تباينت آراء علماء الدين حول ارتداء النقاب منذ زمن بعيد، فالبعض رأى أنه عفة وحشمة للمرأة، والتي ترتديه منهن تتجمل بالأخلاق، وآخرون رأوا أن العفة والتحشم ليس له علاقة بالنقاب، تحت مبدأ أن الأخلاق الكريمة تتواجد بالداخل ولا يجب الحكم على أحد من هيئته وملابسه. وفي الآونة الأخيرة أثارت مقترحات برلمانية الجدل بين علماء ومشايخ الأزهر الشريف بشأن حظر النقاب بالأماكن العامة، فالبعض رأى أن حظره لا يُعد ضد الشريعة الإسلامية، خاصة وأن المقترح يأتي في ظل بعض الممارسات الخاطئة والتي أدت للعديد من الجرائم بسبب النقاب، والبعض الآخر رفض المقترح شكلًا وموضوعًا. يذكر أن النائبة غادة عجمي، عضو لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان، ومعها عدد من النواب، تقدمتوا بمشروع قانون لحظر ارتداء أغطية الوجه بالأماكن العامة إلى الدكتور على عبد العال، رئيس المجلس. وفي هذا السياق، قالت الدكتورة آمنة نصير، أستاذة العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر الشريف وعضو مجلس النواب، إن تأيدها لمقترح حظر النقاب بالأماكن العامة يرجع للأذى الذي يتسبب به النقاب لأمن الدولة المصرية في الفترة الأخيرة، قائلة:" النقاب مؤذي للأمن، ويندس تحته العديد من الجرائم". وأكدت "نصير"، أنها متمسكة بتصريحاتها السابقة بشأن أن النقاب ليس من الشريعة الإسلامية وإنما عادة يهودية موروثة، موضحة أن رأي الفقهاء في النقاب عبارة عن اجتهاد بشري يُصيب تارة و يخيب أخري. وأضافت أستاذة العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر الشريف وعضو مجلس النواب، أن كل فقيه متأثر بأفكاره ومعتقداته، وتعدد المذاهب من سمات الأزهر الشريف، لافتة إلى أن لها دلائل من القرآن الكريم أن النقاب ليس فرض ولا واجب وأن حظره لا يخالف الشريعة الإسلامية. وأشارت، إلى أن الآية " وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ" لا تأمر أو تفرض النقاب، قائلة:" لو أرد الله فرض النقاب لفرضه في قول صريح في القرآن الكريم، وهذا لم يحدث". ومن جانبه، رفض الدكتور رفعت عبد الوهاب، أستاذ القانون الدستوري بجامعة الإسكندرية، مشروع قانون حظر ارتداء النقاب بالأماكن العامة، مشيرًا إلى أن التحقق من الشخصية له طرق عديدة، لا تقتصر على حظر النقاب، ويمكن حل المشكلة بمقترحات أخرى. وأكد "عبد الوهاب"، أن هذا المقترح غير قانوني وغير دستوري، ومخالف للعقيدة والأحكام الشرعية، ويعارض الحرية الفكرية والعقائدية للمواطنين، منوهًا على أن التحقق من الشخصية في المصالح الحكومية وغير الحكومية أمر سهل ولا يحتاج إلى ذلك التعقيد، موضحًا أن وثيقة المنتقبة كفيلة أن تثبت شخصيتها، والتحقق من الوجه يتم بطرق مختلفة منها تعيين موظفة نكون مكلفة بهذا الأمر. وأشار أستاذ القانون الدستوري، أن مصر دولة إسلامية لا ينبغي عليها إلغاء أو حظر أي مظهر من مظاهر الدين، ولا يجوز تحت أي ظرف من الظروف عرض مثل هذه المقترحات، نظرًا لمخالفتها لتعاليم الدين والشريعة الإسلامية، مشيرًا إلى أن سن هذا القانون يُسبب العديد من المشكلات، نظرًا لرفض أغلب المواطنين له. وأضاف، أن نائب البرلمان ممثل لكافة فئات الشعب ولذلك يتحتم عليه دراسة مقترحاته قبل عرضها على باقي الأعضاء، حتى لا يتسبب في إثارة الرأي العام، مطالبًا وسائل الإعلام بالتكاتف لمجابهة هذه المقترحات ورفضها، من أجل الحفاظ على أخلاق المجتمع.