شباب في عمر الزهور اغتالتهم رصاصات الغدر بدون ذنب دماؤهم سطرت أسماءهم بحروف من نور صورهم مازالت معلقة بالأذهان، وأرواحهم تحلق بميدان التحرير الذي شهد أكبر ملحمة شعبية في تاريخ مصر في اسقاط رموز الفساد لم يمهلهم القدر حتي يروا شمس الحرية تشرق علي مصر قدموا أرواحهم فداء للوطن في يوم 28 يناير كان شاهداً علي هؤلاء الشباب ففي مدينة الحوامدية شهدت استشهاد طالبين كل منهما تمني الشهادة الشاب مصطفي محمد أحمد أبوزيد 17 سنة الذي استشهد يوم جمعة الغضب لم يكن يدري انه مع موعد مع القدر خرج من منزله بدون عودة ترك ذكريات جميلة ومؤلمة لأسرته وأصدقائه اغتالته رصاصات الغدر يقول والده محمد ابو زيد وسط دموعه وأحزاناً: احتسبت ابني مصطفي عند الله ابني كان في الصف الثاني الثانوي وكان متفوقاً دراسيا بالإضافة إلي انه كابتن فريق نادي سكر الحوامدية مصطفي الذي يبلغ من العمر 15 سنة خرج يوم الجمعة للجلوس مع اصدقائه عقب عودته من النادي وجلس معي اليوم كله ولكن في هذا اليوم كانت الابتسامة لاتفارق وجهه ابتسامة كنت أول مرة أشاهدها علي وجهه لكن قلبي كان يحدثني ان هناك شيئاً غير طبيعي سوف يحدث ويستكمل الحديث ويقول: في يوم الحادث الموافق 28 يناير رفضت خروج أبنائي من المنزل وطلبت منهم عدم الخروج لأداء صلاة الجمعة عقب وقوع المظاهرات لكن مصطفي خرج لأداء الصلاة بدون علمي وعقب انتهاء الصلاة عاد مباشرة وجلسنا وتناولنا طعام الغداء وبعدها ارتدي ملابسه الرياضية وتوجه للنادي لاستكمال التمرين وعاد الي المنزل في الساعة الثامنة ليلا وقام بتغيير ملابسه وخرج مرة أخري وهو متعود علي لعب الكرة مع أصدقائه كل يوم جمعة أمام مدرسة أحمد عرابي الابتدائية وعقب الانتهاء من لعب الكرة في الساعة الحادية عشرة ليلا كان هناك بعض المظاهرات التي نظمها بعض الشباب بالمدينة للمطالبة بالحرية مثل باقي القري والمدن التي خرجت في هذا اليوم توجه بعدها مصطفي مع أصدقائه لشراء بعض الماكولات من أحد المحلات الموجودة أمام قسم شرطة الحوامدية والتي تصادف وجود مظاهرة امامه واثناء عودته لأصدقائه اخترقت رصاصة رأسه واستشهد في الحال يسكت الاب قليلا ويدخل في نوبه بكاء عندما تذكر ابنه ويقول: البلدة هادئة تماما لم يتظاهر فيها سوي بعض الشباب الذين تجمعوا امام قسم الشرطة مطالبين بالحرية والمساواة وبعدها قام ضباط القسم بإطلاق القنابل المسيلة للدموع عليهم لتفريقهم وكانت الساعة تقترب من الحادية عشرة ليلا في هذا الوقت كنت في عملي وعقب عودتي للمنزل فوجئت ببعض أصدقائه الذين حضروا للمنزل وأخبروني بالحادث ارتديت ملابسي وتوجهت أنا ووالدته للمستشفي ووجدت مصطفي يرقد علي سرير والدماء تسيل من رأسه انهمرت في البكاء ولكني احتسبته شهيدا عند الله وبعد الحادث حاول بعض الاهالي احراق القسم اثناء خروج الجنازة لكني رفضت وطلبت منهم ضبط النفس ولكن بعض مثيري الشغب من البلطجية قاموا باشعال النيران في القسم. تلتقط والدة الشهيد مصطفي اطراف الحديث بعد ان سيطرت عليها الاحزان وتقول: مصطفي كان يتمني الشهادة وفي يوم الحادث استيقظ مبكرا علي غير العادة وتوجه الي المسجد لأداء صلاة الجمعة بالرغم ان والده طلب منه عدم الخروج من المسجد لكنه غافل والده هو واشقاؤه وتوجهوا الي المسجد وعقب انتهاء الصلاة عادوا الي المنزل تبكي الام بحرقة علي فراق ابنها وتقول: "مصطفي كان يتمني الشهادة اثناء الحديث معي ويقول لي "عارفة يا ماما أنا نفسي اموت شهيد ويارب يكون يوم جمعة كمان " تدخل الأم في نوبة بكاء كلما تذكرت كلام ابنها الشهيد وتقول مصطفي صورته تطاردني في كل مكان وقبل وفاته بعدة ايام اخبرني مصطفي بانه كان يحلم احلاماً جميلة اثناء نومه وقال لي قبل أن يستشهد بعدة أيام "عارفة ياماما اني حلمت نفسي اني عايش في قصر كبير ونفسي اخدكم معايا " وقلت له بلاش يامصطفي تقول الكلام ده يا ابني وانهمرت في البكاء وقبل ان يستشهد قام بتوزيع ملابسه للمسجد والفقراء بدون علمي "أنا فخورة ان ابني استشهد ولكن منذ وقوع الحادث لم يسأل علينا أي شخص بالرغم من قيامنا بإرسال الأوراق الي كافة الجهات وأنا اتهم اللواء حبيب العادلي والقيادات الأمنية الذين أعطوا أوامر بإطلاق الرصاص بطريقة عشوائية. وعلي بعد عدة كيلو مترات من منزل الشهيد مصطفي تقطن أسرة الشهيد أحمد سالمان تغيان في الصف الثاني الثانوي بقرية العزيزية الذي استشهد أثناء عودته من درس يوم جمعة الغضب وأثناء مروره امام قسم الشرطة أصيب بعيار ناري بالبطن ليلقي مصرعه في الحال الأحزان مازالت تخيم علي أسرته تقول والدته : أحمد ابني أصغر ابنائي وله معزة خاصة في قلبي وفي يوم الجمعة خرج من المنزل وتوجه إلي أخذ درس في مادة الإنجليزي وكانت الساعة الثالثة عصرا وأثناء عودته وأمام قسم الشرطة اصيب بطلق ناري عقب قيام ضباط القسم باطلاق الرصاص علي المتظاهرين وفوجئت يوم الحادث ببعض اصدقائه الذين اخبروني باصابة احمد ابني وهرولت الي المستشفي ووجدت احمد في غرفة العناية المركزة وتبين وفاته قبل ان يصل للمستشفي وفي اليوم التالي توجهنا للنيابة لتحرير محضر بالواقعة حتي نتمكن من استلام الجثة ولكن وكيل النيابة طلب مني عدم تحرير محضر ضد اي ضابط وفي تحرير المحضر سوف يقوم باستخراج الجثة لتشريحها وتم دفن ابني بالرصاصة التي اخترقت جسده واتهمت حبيب العادلي وزير الداخلية السابق وقسم شرطة الحوامدية بقتله.. أحمد ابني كان نفسه يبقي دكتور لكن القدر لم يمهله لتحقيق حلمه "أنا اصبحت يتيمة من بعده" وقبل وفاته بيوم قام أحمد بزيارة كل الجيران وأصدقائه وفي يوم الحادث استيقظ مبكرا وكان وجهه مختلفاً عن كل يوم الابتسامة لاتفارق وجهه وقال "عايزة أي حاجة ياست الكل" لكن قلبي كان يحدثني بان هناك مكروهاً سوف يحدث توجهت الي السوق لشراء بعض الطلبات وعقب عودتي تناول طعام الغداء توجه أحمد إلي مدرس اللغة الانجليزية وانتظرته ولكن لم يعد وأخبروني باستشهاد احمد وتبكي الام بحرقة وتقول "كل مرة اقوم بزيارة أحمد في المقابر اشتم رائحة مسك".