«انتوا هتعملوا إيه فيا حرام عليكم خدوا كل اللى عايزينه وسيبونى أعيش دا أنا صاحبكم».. توقفت حركة لسان "شمس" بعد هذه الكلمات قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة على يد أحد أصدقائه طمعاً فى التوك توك الذى كان يعمل عليه ليكسب قوت يومه، بعد أن خطط صديقه "كريم" واثنان آخران للاستيلاء عليه للإنفاق على شراء المواد المخدرة، وإلقاء جثته بإحدى الترع القريبة من بلدتهم، بعد أن نزع الله الرحمة من قلوب هؤلاء الشياطين الثلاثة. نشأ "شمس" فى أسرة فقيرة الحال بمدينة قليوب، لم يستسلم لحالة أسرته الاجتماعية وأخذ ينحت فى الصخر من أجل توفير حياة كريمة لأسرته الصغيرة، وظل محافظاً على تعليمه وعمله، سائقاً على «توك توك» حتى وصل "شمس" إلى المرحلة الثانوية. كان ل"شمس" بعض أصدقاء السوء ولكن بدأ يبتعد عنهم شيئا فشيئا، إلى أن قطع صلته بهم وكان من ضمن هؤلاء «كريم» وكان يعمل أيضاً سائقاً على توك توك، ولكنه كان يتعاطى المخدرات، وكان من الذى ابتعد عنهم الضحية لسوء أخلاقه، وصل شمس إلى الصف الثانى الثانوى، وفى هذه الأوقات كان يمر كريم بأسوأ الظروف فى حياته بعدما طرده صاحب التوك توك الذى كان يعمل عليه لكثرة تعاطيه للمواد المخدرة، جلس المتهم ينظر إلى حاله بعدما أصبح بدون عمل أو دخل، وعدم قدرته على شراء المخدرات التى يتعاطاها. تذكر صديقه القديم "شمس" الذى كانت تربطهما علاقة صداقة قوية.. «دا كان صاحبى بس هو بعد عنى علشان أنا وحش وهو دلوقت معاه فلوس كتير وكمان لسه محافظ على تعليمه وأنا قاعد من غير فلوس».. أخذ الشيطان يلقى بشباكه على المتهم، وخطط كريم لكيفية الانتقام من صديقه لأنه مجتهد وهو ما زال فاسداً، هكذا سولت له نفسه المريضة التى ملأها بالحقد والغل تجاه صديقه الذى أراد أن يعيش حياة كريمة. وضع كريم خطته وقرر أن يحصل على ما يملكه صديقه حتى يستطيع شراء المخدرات واصطحب معه اثنين من أصدقاء السوء، ليستدرجوه ويسلبوه أمواله فهم بحاجة إلى النقود من أجل الكيف، وضع المتهمون الخطة التى مُلئت بالخيانة والغدر، اتصل الذئب بصديقه وطلب منه أن يقابله بالتوك توك ليقوم بتوصيله وأصدقائه لمنطقة تسمى «سنديون» لقضاء بعض الأشياء الخاصة بهم وكان يبيت للضحية الانتقام والقتل. الساعة تشير إلى السادسة مساء حضر المجنى عليه لصديقه بنقاء قلب ملىء بالطيبة ليخدمه، فما زال يتذكر أنه كان ذات يوم صديقاً له، استقل المتهم وبصحبته الذئبان الآخران مركبة "شمس" وكان يقودها، وببراعة تمثيل فائقة استقبل الذئب الضحية وكان على وضعه الطبيعى، تحرك شمس بالتوك توك، وفجأة طلب منه صاحبه التوقف في هذا المكان، مدعياً أنه سيقابل شخصاً بجوار ترعة الشرقاوية. توقف التوك توك وبسرعة نزل الذئاب وأمسكوا بالضحية، "شمس" ينظر إليهم: ماذا تفعلون؟، الذئاب ينظرون له بكل غل وحقد، قيده صاحبه وانهال عليه الآخر بيد خائنة وبوجه بائس وبعقل عن الحاضر غائب، الضحية «فيه إيه يا كريم أنا عملت لك إيه حرام عليك سيبنى أروح لأهلى أنا ماعملتش معاك حاجة وحشة قبل كده»، وبكل برود يرد عليه قائلا: «أنا هموتك وهاخد فلوسك علشان ماتبقاش أحسن منى وماتكملش تعليمك وكمان أنا عايز فلوس علشان أجيب لى وللرجالة مخدرات انت مش أحسن منى فى حاجة». بدأ القاتل فى خنق شمس بجلبابه الذى كان يرتديه بعدما تمكن وصديقاه من خلع الجلباب من على جسده النحيل وأخذ يخنق شمس بواسطة هذا الجلباب، وبصوت مكتوم وبدموع منهمرة على الوجه من كثرة العذاب والألم أخذ يرجوه.. «حرام عليك دا أنا صاحبك ارحمنى وخد اللى انت عايزه بس سيبنى عايش لأبويا وأمى.. أنا مش هقول لحد إنك أخذت التوك توك منى حرام عليك». لم تشفع دموع الموت ل«شمس» لدى الخائن ولم ينتفض قلبه من بشاعة المشهد الذى لا يتحمله إنسان، نعم تحول الصديق لذئب بشرى ينهش كل شىء أمامه، لفظ الضحية أنفاسه الأخيرة مقيداً أسفل الذئاب الثلاثة، مات ولم تنته خطة المتهمين واستكملوا عملهم الإجرامى، فألقوا الجثة فى ترعة الشرقاوية مخنوقاً، لكى لا ينفضح أمرهم، ولكن ربك بالمرصاد. قسم الذئاب غنيمتهم بعدما تولى أحدهم أمر بيعه، فكان نصيب كل فرد ألف جنيه فقط حصيلة بيع الهاتف والتوك توك، نعم باع الصاحب صاحبه بثمن رخيص جداً لا يساوى موقفاً من مواقفه تجاه المتهم. وفى النهاية وقف القتلة الثلاثة مطأطئى الرؤوس أمام رجال التحقيق.. لم يستطيعوا أن يبرروا بشاعة ما فعلوا بالبرىء الذى يسعى على رزقه لينفق على أسرته، ولكن الكلمات التى خرجت منهم «المخدرات تفعل أى شىء».