يطل علينا عيد القيامة المجيد بإطلاله يحمل الفرح والبهجة والمعانى الروحية النبيلة ويظهر لنا المقاصة الإلهية التى تنطوى عليها الأحداث التى أدت إلى القيامة. هذه الأحداث التى عكست المحبة الفائقة التى أحبت بها الله الإنسان فأعطاه النعمة ونفخ فيه نسمة الحياة، فصار نفسًا حيًا وصارت للإنسان حياة الخلود، ولكن لما أخطأ آدم الإنسان الأول وانحاز إلى عصيان الله وانحرف إلى عالم الخطية، دخل الموت إلى العالم بسببه وصارت الموت هو طريق الأرض كلها، وأصبح آدم بفعل الخطية منفصلاً عن الله، وكان يهرب من وجهه، فعاش الموت وهو لازال على قيد الحياة فى الجسد لأنه ابتعد عن الله الذى هو الحياة نفسها. إن قيامة السيد المسيح له المجد عرفت كأعظم حقيقة شهد لها التاريخ، وكان القبر فارغًا، وظهر المسيح لتلاميذه بجسده المقام ونظروا يديه ورجليه حينما قال لهم «إن الروح ليس له لحم وعظام كما ترون لى» (لو 24 : 39). إن جسده لم يتحلل ولم يتبخر فإذا قد حبل به الروح القدس وولد من العذراء مريم صار ابن الله بالجسد، فضلاً عن بنوته الأزلية ولم يكن هذا التجسد لفترة مؤقتة ولمهمة تنتهى بانتهاء ثلاثة وثلاثين عاماً وثلث، ولكنه حقيقة دائمة لقد أسس نظاماً جديداً فى السماء. إن القيامة بالفعل كانت هى أقوى دليل على ألوهية السيد المسيح له كل المجد، لهذا قال هو نفسه لليهود «متى رفعتم ابن الإنسان فحينئذ تفهمون إنى أنا هو» أى أن البرهان الأقوى على لاهوته سيتحقق عند قيامته من بين الأموات هو عيد إظهار مجد الله لأنه المسيح بسلطانه قهر الموت، وبسلطانه خرج من القبر إذ لم يكن فى مقدور القبر أو الموت أن يمسكه. ---------- كاتب ومفكر قبطى