الدراسة عرض وتلخيص: سامية فاروق مصر تأرجحت بين شباب ثورى بلا حلول وشباب يحمل حلولًا بلا سياسة الثقافة أهم روافد التنمية المستدامة والحفاظ على التراث الحوار بين الثقافات والحضارات وتحقيق التعايش بين الشعوب إصلاح الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية يتطلب تعميق فكرة المواطنة الشخصية المصرية موضوع بالغ الأهمية، سواء على المستوى الشعبى أو الرسمى للدولة، وتوليه القيادة السياسية جل اهتماماتها وجهدها، وعلى رأس أجندة الاهتمام العام للوطن إيمانًا منها بغد أفضل للشباب بما يحقق التنمية والرخاء للشعب، فى ذات الوقت الذى تتولى فيه مصر قيادة العالم فى حربها ضد الإرهاب والعنف والتطرف بكل أشكاله وصوره، خاصة أن مصر تشهد استضافة منتدى وملتقى شباب العالم للعام الثانى بمدينة شرم الشيخ فى الفترة من 3إلى6 نوفمبر 2018 تحت رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسى. الفقيه المستشار الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجى، نائب رئيس مجلس الدولة، أعد دراسة عن: «المدخل فى فلسفة وفكر القاضى الإدارى تجاه قواعد بناء الشخصية المصرية وإعدادها.. دراسة تحليلية فى ضوء الواقع والمأمول». ونستعرض فى الجزء الأول منها موضوعين أولهما عن «قادة المستقبل والتحديات الإدارية ودور القاضى الإدارى فى حماية الديمقراطية الشبابية من العدوان اللفظى»، وثانيهما عن «الحوار التفاعلى للشباب ومنتدياته وفلسفة التبشير الثقافى بين الشعوب». قادة المستقبل يقول الدكتور محمد خفاجى إن موضوع إعداد وبناء قادة المستقبل من الموضوعات الهامة التى تظهر الحاجة إليها فى المجتمعات المتقدمة، كما تظهر جلية فى المجتمعات النامية التى تريد أن تنهض من عثرتها، وشغل هذا الموضوع كثيرًا من الباحثين فى المجالات القيادية والإدارية، خاصة فى ظل عصر تتسارع فيه المعلومات والتقنيات، فالتحديات الإدارية كثيرة على طريق إعداد قيادات المستقبل، والرأى عندى أن نجاح إعداد وبناء قادة المستقبل يعتمد اعتمادًا جوهريًا على صفات فكرة القيادة فى تلك المجتمعات وهى تقع على نوعين: إما أن تكون قيادة أوتوقراطية أو ديمقراطية. ويضيف «خفاجى»: فى ظل القيادة الديمقراطية التى تنتهجها الدولة الآن مع الشباب التى تهتم بالفكر والرأى وبتنمية المرؤوسين وتعتبرهم شركاء لها فى النجاح والتنمية، فإن تلك القيادة تعمل على خلق بيئة خصبة لنمو قيادات المستقبل من الشباب، وتعتمد فلسفة القيادة الديمقراطية على المشاركة فى صنع القرار، وتقنع بالتدريب والتطوير للآخرين، وترى فى تحقيق الشباب أحلامهم وذواتهم ضرورة لتقدم المجتمعات، فالقيادة الديمقراطية التى ينتهجها القائد الإدارى الناجح تعد لازمة من لوازم عصر تكنولوجيا المعلومات الذى يتطلب المرونة لعملية التغيير واليقظة المستمرة لإدارة الطوارئ والأزمات فيبدأ حصر القيادات الشابة سابقة التأهيل لانتقاء القادة الإداريين الشباب وإلحاقهم بالدورات لتحضير البرامج والمناهج والوسائل التعليمية والتدريبية وتوفير وسائل دعم ومساندة لتدريبهم وإيجاد معايير تقييم نجاحهم ومطابقة النتائج بأهداف تلك البرامج لتعويض نقصان تطوير تلك القيادات من الشباب فيوجد على الدوام صف قيادى ثان يحمل أعباء العمل. ويرى «خفاجى» إن ما تنتهجه الدولة الآن من تطبيق لقواعد القيادات الديمقراطية له آثار عظيمة فى التقدم فيحدث ما يسمى بالتكاثر القيادى النقى الذى يعتمد فى الأصل على تلقيح الأفكار النقية حينما تتلاقى وتتناقش فتصبح عملية صناعة وإعداد القادة للمستقبل، كما لو كانت منبعا لاكتشاف المواهب الشابة فى صورة تدريبية تعليمية يتدربون ويتعلمون فيها لكى يكونوا سندًا قويًا للجهة التى يتبعونها وعمادًا صلبا لتقدم أوطانهم وعونًا مفيدًا لقياداتهم. ويذكر «خفاجى» انه يترتب على انتهاج القيادة الديمقراطية خلق جيل جديد من قادة المستقبل يعتبرون بمثابة الصف الثانى للقيادة فى المجتمع يرتقى بهم ويرتفع، فالقائد الإدارى القوى المؤثر فى مجتمعه هو الذى يستجمع حوله القادة الذين دربهم وعلمهم بفكره على فن القيادة والتاريخ الإسلامى يروى لنا أن الرسول القائد محمد صلى الله عليه وسلم كان حوله قادة ممن قام بتدريبهم أمثال أبى بكر، وعمر، وعثمان، وعلى، وخالد بن الوليد، وسعد بن أبى وقاص وغيرهم رضى الله عنهم أجمعين. عُقم قيادى يقول الدكتور «خفاجى» ان القيادة الأوتوقراطية للشباب فى الماضى والتى سادت العهود السابقة كانت تحاصر الفكر والرأى ولا تسمح بتبادل الآراء ووجهات النظر، وكانت تعتمد على التعليمات والأوامر الموجهة إلى المرؤوسين وعلى تهميش عملية التبادل والتشاور؛ فينشأ المرؤوسون على آلية التنفيذ والتكرار دونما خلق للإبداع والابتكار، وحينئذ لا تنشأ البيئة الخصبة للطموحات والآمال التى تسمح بإفراز قادة جدد على طريق المستقبل فيصبح هؤلاء المرؤوسون محض آلات للتنفيذ فيتعطل نمو تلك المجتمعات، والقيادة الأوتوقراطية يترتب عليها بلا ريب ما يسمى بالعُقم القيادى بين الشباب وغياب الصف الثانى من القيادات البديلة وهى من أهم المخاطر التى تهدد مستقبل المجتمعات العربية. وأثبتت التجارب الماضية مساوئ القيادات الأوتوقراطية التى ينتهجها القائد الإدارى الفاشل وتعتمد على الاستبداد بالرأى، وتقوم فى جوهرها على اختيار أضعف العناصر عديمة القدرة على النقاش الجاد أو الفكر المستنير وأصبحت فى العصر الحديث قيادات بالية، فترى الشباب فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية، وكان أداء الشباب فى الماضى مجرد أداء فلكولورى وعطاء ديكورى وتوجيه صورى. شروط أساسية يقول الدكتور «خفاجى» إذا أردنا الحديث عن الجوانب اللازمة لصناعة وإعداد قادة المستقبل يجب أن تُراعى ثلاثة جوانب أساسية يمكن إجمالها فيما يلى، أولاً-الجانب النفسى: وأعنى به كل ما يتعلق بالصفات الشخصية والسمات الذاتية للأفراد ويجب أن تُراعى فى البرامج التدريبية المقررة فى هذا الشأن، ثانياً- الجانب الفنى: ويقصد به كل ما يتعلق بالمهارات والقدرات الذاتية التى يتمتع بها الأفراد، ثالثاً- الجانب الاجتماعى: ويقصد به كل ما يتعلق بالقدرة الاتصالية السوية المنتجة والفعالة مع النفس ثم مع الآخرين، هذه الجوانب الثلاثة من لوازم صناعة قادة المستقبل التى يجب أن ترتكز عليها برامج إعداد قادة المستقبل، وانه يجب أن تستجمع الجوانب الثلاثة معًا دون نقصان وإغفال حتى لا تظهر قيادات عديمة الفائدة لا أمل فيها تكون آثارها وخيمة على مستقبل الأجيال وتحد من تقدم المجتمع. حماية الديمقراطية وعن دور القاضى الإدارى فى حماية الديمقراطية الشبابية من العدوان اللفظى: يقول الدكتور «خفاجى» إذا أردنا أن نتحدث عن العلم وتأثيره فى مجال الديمقراطية الشبابية وبناء الشخصية فيجب علينا أن نعرض لأكثر القوانين المصرية اتصالًا بالعلم والعلماء ويتمثل ذلك فى قانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972 وفقًا لمادته الأولى التى حددت أهداف الجامعات بخدمة المجتمع والارتقاء به حضاريًا متوخية فى ذلك المساهمة فى رقى الفكر وتقدم العلم وتنمية القيم الإنسانية وتزويد البلاد بالمتخصصين والفنيين والخبراء فى جميع المجالات وإعداد الإنسان المزود بأصول المعرفة وطرائق البحث المتقدمة والقيم الرفيعة ليساهم فى بناء وتدعيم المجتمع وصنع مستقبل الوطن وخدمة الإنسانية، وتعتبر الجامعات بذلك معقلًا للفكر الإنسانى فى أرفع مستوياته ومصدر الاستثمار وتنمية أهم ثروات المجتمع وأغلاها وهى الثروة البشرية، وتهتم الجامعات، كذلك ببعث الحضارة العربية والتراث التاريخى للشعب المصرى وتقاليده الأصيلة ومراعاة المستوى الرفيع للتربية الدينية والخلفية الوطنية. ويضيف نظرًا لأن الدولة انتهجت نهجا جديدا نحو إعلاء قيمة الشباب حقيقة فعلية فى المشاركة وإعدادهم لتحمل المسئولية ، فقد صدر تعديل لأحكام اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات بقرار رئيس الوزراء رقم 2523 لسنة 2017 عن الاتحادات الطلابية، وعرفت المادة الأولى منه التى استبدلت المادة 318 الاتحادات الطلابية بأنها التنظيمات الشرعية التى تعبر عن آراء الطلاب وطموحاتهم بالجامعات والكليات والمعاهد ويمارسون من خلالها كل الأنشطة الطلابية فى إطار من التقاليد والقيم الجامعية الأصيلة وهى التى ترعى مصالحهم وتقوم على تنظيم النشاط الطلابى وكفالة ممارسته وتمثيل الطلاب أمام الجهات المعنية. وحددت اللائحة المتعلقة بالاتحادات الطلابية عناصر بناء الشخصية عن طريق تحديد الأهداف التى تسعى إليها هذه الاتحادات وأهمها: العمل على إعداد كوادر طلابية قادرة على تحمل المسئولية وترسيخ الوعى الوطنى وإعلاء قيمة الانتماء والقيم المجتمعية وتعميق أسس الديمقراطية وحقوق الإنسان والمواطنة لدى الطلاب وصقل مواهب الطلاب وتنمية قدراتهم ومهاراتهم وتوظيفها بما يعود بالفائدة على الطالب ومؤسسته التعليمية والوطن وتنمية وتعميق الأسس والمبادئ الروحية والأخلاقية من خلال العمل بروح الفريق وتيسير ممارسة الطلاب التعبير عن آرائهم بحرية تجاه القضايا المختلفة. وتمثيل الطلاب فى الداخل والخارج والدفاع عن مصالحهم وحقوقهم بما لا يخالف التقاليد والقيم الجامعية وتدعيم العلاقات مع الاتحادات الطلابية داخل الوطن وخارجه طبقًا للإجراءات القانونية المقررة فى هذا الشأن واستخدم المشرع صراحة لفظ الشخصية بقوله دعم شخصية الطالب بما يمكنه من القدرة على التفكير الحر الناضج. ويذكر الدكتور محمد خفاجى أنه حتى تتحقق فكرة الديمقراطية الشبابية فى أبهى صورها كان لزامًا على المشرع أن يحدد بالتفصيل الشروط الواجب توافرها فيمن يرشح نفسه فى انتخابات الاتحادات الطلابية حتى يضمن أفضل العناصر التى ستكون كوادر للمستقبل وحددها بالفعل فى ثمانية شروط هى (أن يكون متمتعا بجنسية جمهورية مصر العربية– أن يكون محمود السيرة وحُسن السمعة– بالنسبة لنظام الانتظام والانتساب الموجه يلزم أن يكون مستجدا فى فرقته الدراسية– وبالنسبة لنظام الساعات المعتمدة أن يكون مستجدا ولم يرسب فى أكثر من مقررين من المقررات التى سجلها فى العام الماضى– أن يكون له نشاط طلابى موثق بالجامعة– ألا يكون قد تمت مجازاته تأديبيًا بالجامعة– ألا يكون قد سبق الحكم عليه بعقوبة جناية أو بعقوبة مقيدة للحرية فى جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة ما لم يكن رد إليه اعتباره– وأهم هذه الشروط على الإطلاق استحداث المشُرِع اشتراط ألا يكون المترشح منتميًا إلى أى تنظيم أو كيان أو جماعة إرهابية مؤسسة على خلاف القانون). ويوضح «خفاجي» أن القاضى الإدارى ساهم فى حماية المجتمع والشخصية المصرية من الانخراط فى هاوية العنف والتطرف حتى لو كان لفظيًا وكان من إبداعات القاضى الإدارى أن حدد مفهومًا جديدا للعنف ولو فى صورة هتاف لحماية مقدرات الدولة وأجهزتها ، فقد أصدرت محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية الدائرة الأولى بالبحيرة برئاستنا فى أوقات عصيبة كانت تمر بها مصر بعد ثورة 30 يونيه 2013 وتحديدا فى أكتوبر 2015 بتأييد عدة قرارات صادرة من جامعة الأزهر بفصل العديد من الطلاب المنتمين إلى جماعات إرهابية من الجامعة بسبب ما قاموا به من هتافات وعبارات مسيئة للشرطة والجيش والإشكالية التى واجهت القاضى الإدارى أن عقوبة الفصل كانت مقررة فقط لمن يستخدم العنف، وابتكر القاضى الإدارى مفهومًا جديدًا للعنف المعنوى فذهب إلى أن العنف قد يكون ماديًا أو معنويًا عن طريق التحريض، فمثل تلك الهتافات تعد فى حقيقتها تحريضًا على العنف فليس بلازم أن يكون العنف جريمة تامة الوقوع، بل يكفى أن يساهم فيها ولو بالمشاركة عن طريق التحريض وهو ما أدى إلى حدوث الانضباط داخل أروقة الجامعة. ويستطرد الدكتور محمد خفاجى: عقب ثورتين متتاليتين للشعب المصرى فى 25 يناير 2011 و30 يونيه 2013 ضد نظامين سياسيين مختلفين لقوى الظلم والفساد والاستبداد وكان الشباب هو العنصر الغالب فيها على نحو ما أوضحته وثيقة الدستور المعدل الصادر فى 18 يناير 2014 وما تبعهما من أحداث أدت إلى قيام قوى الثورة المضادة المعروفة فى علم الثورات باستغلال طاقات بعض الشباب فى أحداث التخريب والتحريض على العنف بكل صوره أو استخدام القوة داخل الجامعات خاصة جامعة الأزهر الشريف مما ترتب عليه نتائج ضارة بالعملية التعليمية وتعريض حياة الطلاب والاساتذة للخطر وتعطيل عجلة التقدم والانتاج، وأصبحت الجامعات نتيجة تأثيرات الفاشية الدينية ساحة للاقتتال، لذا بادر رئيس الجمهورية بإصدار قرار جمهورى بقصد حماية المجتمع الجامعى من مظاهر العنف والتخريب وسعيًا لتحقيق الاستقرار لمناخ التعليم ومنح بمقتضاه لرئيس جامعة الازهر أن يوقع عقوبة الفصل من الجامعة على كل طالب يرتكب أو يسهم فى ارتكاب ممارسة أعمال تخريبية تضر بالعملية التعليمية أو بالمنشآت الجامعية أو تعرض أي منهما للخطر أو إدخال أسلحة أو ذخائر أو مفرقعات أو أية أدوات من شأنها أن تستعمل فى إثارة الشغب أو التخريب أو إتيان ما يؤدى إلى تعطيل الدراسة أو منع أداء الامتحانات أو تحريض الطلاب على العنف أو استخدام القوة. ويمضى قائلًا على الرغم من أن المشرع لم يحدد مفهوم التحريض على العنف، إلا أنه كوسيلة من وسائل المساهمة يعد عملًا إرادياً، ومن ثم يتسع مفهوم التحريض على العنف ليشمل الأفعال والأقوال، وعلى هذا النحو يمكن أن يكون التحريض على العنف جسديًا أو لفظيًا وفى هذه الحالة الأخيرة تمثل الأقوال تشجيعًا على العنف لدى الغير وتتمثل كذلك عندما تبلغ تلك الأقوال حدا يصل إلى مهاجمة مؤسسات الدولة كالجيش والشرطة والقيادة العليا للدولة فحينئذ تغيب فى تلك الحالة فكرة المطالبة بالحقوق المشروعة ليحل محلها التحريض على العنف بالوسائل اللفظية التى تصل إلى حد العصيان لفكرة الدولة والتصرف الهمجى والتمرد الفج الذى يؤدى إلى الفوضى فى المجتمع الجامعى والذى ينعكس أثره على تشجيع الغير فينهار المجتمع ويهوى إلى الهلاك ولخطورة تلك الآثار على أمن المجتمع واستقراره منح المشرع لرئيس الجامعة السلطة فى بتر الطالب من الحياة الجامعية حفاظًا على بقاء المجتمع الجامعى. نوعان من الشباب وصول تأرجح مصر بين نوعين من الشباب «شباب ثورى سياسى بلا حلول وشباب يحمل حلولًا بلا سياسة أو ثورة» يقول «خفاجى» إن الدولة تنتهج نهجا جديدا تضع فيه مبدأ الديمقراطية الشبابية موضع الاهتمام فلم تعد الديمقراطية مجرد شعار بل أضحت قاطرة للتنمية والتقدم يقودها الشباب، ذلك أن مصر تأرجحت بين نوعين من الشباب الأول: شباب ثورى سياسى بلا حلول، والثانى شباب يحمل حلولًا بلا سياسة أو ثورة، ومصر تحتاج إلى هذا الصنف الأخير، تحتاج إلى الشباب الذى يملك الحلول لمواجهة مشكلات المجتمع والتحديات الجسام لترتقى بهم مصر نحو الأمل والمستقبل. يضيف: الشخصية المصرية تعتمد فى الأصل على الثقافة والثقافة روح الأمة وعنوان هويتها، وهى من الركائز الأساسية فى بناء الأمم ونهوضها، فلكل أمة ثقافة تستمدّ منها عناصرها ومقوماتها وخصائصها وتصطبغ بصبغتها فتنسب إليها بما تحمله من صقل النفس والمنطق والفطنة والعدالة والأخلاق والقيم الموروثة، ويهتم التبادل الثقافى بين شباب العالم بالحوار بين المجتمعات والثقافات التى ينتمون إليها وهى تقوم على دعم الاحترام المتبادل بين الثقافات المختلفة وتقوية معرفة كل جانب بالجانب الآخر، وعلى سبيل المثال لا الحصر اكتسب الحوار فى العصر الحديث بين العالم الإسلامى والعالم الغربى فى السنوات الأخيرة أهمية كبرى على المستوى السياسى، وأصبح يوازى فى أهميته أهمية القضايا الاقتصادية والأمنية التى تواجه الشعوب وتخلق المنتديات الحوارية التى انتهجتها القيادة السياسية فى الدولة المصرية جوًا من الانفتاح وتبادل المعلومات وتعميق معرفة كل طرف بالآخر وإزالة الأفكار المسبقة والصور العدائية المتبادلة وتشجيع مناقشة النزاعات على مستوى عام. وتوثيق العلاقات مع الشعوب الصديقة من خلال تبادل الثقافة والمعرفة، ولا يمكن إغفال أن الثقافة رافد من روافد التنمية، والمنتديات فرصة سانحة لكشف دور الثقافة والفن فى التنمية المستدامة والحفاظ على التراث، فقضية التبادل الثقافى أو التنوع الثقافى متجددة بطبيعتها، فعلى سبيل المثال توجد فروق بين كل من الثقافة الإسلامية والثقافة الغربية والثقافة اليابانية والثقافة الإفريقية، فيأتى التبادل الثقافى ليتم التعارف بين الشعوب وتبادل المعرفة والخبرات والتجارب الثقافية سواء على المستوى الرسمى فى الدولة أو المستوى الشعبى، وبالتالى فإن الحوار التفاعلى للشباب ومنتدياته يقوم على فلسفة التبشير الثقافى بين الشعوب. المصارحة الثقافية وحول روح المصارحة الثقافية وتبنى نظرية السلوك الشعبى: يقول «خفاجى» إن المنتديات لها دلالتها فى العصر الحديث على الرقى الفكرى والأدبى والاجتماعى للأفراد والجماعات، والثقافة بهذه المثابة ليست مجموعة من الأفكار فحسب، ولكنها نظرية فى السلوك الشعبى بما يرسم طريق الحياة بصفة عامة، ويبين الطابع العام لشعب من الشعوب، وتعتمد فى المقام الأول على مجموعة من العقائد والقيم والمبادئ والمثل العليا والفنون والأخلاق والقوانين والعادات، ويمكننا القول انه بفضل الصداقة الدولية أضحى بإمكان الشباب الاستفادة من التنوع والتبادل الثقافى والإسهام بعملهم فى المحافظة عليه للأجيال القادمة، فجميع الثقافات ثقافات خلاقة ودينامية وليست استاتيكية، وكل واحدة منها تبقى فريدة من نوعها وغير قابلة للاستبدال أو الإحلال، وإذا اُهملت حضارة أى دولة خلال جيل واحد فقد تتعرض للضياع فى الأجيال اللاحقة فمن ثم يجب أن تتفتح جميع الثقافات على بعضها البعض كى تحافظ كل أمة على تنوعها الثقافى، ويضيف: يجب علينا أن نشير إلى أن الدول الأعضاء فى اليونسكو تبنت بالإجماع عام 2001 الإعلان العالمى لليونسكو حول التنوع الثقافى، وهو من المبادئ الرائدة من أجل التأسيس لمجتمع أكثر سلمًا وأكثر عدالة يقوم على الاحترام المتبادل والتسامح، ذلك أن التنوع الثقافى فى حقيقته وجوهره لا يجب النظر إليه كمجرد واقعة مادية محسوسة وملموسة وإنما كمنبع للابتكار والإبداع والتبادل وهو ما يشكل فى نهايته القوة الأساسية للإنسانية. ضرورة حتمية وحول أهمية الثقافة كضرورة حياتية ومعرفية، يقول «خفاجى» إن الثقافة لا تعد ترفًا من القول، بل هى ضرورة حياتية ومعرفية، حيث يلعب التبادل الثقافى دورًا محوريًا فى التقريب بين الشعوب بصورة عامة وتوثيق العلاقات بين العالمين العربى والغربى بصورة خاصة، لذا فإن تحديد أنشطة وبرامج وطنية للنهوض بالثقافة المصرية من شأنه أن يؤدى إلى التنمية البشرية ومخطئ من يظن أن الجانب الثقافى قاصر فحسب على وزارة الثقافة بل هى مسئولية مجتمعية مشتركة تعمل فيه كافة المؤسسات الحكومية والمنظمات غير الحكومية من أجل إبراز كل مكونات الشخصية المصرية وتوظيفها فى التنمية الاجتماعية والثقافية والاقتصادية فاختصاص وزارة الثقافة له مفهوم ضيق فيما يتعلق ببناء الشخصية المصرية ويبقى الاختصاص بمفهومه الواسع لكل مؤسسات الدولة كل من زاويته لوضع لبنة فى هذا البناء، فيجب تحفيز الشباب المبدع فى كل المجالات حتى تتحقق الثقافة الديمقراطية وهى الضمان على تنمية قدرات المصريين وتعميق فكرة المواطنة للنهوض بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وإقامة تكافؤ الفرص بين كل أبناء الشعب المصرى فى مجالات أساسية مثل التعليم والعدل والاقتصاد حتى تحقق الثقافة أهدافها نحو جماليات الحياة وتنوعها دون النيل من كينونة الآخر. يختتم الدكتور «خفاجي» بأن الثقافة والهوية صنوان لا يفترقان، فلا هوية لمن لا ثقافة له، ولا مستقبل لمجتمع انزوى وانفصل عن هويته الثقافية، لذا فإن منتديات الحوار بين شباب العالم التى يتبناها الرئيس «السيسى» تساهم فى بث الروح بين الثقافات والحضارات من أجل التعايش السلمى بين الشعوب ويرتبط التنوع الثقافى على أرض مصر ارتباط الجذور بالهوية الوطنية، وقد أدركت الدولة المصرية أن التنوع الثقافى من الموضوعات التى تحتاج إلى المعالجة بقدر كبير من الإدراك والفهم والوعى لعمق التنوع الثقافى وجوهره الثمين فى تقدم البشرية، لذا فإن تلك الحوارات الجادة الهادفة تكفل للشعوب الحفاظ على هويتها الثقافية، بما يستتبعه ذلك من احترام القيم الحضارية للأمم.