؟! أليس من حقه الشعور بالرخاء و تحقيق مطالب الستر في حياته بدلاً من الإحباط الذي قتل أحلامه في العيش؟! ابحثوا عن أموال مصر وملياراتها الضائعة.. كفاكم سب الوزراء مغتصبي مليارات الشعب المصري حتي لا تشتتوا جهودكم بل قفوا وقفة رجل واحد يهتز لها العالم من جديد لعودة الأموال التي خرجت من الحدود المصرية.. و لا داعي أن أذكّر نفسي وأذكركم أننا جميعاً شاركنا في هذا النهب المنظم بالصمت الرهيب! حقاً لم نكن نعلم بهذا الكم من الفساد لكن آن الأوان لردود الأفعال المنطقية العاقلة الباحثة فقط عن الحقيقة وحق المصريين في إطار أخلاقي هادئ منتظم بعيداً عن التشفي والإهانة إذ ينبغي أن نبرهن لهم أننا شعب متحضر يبحث عن حقوقه المشروعة.. الآن و قد سيطر أهالي أسوان علي أربعين ألف فدان كانت بحوزة رئيس ديوان رئيس الجمهورية وعضو مجلس الشعب أحد المسئولين عن خدمته السؤال الذي نطرحه ما مصير كل هذه الأراضي المنهوبة من الدولة؟ وغيرها مما استحوذ عليه هذه الفئة التي قبلت المتعة بقوت الشعب المطحون؟! ليطلق مسئولو النظام المصري السابق العنان لأفكارهم وخيالهم الخصب متسائلين ماذا لو كان أبناؤكم أو بناتكم في هذا الميدان الذي أمرتم بإطلاق الرصاص الحي علي صدور شباب مصر فيه ؟ ماذا عن شعوركم؟ هذا لو كنتم تشعرون! ألم يصبكم فيروس التفكير في عقاب الله و لو كنتم في بروج مشيدة؟ دماء الشباب التي أريقت علي طرقات وسط العاصمة المصرية في أعناقكم.. دماء الشهداء ستبقي صارخة في آذانكم و ضمائركم التي ستعيش دوماً مترقبة تعي معني القصاص الإلهي لكن بعد فوات الأوان.. ما يحدث الآن هو العقاب الإلهي الذي لا يتصوره عقل أو خيال لأنه بقدر الظلم بقدر انتقام العادل الباقي الأكبر.. الشعب عاني مَرار الفقر و الحرمان و اليوم عليه متابعة إنجاح ثورته و استعادة الحقوق لتطهير البلاد.. و سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون. [email protected]