يوما تلو الآخر تثبت الأحداث أن برلماننا مازال في مرحلة المراهقة السياسية ولا يمكنه العبور بالبلاد لبر الامان في مرحلة تحتاج الكياسة والدهاء والقوة فقد عرف البرلمان طريق تفصيل القوانين وسلقها في يوم واحد ضد شخص واحد بل الأدهي اللجوء للمليونيات والاستعانة بالناس حين الحاجة للضغط والترهيب والتهديد والوعيد باشعال نيران الحرب الأهلية في حالة عدم الاستجابة لمطالبهم وتلبية رغباتهم التي تخدم مخططاتهم في السيطرة علي جميع مقاليد الدولة ورغم اني ضد ترشح عمر سليمان إلا أن ترشحه كشف عن الوجه الآخر للجمعيات الإسلامية صاحبة الاغلبية البرلمانية وباتوا يتحركون بمنتهي العصبية والتشدد حينما شعروا بتهديد مكانتهم وان هناك من جاء ليحجمهم ويقف أمام رغبتهم الجامحة للسيطرة الكاملة فلجأوا لكل الحيل والوسائل حتي ولو احتاج الأمر لعودة القوانين الاستثنائية والتي كانت من أكبر افات النظام السابق فخرجوا علينا في يوم واحد بقانون العزل السياسي المفصل لعمر سليمان وأحمد شفيق فأين كان هذا القانون قبل ترشح سليمان؟ وقد كان معروضا عليهم منذ تشكيل البرلمان وكانوا يرفضون خروجه للنور ولماذا كل هذا الرعب من شخص واحد إذا كانوا متأكدين من تأييد الناس لهم وسلامة موقفهم ولماذا لا يتركون الحكم لصناديق الانتخابات كما حدث معهم ألم يأتوا للبرلمان بانتخابات حرة نزيهة مارس الشعب المصري فيها كامل حريته لماذا لا يتركوا الشعب يختار بحرية لماذا يفرضون الوصاية عليه ألم يكونوا أول من نقد العهد بتراجعهم عن عدم ترشيح أي شخص من الجماعة للانتخابات الرئاسية وقدموا مرشحين وليس واحدا؟؟ وماذا سيكون الموقف عندما تحكم الدستورية بعدم دستورية صدور قانون العزل الذي يمنع سليمان من الترشح وهذا أمر حتمي؟ الحقيقة أن موقف النشطاء الحقوقيين وائتلافات الثورة اثبت انهم أكثر خبرة ومعرفة وذكاء من الجماعات الإسلامية فرغم اعتراضهم الكامل علي ترشح سليمان ورفضهم التام لشخصه إلا انهم رفضوا تفصيل القوانين وفتح الباب للقوانين الاستثنائية لقناعتهم بالديمقراطية الكاملة وأن الحرية لا تتجزأ ولا تمنح لشخص وتحرق الاخر وهذا درس قاسي وذكي للبرلمان وجميع التيارات الدينية التي كان أولي بها أن يطبق هذا المنهج وكان يمكنها استغلال الموقف لصالحها واكتساب المزيد من التأييد والاحترام من الشعب كله إلا أنهم وكعادتهم تعاملوا بمنتهي التعصب وطغت رغباتهم في السيطرة الكاملة علي التصرف بحكمة وانتهاز الفرصة فخسروا كثيرا من رصيدهم وافتعلوا جدلاً وحربا خسارتهم فيها أكبر واعظم من مكاسبهم مهما كانت النتائج.. واعتقد أن الأيام القليلة القادمة ستشهد المزيد من الاحتقان والفوضي والجدل الذي سيجرنا بعيداً جدا عن هدفنا الحقيقي في اختيار رئيس قادر علي الخروج بنا خلال هذه الفترة باقل الخسائر.. لا للوصاية علي حرية المصريين ولا للعودة للقوانين الاستثنائية ولا للعودة لما قبل 25 يناير.