أجرت الحوار: دينا دياب قدمنا لأعدائنا على طبق من ذهب أكثر مما تمنوا أمريكا أعدمت «صدام» لأنه قتل 100 ألف عراقى لكنها قتلت 4 ملايين منهم 6 آلاف عالم الصهاينة صنعوا «الدواعش» الفقر «مش عيب».. لكن الأزمة فى أن نكون شعباً خاملاً «قررت أن أصرف كل فلوسى على الفن قبل ما أموت» جملة فاجأنى بها الفنان الكبير محمد صبحى عندما سألته عن مشروع عمره، «صبحى» قرر أن يعيش حياته من أجل حلم «مشروع عمر» يتركه إرثًا لأولاده -جيل ونيس- ولبلده، مشروع مدينة سنبل الذى حقق فيه صبحى ما تمنى أن يحققه، مدينة فنية متكاملة، مدرسة لتخريج الممثلين، مسرح محترم يجبر الجمهور أن يذهب إليه، ليشاهد رسالة محترمة بشكل مبهر ووجوه جديدة مدربة جيداً على الأداء الراقى. بدأ الفنان القدير التجهيز لعرض مسرحيته الجديدة «خيبتنا»، التى يتم افتتاحها يوم 4 أكتوبر القادم فكرة تطوى موضوعاً سياسياً اجتماعياً فنياً هدفه الأساسى «بناء الإنسان» وهى الرسالة التى تبناها صبحى منذ بداياته الفنية، وظهرت فى أجزاء مسلسل «عائلة ونيس» وما زال يكملها فى كل أعماله.. حاورته عن رؤيته فى المسرح وحلمه الذى يسعى لاستكماله ليفتخر به كتكليل لمشواره الفنى... فى البداية سألته.. ما الرسالة التى أردت أن تخرج للنور من خلال «خيبتنا»؟ - المسرحية هى لحظة تفكير، فى المؤامرة الخارجية التى يتعرض لها وطننا، ورغم رفض البعض لما يسمى ب«نظرية المؤامرة»، لكننى مؤمن تماماً بهذه النظرية فالمشكلة ليست فى العدو، الذى يترصد لنا، لكن الأزمة فينا «نحن نقدم لأعدائنا على طبق من دهب أكثر مما يتمنون» نحن نعطيه أغنية فاسدة وفن فاسد وإعلام كاذب، وهم لم يرهقوا أنفسهم فى إفسادنا، وهذا أردت أن أوصله للجمهور، عدوى يتعامل معى باحتقار وتفاهة لأننى أفسد نفسى وأقهر نفسى، فلا يحتاج إلى مجهود لكى يسقطنى، وهذا ما أردت أن أعبر عنه، ولذلك سميتها «خيبتنا». مسرحية «خيبتنا» لها حدوتة فى حياة محمد صبحى الفنية والشخصية.. فلماذا تأخر عرضها كل هذه السنوات؟ - كتبت هذه المسرحية عام 2004، وتنبأت فيها بما سيحدث فى المنطقة العربية وفى العالم وعرضت فيها الأحداث التى مرت بها مصر والمنطقة العربية فى ثورات الربيع العربى قبل قيامها، لكن وقت كتابتها شغلنى عملى فى تقديم المسلسلات فلم أقدمها، وفى مارس 2011، أجريت بروفات وكنت أنوى تقديمها فى ذلك الحين، لكن مع قيام الثورة كان من الصعب أن نقدم مسرحاً بسبب ظروف الأمن وقتها. وهل عرضها الآن يعتبر رصداً لكل ما حدث؟ - كنت أتمنى أن أقدم هذه المسرحية قبل قيام ثورات الربيع العربى، كانت قيمتها ستكون أكبر بكثير، فمثلما تنبأت فى مسرحية «ماما أمريكا» ومسلسل «فارس بلا جواد» بضياع العراق، تنبأت فى «خيبتنا» بالعدو الذى يترصد للعرب، وحصلت على موافقة الرقابة عام 2007، ولن يصدق الجمهور عند مشاهدتها أن السيناريو مكتوب قبل قيام الثورة. ماذا أثارك لكتابة هذه المسرحية؟ - كتبت الرواية المسرحية بعد غزو العراق وإعدام صدام حسين، استفزتنى قضية أن الشعوب المجاورة للعراق، لو رأت أن العراق أصبح شيئاً «عبقرياً» بعد إعدام صدام حسين، «يبقى إحنا كلنا نروح للأمريكان، لو هيدوسوا حتى على رقابنا»، صدام حسين أعدمته أمريكا لأنه قتل 100 ألف عراقى، لكنها قتلت 4 ملايين عراقى بقسوة، ومن بينهم 6 آلاف عالم عراقى نووى، قتلوا جميعاً فى أول أسبوع بعد غزو العراق، وكنت أرى الوطن العربى، وما سيحدث له خلال الفترة المقبلة، وتوقعت عدداً من الدول تحديداً هى العراق وسوريا واليمن وليبيا، لكن لم أتخيل أن تحدث ثورة فى مصر أو تونس، والآن لا يوجد مفر داخل أوطاننا، اكتشفت أن مشروع العالم وقتها كيف يفكر العدو أن يصل بأن يجعل العالم العربى «يقتلوا بعض» و«يصنعوا حروبهم بين بعضهم»، ويتدخلوا هم بحجة البحث عن السلام، فتخيلت أن ذلك ما سيحدث وبالفعل هذا هو المخطط الذى يسير عليه العالم الآن. فى الوضع الراهن الجميع يحارب الإرهاب.. هل ترى أن «خيبتنا» مرتبطة بالإرهاب؟ - بالطبع، الأمريكان والصهاينة هم من صنعوا «الدواعش» والمنظمات الإرهابية، هم من صنعوا جيشاً باسم الإسلام هدفهم القتل والذبح، لكن هناك أزمة أهم من قضية الإرهاب قصدت أن أؤكدها فى العرض، وفى حياتى الفنية بشكل عام، وهو «كيفية بناء الإنسان»، من الممكن أن نبنى مدناً أو كبارىن لكن الأهم أن نبنى إنساناً يحافظ على كل هذا الجمال، المصرى يحرق المجمع العلمى ويرفع شعار تحيا مصر، من يميت شقيقه فى ليبيا واليمن يقول إننا نحارب أمريكا وإسرائيل، هنا نحتاج بناء الإنسان لأنه الطريقة الأسرع فى مهاجمة الإرهاب، مشكلتنا العربية هى مشكلة العقل، لا يهمنى أن نكون شعباً فقيراً، لكن الأزمة أن نكون شعباً خاملاً أقل ذكاء. هل الأزمة فى المسئولين؟ - إذا كان المسئولون فيهم من هم دون الحكمة، حتى لو كانوا شياطين، فالشعب فيه الحرامى والنصاب، ما أريد توضيحه إن المسئولين الموجودين ليسوا من دولة أخرى واستعنا بهم ليحكمونا، فهم من مصر، نحن من انتخبناهم وأحضرناهم فى هذا الوقت. فى رأيك ما الحل؟ - الأزمة التى يواجهها العرب دائماً أنهم لا يهتمون أبداً ببناء الإنسان، لكنهم يهتمون ببناء البحيرات والمعمار، لا يعرفون أن بناء الإنسان أصعب من كل ذلك، مقولة إن الانفلات الأخلاقى ظهر بعد 25 يناير غير حقيقية، ما حدث أن هناك مخزوناً لكن كان هناك عصا، ونحن لن نسمح مرة أخرى أن تتواجد العصا، لكننا نريد بديلاً، الناس لا بد أن يتم تربيتها علمياً وصحياً وأخلاقياً وسلوكياً ومعيشياً، ظلت وزارة التربية والتعليم تكتب على كتبها «العقل السليم فى الجسم السليم، وللاسف لا يوجد جسم سليم، شكل أطفالنا يؤكد أنه لن يخرج شباب ذات قيمه مضافه، إذا كان الشباب هم طاقة المجتمع فنحن نرى أجسادهم هزيلة، نحن لا نملك «باترون» نموذج» للمواطن المصرى، كل شعب له نموذج على سبيل المثال الشعب اليابابى إذا ابتعد عن العمل يموت، فمن أجل عمل باترون حقيقى لا بد أن نركز على «التربية التعليم والفن وعلماء الدين» لا بد أن يترابطوا لعمل باترون للطفل من سن 4 سنوات، وأن يتم وضع خطه لتربية أطفالنا ليخرج جيلا نقول عليه شاب يزيد طاقة. وما دور باقى أجهزة الدولة والمتواجدين بجانب المثقفين؟ - الأزمة أننا «نحدد عنوان» ونتحدث فيه، لا يمكن اليوم أن نركز مع الشباب ونهمل الكبار ستكون النتيجة سلبية، نحن نريد وضع خطة، يعلم الجميع أن المعلم الفاسد بلا أخلاق وبلا علم سيخرج جيل فاسد، السياسى الفاسد سيصنع مواطن بلا إرادة، الاقتصادى سيخرج نسب فاشلة فى الواقع المادى، الفنان عندما يقدم فيلم سافل، فهو يخرج أجيال مثله، وقلت للرئيس السيسى «إننا يمكن أن نقيم تعليما عظيما لكن الفن يهدمه»، للأسف نحن نستنسخ من أنفسنا، لكن إذا كل شخص نظر لنفسه كقدوه ستحيا مصر بشكل محترم، لا بد أن يكون الجميع مترابط الفن يبنى على التعليم، والصحة والتربية، لا يمكن أن نقدم مسرحية فيها نماذج استهزاء بالمدرس وغيرها. كفنان ومثقف.. كيف يكون الفن جانباً لجنب فى هذا الترابط؟ - يجب أن نستعمل حريتنا دون فوضى وقلة أدب، نحتاج علماً وعقلاً، العقل حتى يتم بناؤه، نجد الدولة مسئولة عنه مع المواطن، على الجميع أن يكملوا بعضاً إذا بنينا شعباً قوياً لن يكون هناك مشكلة مع رئيس أو مسئولين، من الجيد أن يكون هناك شعب يقوم بثورة لكن الكارثة أن نقيم ثورة ولا نستطيع أن نحكم، فهناك عدو بعيد ينتظر رفات البلد، إذا كان لدينا احتجاج لا ندمر البلد، الإنسان عليه أن يفكر قبل أن يحتج ما إمكانياته. هل من أجل ذلك قررت تقديم مشروع المسرح الجميع؟ - بدأت مشروع المسرح للجميع بمسرحية «لعبة الست» وعرضتها 4 شهور وبعدها «كارمن» و«سكة السلامة»، وبعدها مسرحية «غزل البنات» وحققت نجاحاً لمدة 7 شهور، واستكمل بمسرحية «خيبتنا» والمقرر أن أعرضها شهرين، ثم يتم التبادل بينها وبين غزل البنات. كيف جاءت فكرة توفير وسائل انتقال من ميدان لبنان وطريق مصر-إسكندرية الصحراوى للمسرح؟ - لم تكن موجودة فى بداية المشروع، والبطل هنا كان الجمهور الذى ساعدنى على إنجاح المشروع، فالعروض يوميا كانت كاملة العدد دون دعاية فى التليفزيون، وهذا مكسب حقيقى أن يأتينى كل هذا الجمهور لمشاهدة عرض ويبذل مجهوداً فى المشوار، ولكنى فكرت فكرة لتطوير المشروع أن أوفر للمشاهد الأوتوبيس ويدفع تذكرة 20 جنيهاً ذهاباً وإياباً، وأنا أتحمل تكلفة باقى المصاريف. «مدينة سنبل» كانت حلماً مليئاً بالمشاكل فى دخول المرافق، ثم المواصلات.. كيف ستتحمل كل هذه الأعباء المالية مع المواصلات أيضاً؟ - كسبت من الفن الكثير، لم أفتح مطعماً أو مشروعاً تجارياً، لكنى قررت صناعة مدينة للمسرح والثقافة والفنون، أعطانى الله كل ما أريد من أسرة وأحفاد، واحتياجاتى الآن قليلة فى الحياة، فقررت حتى رحيلى أن أصرف على الفن كل أموالى لتحقيق حلم عمرى. استوديو الممثل مشروع كبير.. فى رأيك هل اكتمل؟ - أعتز كثيراً بتجربة صعود جيل جديد من «استوديو الممثل»، الذى بدأته فى السبعينات من القرن الماضى، توفى الكثيرون من فريقى، مثل يوسف داود وسعاد نصر، ومحمود أبوزيد وآخرين، وقررت أن أستكمل هذا المشوار حتى وفاتى لكى أخرج فنانين بحق مميزين. مشروعك القادم فى المسرح للجميع «نجوم الضهر».. حدثنا عنه؟ - أحداثها تقول إننا لدينا اعتقاداً خاطئاً أن النجوم ليست موجودة فى النهار، لكن الحقيقة أنها متواجدة فى مكانها، لكن بسبب وجود شمس ساطعة قوية لا تجعلنا نشاهد هذه النجوم، نحن نقول إن الشموس التى تخفى طاقات الشباب يجب أن تختفى حتى تظهر النجوم، المسرحية فيها 60 ممثلاً من الوجوه الجديدة من الشباب، يشارك فيها خريجو استوديو الممثل الذين تخرجوا فى هذه الدفعة مع الفرقة المسرحية الأصلية، وهو عرض مبهر موسيقى راقص وأتمنى أن يعجب الجمهور وهدفه أيضًا الشباب. وإلى أين وصل مشروع العشوائيات؟ - منذ بداية الثورة رفعنا شعار «بناء البشر قبل الحجر»، الأسرة التى سأنقلها فى بيت جميل، لا بد أن أجعلها أسرة سليمة حتى تستطيع أن تحافظ على جمال المكان التى تعيش فيه، حل أزمة العشوائيات لن يكون فى نقل الناس إلى أماكن مختلفة، لكن الناس هم العشوائيات، والدوله اتجهت هذا العام لرفع شعار بناء الإنسان، وهذه البداية فى كل أعمالى الماضية، وعلينا مع الدولة أن نستكمل هذا الشعار. وفاة الفنان جميل راتب صدمة قصمت ظهرى أسوأ خبر جاء لى بعد وفاة زوجتى «نيفين»، هكذا العظماء يرحلون، فى شهر يرحل أبى الروحى، جميل راتبن وأستاذنا سمير خفاجى.