كتبت_ سمية عبدالمنعم: دائما ما يضمن كتاباته تأملا عميقا فى معنى الحياة والموت والله، لتصير حروفه كنسمة حانية تلفح الروح في ليلة صيف قاسية. يقول عنه جو جوناس «إنه يُدخل بعض الاستقرار إلى رحلتنا الجامحة فى الحياة». أعجب بحرفه كثير من المشاهير أمثال بيل كلينتون وجوليا روبرتس و ويل سميث حتى مادونا. إنه الروائي البرازيلي الأشهر باولو كويلو، الذي حانت أمس 24 أغسطس ذكرى ميلاده . وبتلك المناسبة ننشر ما ورد في لقاء باولو بالكاتب العالمي نجيب محفوظ أثناء زيارة الاول لمصر عام 2005 ، وذلك حسب ما ورد بمقال لمحمد سلماوي نُشر على موقع «Unionsverlag»: نظر محفوظ لكويلو بتمعن وقال : «لقد نمت لحيتك مثلي»، فرد كويلو: «بل إنها رمادية مثل لحيتك تمامًا»، وضحك الرجلان وجميع الحاضرين ليذوب الجليد بينهما في الدقائق الأولى من اللقاء. قال له كويلو: «عندما قرأت رواياتك وجدت نفسي أستسلم لها بدون أدنى مقاومة، بينما أجد نفسي في أوقات أخرى أقاوم بعض الكتب»، ليرد عليه محفوظ مجاملًا: «وأنت غزوت العالم بأعمالك دون أدنى مقاومة أيضًا، فقد تُرجمت رواياتك لأكثر من 56 لغة وباعت أكثر من 60 مليون نسخة، وهذا بالتأكيد يعني استسلام القراء»، ليقاطعه باولو: «ولكنك حصلت على جائزة نوبل بينما لم أحصل أنا عليها». قال له محفوظ بلهجة أكثر جدية: «أشعر بأنك أيضًا سوف يتم منحك تلك الجائزة، فجميع المعايير تنطبق عليك - والأهم من ذلك، في المقام الأول أن الأدب الخاص بك هو الإنسان، بل وكتاباتك تدعم قيم المحبة والسلام بين الشعوب، وثانيًا، أنها تحظى بشعبية بما فيه الكفاية». فابتسم كويلو بتقدير لإشادة محفوظ وقال مازحًا: «سوف أنقل وجهة نظرك للجنة الجائزة، باعتبارها ترشحا رسميا»، وتابع: «هناك قاعدة تنص على أن الفائز بالجائزة يمكنه ترشيح غيره من الكتاب». وقال محفوظ: «اعتدت على تلقي بريد إلكتروني كل عام من لجنة المسابقة، عما إذا كنت أرغب في ترشيح أي شخص للجائزة، ولعدة سنوات لم أرشح أحدًا، فتوقفوا عن إرسال الرسائل». لماذا إذن لم ترشح أحدا؟ سأله كويلو، فأجاب محفوظ: «أعتقد أن هذه الجائزة يجب ألا تعتمد على الأهواء الشخصية، لذلك فمن الأفضل ترك هذه المهمة للمؤسسات العامة القادرة على تقديم ترشيحاتها». وجاء سؤال مفاجئ لكويلو من أحد الحاضرين: «قلت لي إنك قرأت كل روايات محفوظ المترجمة للبرتغالية، في رأيك ما هي القواسم المشتركة بينكما؟»، ليرد قائلا: «نحن على حد سواء نعطي الأولوية لبناء الجسور الإنسانية بين الناس، فتركيزنا الأول والأخير على الإنسان فضلًا عن الأفكار المجردة والمذاهب والأيديولوجيات»، وتابع كويلو: «على سبيل المثال فعند زيارتي لأي بلد، إذا خيروني بين زيارة متحف أو مقهى، سأختار المقهى بدون أي تفكير». المقهى كان له طابع خاص وأهمية كبيرة لدى نجيب محفوظ أيضًا، ولم يشتر سيارة طوال حياته، بل فضّل السير وسط الناس في شوارع القاهرة المختلفة، أكثر من إرتياد سيارة. وأجاب محفوظ عن نفس السؤال الأخير الذي وجهه ضيفه إلى كويلو قائلًا: «للأسف لم أعد أقرأ في هذا العمر، ولكن لي صديق يمتهن الطب، قد قرأ لي رواية الخيميائي بالتفصيل، وما أثار اهتمامي هو بحث البطل عن الكنز طوال الرحلة». وسرعان ما رد كويلو قائلًا: «انتهيت مؤخرًا من قراءة روايتك الطريق، فالرواية أيضًا تقوم على البحث، ولكن بحث البطل عن والده، أو نستطيع القول إنه يبحث عن الحقيقة، وهو ما كان يفعله بطل رواياتي أيضًا»، ليقول محفوظ بإيجاز وحكمة: «لكل شخص، له أو لها، الكنز، وهم في بحث دائم عنه»، فقال باولو: «الكنز الحقيقي بداخلهم»، ليُعلق محفوط: «بالطبع هذا هو الكنز الحقيقي، وإذا وجده المرء لن يخفق مرة أخرى». سأل كويلو: «هل تناولت موضوع البحث في روايات أخرى؟»، ليجيب محفوظ: "يمكنك أن تجد البحث بمعناه المباشر في رحلة ابن فطومة». بعدها لاحظ باولو علبة السجائر في جيب محفوظ، وقال مبتسمًا: "أنا سعيد للغاية إنك ما زلت تستمتع بالتدخين"، ليقول له الأخير بأسف: "فقط يُسمح لي بسيجارتين في اليوم"، فقال كويلو إن صاحب ال93 عامًا جعله متفائلًا بشأن التقليل من التدخين، وضحك الإثنان مرة أخرى. سؤال آخر وجهه باولو لمحفوظ: «لماذا لم تكتب سيرتك الذاتية بعد؟» فأجاب محفوظ: "كتبت الروايات بدلًا من ذلك". كويلو: "ولكنك كتبت أصداء السيرة الذاتية، وقرأتها مترجمة بالإنجليزية" محفوظ: "هيّ فقط أصداء لما قدمته في الكتب، وليست سيرة ذاتية بالمعني التقليدي، فهي غير مهمة لأحد، وبالتالي فلن أكتبها". وقبل أن يُغادر كويلو قال: "لقد زرت مصر أول مرة عام 1978، وتأثرت برؤية الأهرامات، وهو ما أعطاني الإلهام لكتابة رواية الخيميائي بمجرد العودة إلى البرازيل، وها هيّ زيارتي الثانية لمصر التي قابلتك بها، وهو الحدث الأهم بالنسبة لي، وقد ألهمتني رؤيتك كما ألهمتني الأهرامات في زيارتي الأولى"، ثم قدّم لنجيب ترجمة عربية لرواية الخيميائي وكتب عليها: "إلى من تعلمت منه الكثير". وبدوره قدّم محفوظ لكويلو كتاب "أحلام فترة النقاهة" مترجمًا بالفرنسية، وعندما أقدم كويلو على تقبيل يد الحائز على نوبل، قام الأخير بالانحناء له احترامًا. يذكر أن باولو كويلو روائي وقاص برازيلي ولد في 24 اغسطس 1947 بريودي جانيرو. قبل أن يتفرغ للكتابة، كان يمارس الإخراج المسرحي، والتمثيل وعمل كمؤلف غنائي، وصحفي. وقد كتب كلمات الأغاني للعديد من المغننين البرازيليين أمثال إليس ريجينا، ريتا لي راؤول سييكساس، فيما يزيد عن الستين أغنية. من أهم أعماله الخيميائي ، الجاسوسة، الزانية، أحد عشر دقيقة ، الجبل الخامس ، بريدا، الزهير ، فرونيكا تقرر أن تموت ..وغيرها. باع كويلو أكثر من 150 مليون كتاب حتى الآن،وقد أعتبر أعلى الكتاب مبيعا بروايته 11 دقيقة، حتى قبل أن تطرح في الولاياتالمتحدة أو اليابان، و10 بلدان أخرى. واحتلت الزهير -2005 المركز الثالث في توزيع الكتب عالميا وذلك بعد كتابي دان براون شيفرة دا فينشي وملائكة وشياطين وتعد الخيميائي ظاهرة في عالم الكتابة، فقد وصلت إلى أعلى المبيعات في 18 دولة، وترجمت إلى 65 لغة وباعت 30 مليون نسخة في 150 دولة.